إعادة تنظيم «السوق» أوجب مراجعة تشريعات مضى عليها أربعة عقود.. العبسي في حوار مع رئيس التحرير:
أكد الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل أسامة بن عبدالله العبسي أن الهيئة حققت نموًا كبيرًا في إجمالي حجم العمليات المنجزة، مشيرًا إلى أن الهيئة تلقت ما يقرب من 7.5 مليون طلب إلكتروني لمختلف العمليات منذ العام 2007، كما أنجزت الهيئة نحو 2.8 معاملة في فروعها إلى جانب تلقيها نحو 400 ألف تذكرة عبر نظام إدارة العمالة الوافدة (EMS).
أما قطاع الضبط القانوني فقد سجل تناميًا في حجم عملياته إذ بلغ إجمالي عدد الزيارات التفتيشية التي تم تنفيذها ما يربو على 24.000 زيارة تفتيشية في العام الواحد إلى جانب الحملة التفتيشية التي يتم تنظيمها بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة وقد أسفرت عن رصد آلاف المخالفات لأحكام قانون هيئة تنظيم سوق العمل.
وكشف أسامة العبسي عن انتقال الهيئة – بعد إنجازات السنوات العشر الماضية منذ إصدار قانونها عام 2006- إلى مرحلة جديدة من تقديم الخدمات الاقتصادية مبنية على المبادئ الأساسية لاطروحات الإصلاح الاقتصادي التي دشنها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد النائب الأول لسمو رئيس الوزراء في العام 2004، وكذلك مبادئ رؤية البحرين الاقتصادية 2030 التي اعتنت بالقطاع الخاص بوصفه محرك الاقتصاد الأساسي وبالكادر البحريني ذي التعليم والتدريب الذي يجعل منه ذا قيمة مضافة على واقع العمل، بوصفه العنصر الفعَّال في رفع انتاجية السوق، إضافة إلى منح كل مكون من مكونات السوق حقوقه القانونية مع مراقبة واجباتهم القانونية التي ستضمن دون شك أداء دورهم تجاه الاقتصاد البحريني والتنمية بصورة عامة.
وأشار العبسي خلال مقابلة صحفية مع «الأيام» إلى إطلاق النظام الموازي للبحرنة وإلى أهميته في تحفيز مؤسسات القطاع الخاص لتوظيف البحرينيين، كما أشار إلى تدشين النظام المرن الذي سيساهم مساهمة نوعية بمعية الجهود الوطنية المبذولة لمكافحة ظاهرة العمالة غير النظامية والحفاظ على سوق عمل نظيف يتمتع بالمرونة والتنافسية بين جميع أطرافه، وهما مشروعان يدشنان ضمن حزمة مشاريع سيتم تنفيذها ضمن المرحلة الجديدة التي تقف الهيئة على أعتابها.
وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل على أن المرحلة الجديدة بكل خدماتها الهامة التي سيتم تقديمها قريبًا ستتطلب من القطاع الخاص البدء بالتحرك لأخذ زمام المبادرة باعتباره محرك الاقتصاد الأساس الذي ستعتمد عليه الدولة في نموها الاقتصادي، وهذا يتطلب شراكة متينة وتفاعلاً إيجابيًا مع المشاريع المطروحة لتنظيم الواقع الاقتصادي ومكافحة التشوهات في السوق، خصوصا وأننا نعلم بأن تنفيذ مشاريع تنظيم السوق ومعالجة اختلالاته تحتاج دعم وتحمل مسؤوليات من قبل أصحاب العمل باعتبارهم المستفيد الأول من نجاح تلك المشاريع، مؤكدا على أن غرفة تجارة وصناعة البحرين تبدي تعاونًا كبيرًا وهي جزء رئيس في اتخاذ أي قرار خاص بتنظيم شؤون السوق، ونحن نتطلع لزيادة التعاون والتنسيق.
وفيما يلي نص اللقاء:
- شكل تأسيس هيئة تنظيم سوق العمل قبل نحو عقد من الزمن، انطلاقة فعلية لمشروع سمو ولي العهد لإصلاح سوق العمل.. كيف تقيمون ما تحقق من إنجازات وتطور في بيئة العمل؟ وما هي انعكاسات ذلك على السوق البحرينية؟
نعم، أكثر من 10 سنوات مضت منذ صدور قانون رقم 19 لسنة 2006 المعني بتنظيم سوق العمل، الذي حدد صلاحيات الهيئة، أمام هذه الصلاحيات التي حددها القانون باشرت هيئة تنظيم سوق العمل دورها في تنظيم السوق بوضع الركائز والأساسات التي يمكن البناء عليها لخلق سوق عمل منظم، مع رفد مكونات الاقتصاد بالخدمات التي تمكنهم من مجابهة التحديات الاقتصادية إقليميًا ودوليًا.
كما اهتمت الهيئة بتكوين قاعدة بيانات ضخمة للسوق المحلية تعنى بمعلومات أصحاب العمل والعمال حتى بات حجم الوثائق المحتفظ بها إلكترونيا منذ تأسيس الهيئة نحو 20 مليون وثيقة إلكترونية، إلى جانب 11 مليون بصمة للعمالة الوافدة من مختلف الجنسيات العاملة في المملكة، وهو ما يجعل قاعدة البيانات الإلكترونية الخاصة بالعمالة الوافدة الأكبر على مستوى المنطقة، وهذا ما يؤكد ريادة مملكة البحرين على صعيد إصلاحات سوق العمل إقليميًا واتخاذها خطوات شجاعة مبكرة بإمكان دول المنطقة البناء عليها لإنجاز منصة معلومات تجعل من توحيد الإجراءات الخاصة باستخدام العمالة الأجنبية بين دول مجلس التعاون في المستقبل أمرًا يسيرًا.
أما على صعيد الإجراءات فقد تمكنت الهيئة ووفقًا لمبدأ تطوير الخدمات الرسمية التي جاء بها الإصلاح الاقتصادي أن تقدم نموذجًا ناجحًا للتكامل بين الخدمات المقدمة من قبل المؤسسات الرسمية فقد تمكنت الهيئة من دمج ست معاملات حكومية في معاملة واحدة، وهذا أدى إلى تقليص فترة إصدار التصريح من فترة أسابيع وربما أشهر، ليبلغ متوسطها ثلاثة أيام عمل فقط، مع العلم بأن النسبة الأكبر من المعاملات تنجز في أقل من ذلك، علمًا بأن المعدل الذي كانت تسعى إليه الهيئة في بداية تأسيسها والبالغ 10 أيام عمل.
- ما هي الركائز الأساسية لعمل الهيئة؟
بدأنا عملنا انطلاقًا من كون سوق العمل أحد المعطيات الأساسية للتنمية الاقتصادية وليس رافدًا مساعدًا، فكما تحتاج أي عملية اقتصادية إلى تمويل ومواد خام وطاقة، هي بحاجة إلى طاقة بشرية، وإن تعطل أي من هذه العناصر من شأنه أن يعطل أي عملية اقتصادية.
انطلقنا في عملنا في الهيئة من خلال هذه الركيزة ووضعنا نصب أعيننا العمل على تطوير الاقتصاد الوطني وخلق سوق عمل منظم يسمح للاقتصاد بالنمو ويسمح في ذات الوقت لصاحب العمل في أن يحصل على الكفاءات التي يريدها بما لا يخل بعملية النمو الاقتصادي أو فرص توظيف المواطنين في الوقت ذاته.. التوازن في هذه العملية يعد عصب حراك الهيئة في تنظيم سوق العمل.
ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد بأن الدور التنظيمي لسوق العمل والذي تعتبر الهيئة أحد أركانه إلى جانب صندوق العمل «تمكين»، تمكن من كسب ثقة الشارع التجاري والمجتمع البحرينيين بعدما لمس الآثار الإيجابية وانعكاساتها على السوق المحلية، حيث عملت «تمكين» على إعادة ضخ الأموال المستحصلة من قبل الهيئة وتوجيهها نحو دعم المؤسسات العاملة في المملكة وتطوير كفاءة الموظفين البحرينيين، ودعم رواد الأعمال، مما انعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني.
- مشاريع عديدة وخدمات جديدة أنتم بصددها كما أشرتم على سبيل المثال إلى النظام الموازي وتصريح العمل المرن.. فما هي الاستراتيجية التي تعمل عليها الهيئة؟
بعد تأسيس هيئة تنظيم سوق العمل قمنا بمراجعة متفحصة لمنظومة يعمل بها لأكثر من أربعة عقود تقريبًا، فعندما وضعت القوانين المتعلقة بالعمالة الوافدة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي كانت تتعامل وفقًا لظروف تلك الفترة، والتي شهدت اليوم تطويرًا كبيرًا وتغييرًا جذريًا وباتت الأنظمة والقوانين والإجراءات المنظمة للاقتصاد الوطني – على المستوى المنظور – غير مناسبة ولا تتيح للاقتصاد الانطلاق في محيط مليء بالمنافسة والتحديات، وهو ما أوجب على القائمين على الإصلاح الاقتصادي تقديم نظرة جديدة لتطوير السوق، ومده بأدوات النهوض والنمو وفق معايير عالمية حديثة.
لذا فإننا ومنذ بداية تأسيس هيئة تنظيم سوق العمل في 2006 ومباشرة أعمالها في 2008 حرصنا على العمل على أكثر من مسار بشكل مواز، فعملنا على:
- تسهيل وتيسير إجراءات إصدار تصاريح العمل – كما ذكرنا – بما يلبي احتياجات الاقتصاد الوطني بالنحو المطلوب.
- إعادة تنظيم بعض احتياجات سوق العمل وتصحيح أوضاع العمالة.
- إنشاء نظام إلكتروني قوي يحتفظ ببيانات العمالة الوافدة، وتحليل هذه البيانات بصورة دورية.
- استحداث إجراءات وفئات جديدة من التراخيص وتصاريح العمل تناسب التطور الاقتصادي والحاجات الاجتماعية.
كما حرصنا خلال السنوات الخمس الماضية على دراسة هذه البيانات بهدف إعادة توظيفها لاقتراح وتطبيق مبادرات من شأنها خلق حلول دائمة لعدد من القضايا المتعلقة بسوق العمل، ومنها الخلل في مشاريع البحرنة وإشكالية عدم إقبال المواطنين على العمل في عدد من القطاعات، وهو ما يدفع تلك القطاعات لطلب استثناءات وتوقيع تعهدات لتوظيف البحرينيين، وقد أكدت البيانات أن ليس هناك التزام بهذه التعهدات والأسوأ من ذلك لجوء البعض للتوظيف الوهمي، أما القضية الأخرى فهي ظاهرة العمالة غير النظامية أو المخالفة (السائبة) التي يشتكي منها الجميع ومن مخاطرها الاجتماعية والاقتصادية، ناهيك عن تشوه السوق ومعلوماته، رغم تعامل معظم أفراد المجتمع معها بل يجدون صعوبة في الاستغناء عنها، وهو ما يؤكد وجود طلب عليها كما أسلفنا.
وتثميرًا لقاعدة البيانات الضخمة التي تمتلكها الهيئة حيث تعتبر مصدرًا معتمدًا لمعلومات السوق المحلية تمكنت الهيئة من وضع مجموعة من الحلول التنظيمية لسوق العمل والتي تستجيب للمتغيرات الاقتصادية العالمية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر إطلاق النظام الموازي للبحرنة بعد دراسة معمقة لواقع البحرنة وهو المشروع الوطني الذي يحظى باهتمام مباشر من القيادة الرشيدة، حيث تأكد من الدراسة أن الحلول القديمة لتحقيق نسب البحرنة المقررة والمفروضة على القطاعات لا تستطيع الصمود أمام المتغيرات والحاح قضية البطالة وتضاعف مخرجات التعليم، لذا فإن الهيئة بدعم من الحكومة ابتكرت النظام الموازي الذي يمنح البحريني القدرة على المنافسة في السوق المحلية، ودخوله المنافسة من خلال الكفاءة كمعيار رئيس، نحن على ثقة تامة بأن البحريني قادر على حسم هذه المنافسة لصالحة، وذلك باستخدام عنصر التكلفة.
وتقوم فكرة الموازي على إلزام أي صاحب عمل لا يلتزم بنسب البحرنة بتحمل رسم إضافي عن كل عامل أجنبي فوق نسبة البحرنة، تضاف على الرسوم الاعتيادية التي يتم استحدثها عن كل عامل، وبذلك نكون قد حققنا دعمًا للمؤسسات الملتزمة وخلقنا آلية من شأنها أن تعالج مسألة تهاون البعض في توظيف المواطنين، عبر تكلفة إضافية تمنح البحريني ميزة تنافسية عادلة.
من المهم في هذا الموضع أن ننوه بالتزام نحو 60% من الشركات بنسب البحرنة المقررة، في حين تحتاج بعض المؤسسات لتوظيف بحريني أو اثنين لتحقيق النسبة المفروضة عليها، فيما تحرص بعض الشركات على توظيف البحرينيين بنسبة أعلى من المعدلات المطلوبة، وهو ما يعكس كفاءة البحرينيين، وحس المسؤولية التي يتمتع بها أصحاب هذه الشركات، ويقطع الطريق أمام أي تشكيك بمدى كفاءة البحرينيين في العمل متى ما توفرت الظروف المناسبة لذلك.
ومما يجدر التنويه إليه أنه في حال صححت المؤسسات غير الملتزمة بنسب البحرنة وضعها وعمدت إلى توظيف المواطنين وفق النسب المعتمدة لكل قطاع، لتمكنا من السيطرة على البطالة بصورة حاسمة.
أما القضية الأخرى التي عملنا على المساهمة مع جهود الدولة لمعالجتها معالجتها فتتمثل في العمالة غير النظامية (السائبة)، فطيلة السنوات الماضية عملت الحكومة ممثلة في الجهات الحكومية ذات العلاقة على إطلاق فترات سماح لتصحيح أوضاع العمالة غير النظامية كان آخرها في 2015 والتي استمرت 6 أشهر أي منذ يوليو إلى نهاية ديسمبر 2015، تم خلالها تصحيح أوضاع 51 ألف عامل تقريبًا، منهم من فضل مغادرة المملكة ومنهم من انتقل إلى صاحب عمل جديد، إلا أن المفاجأة تمثلت في عودة أرقام العمالة غير النظامية إلى مستويات مقاربة لما كانت عليه قبل فترة السماح، هذه المشكلة وتجددها دفعنا إلى البحث في هذه الظاهرة من جميع جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغيرها، تمهيدا لوضع تصور متكامل يعالجها.
وبتحليل البيانات أكدت دراستنا أن:
- السوق المحلية تطلب هذا النوع من العمالة العرضية والمؤقتة وهو ما يسهم في زيادتها رغم الحملات والإجراءات التي تقوم بها الجهات الحكومية ومنها هيئة تنظيم سوق العمل.
- مزاحمة العمالة غير النظامية للعمالة البحرينية والعمالة الوافدة النظامية بعدد من المهن والأعمال المختلفة.
- ظهور مشاكل اجتماعية تنشأ من وجود هذه العمالة تتمثل في عشوائية تواجد هذه الفئة خارج القانون والتنظيم لتواجدها خارج الأطر القانونية.
ولكي نمنح الدولة الظروف المناسبة لنجاح مشاريعها التصحيحية للقضاء على ظاهرة العمالة السائبة، وجدنا أنه يجب تجفيف منبع الإشكال وهو بوابة الطلب المفتوحة من جهة الاقتصاد، وهذا يتطلب حلولاً شجاعة يشترك في دعمها كل الأطراف وفي مقدمتها أصحاب العمل والقطاع الاعلامي أيضا.
وعلى إثر هذه الحقائق خرج مشروع تصريح العمل المرن كحل اقتصادي واقعي وعملي بعد دراسة تفصيلية لإشكالية العمالة المخالفة (السائبة) يتكفل بمنح السوق حاجته من العمالة العرضية وبصورة قانونية منظمة تمنحنا القدرة على مراقبة مخرجاته وتداعيات وجود هذه الفئة عبر رصد فصلي لوجودها، بعد استكمال المشروع تغذيته لحاجة السوق سيتضح الهامش الذي يسبب التشوهات في السوق المحلية من العمالة المخالفة (السائبة) حينها ستكون إجراءات الدولة تجاهها مبنية على توقعات علمية من المؤكد أن تأثيرها سيكون حاسمًا وواضحًا وقابلاً للقياس.
يشار إلى أن التصريح المرن هو تصريح تصدره هيئة تنظيم سوق العمل للعامل الأجنبي لمدة سنتين، حيث تقوم فكرته على توفير خيار قانوني جديد أمام أصحاب العمل لاستخدام العمالة الموجودة في البحرين وهي تقع حاليا ضمن نطاق العمالة المخالفة، يهدف هذا الأمر إلى سد حاجة طلب السوق الذي تغذيه هذه العمالة في الوقت الحالي بصورة غير قانونية تعرض الجميع للمحاسبة، وسيمكن هذا الخيار القانوني أصحاب العمل من الاستعانة بعمالة مؤقتة قانونية بإمكاننا تنظيمها وفق طبيعة عملها مما يسهل على كل قطاع أو رب منزل تحديد ما يريد منها وفق حاجته. في أية مهنة لا تتطلب ترخيصًا احترافيًا لمزاولتها، علمًا بأن هذا التصريح لا يسمح به للعمالة الهاربة كما لا يقبل هذا النظام انتقال العمال من صاحب عمل حالي ليصبح ضمن فئة العمالة المرنة.
كما تمت مراعاة جميع الاعتبارات القانونية والإنسانية والاجتماعية للنظام الجديد بهدف إتاحة قنوات جديدة لمعالجة ملف العمالة غير النظامية، وتمت دراسة الشروط والمتطلبات الكفيلة بتحقيقه لأهدافه دون الإخلال بالنظام العام في المملكة.
وسيتم إصدار تراخيص العمل في هذا النظام بمهنتين فقط هما (عامل مرن) و(عامل ضيافة مرن) حيث أن الأخير يختص بالعمالة التي ستعمل في قطاع المطاعم والفنادق والصالونات وغيرها من المهن التي تحتاج إلى فحص طبي خاص.
وستصدر الهيئة للعمالة المرنة بطاقة تعريفية خاصة تتضمن صورة العامل وبياناته ونوع ترخيصه، ومدة سريان التصريح، بما يمكن التاجر والمواطن التعرف على الوضع القانوني لهذا العامل والتعاقد معه دون مخالفة القانون، كما ستوفر هذه البيانات على الموقع الإلكتروني للهيئة.
وستلزم العمالة الراغبة في الدخول ضمن هذا النظام بإيداع مبلغ تأمين لشراء تذكرة سفر إعادتها لبلدها، إلى جانب الرسوم المعتمدة في المملكة لإصدار تصريح العمل، يضاف عليها رسم شهري قدره 30 دينارًا، علاوة على تحديد منطقة سكنه وإلزامه بتثبيت آلية التواصل مع الهيئة.
ومن خلال هذا النظام الذي سيتم انجاز مقره بكافة متطلباته اللوجستية ونظامه الإلكتروني وقوائم العمال الذين تنطبق عليهم شروط الاستفادة من المشروع وطاقمه الإداري في الأسابيع المقبلة، تمهيدا للبدء في استقبال المستفيدين منه بعد اعتماد كافة اللوائح القانونية المنظمة من قبل الحكومة، كما أننا سنحرص على إخضاع المشروع وما ينتج عنه للمراجعة الدقيقة بصورة دورية للتأكد من كفاءته بهدف سد الثغرات وتقويم المسار إذا تطلب الأمر بعد التجربة العملية للتنفيذ، وسنكون بذلك وفرنا خيارًا قانونيًا لأصحاب العمل ويمنح المرونة الكافية للقطاع الاقتصادي دون الإخلال بالنظام الاقتصادي المحلي العام، وبما يحفظ ويلبي الطلب الذي كانت تغذيه العمالة المخالفة داخل المجتمع، كما أننا نكون قد حققنا كافة الجوانب الحقوقية والإنسانية للعمالة بدءًا من العمل بصورة قانونية وتوفير الرعاية الصحية وغيرها.
- ذكرتم أن الهيئة بصدد تطوير نظام إصدار رخص العمالة المنزلية.. فما هي هذه التطورات؟
من المعروف أن هيئة تنظيم سوق العمل بدأت بتحمل مسئوليتها القانونية في إصدار تصاريح العمل الخاصة بالعمالة المنزلية ومن في حكمها في سبتمبر 2014، وقد حرصت الهيئة على تسهيل إجراءات إصدار الرخص للمواطنين من خلال تقديم خدماتها من عدد من الفروع المنتشرة في مختلف محافظات المملكة تسهيلاً على المواطنين دون إدخال أي تغيير في الإجراءات.
وقد تم خلال السنتين المنصرمتين تنقيح بيانات العمالة المنزلية ومن في حكمهم، واليوم نستعد للقيام بتطوير الآليات وضمها إلى نظام العمالة الوافدة EMS، حيث سيتم الحصول على بصمات هذه العمالة بمجرد وصولها إلى مملكة البحرين وحفظها وتحديد موعد الفحص الطبي، كما سيتم إتاحة إمكانية تقديم طلب الحصول على العمالة المنزلية إلكترونيًا واختصار هذه المعاملات لدى مختلف الجهات، وبهذه الإجراءات الجذرية نعتبر دخلنا مرحلة جديدة لشكل ومضمون الخدمة المقدمة للناس على صعيد العمالة المنزلية ليتمكن رب الأسرة من إصدار رخصة العمل من بيته إلكترونيا، وسيكون هناك بالطبع دليلا إرشاديا للعمالة المنزلية.
- تلتزم مملكة البحرين بعدد من الاتفاقيات الدولية الخاصة بالعمالة الوافدة وحقوقها الواجبة.. فما هو دور هيئة تنظيم سوق العمل في هذا المجال؟
البحرين سباقة في تطوير بيئتها التشريعية والقانونية، بما يتوافق وينسجم مع المواثيق والمعايير الدولية، وقد حرصت على توقيع العديد من الاتفاقيات التي تحفظ حقوق الأفراد والمساواة بينهم دون النظر إلى اللون والجنس وهذا يعتبر جزءًا أصيلاً من الثقافة المجتمعية في مملكة البحرين، المرتكزة أساسا على المساواة بين جميع البشر بغض النظر عن أية تمايزات، وقد تكللت تلك الجهود بإصدار قانون مكافحة الإتجار بالأشخاص في العام 2008.
أما بالنسبة لهيئة تنظيم سوق العمل فقد حرصنا على العمل في مسارين متوازيين يكمل كل منها الآخر، حيث ركزنا على توجيه المجتمع بحقوق وواجبات العمالة الوافدة بما يشمل العمالة المنزلية من خلال إطلاق نسختين من جائزة البحرين للوعي المجتمعي اهتمت النسخة الأولى بالتوعية بأهمية دفع أجور العمالة المنزلية في وقتها، فيما طرحت النسخة الثانية ملف حسن العمالة تحت شعار «عاملوهم بإحسان».
وقد ركزت المسابقة على تحفيز الشباب البحرينيين والخليجيين والمقيمين في دول الخليج على إنتاج مواد إعلامية (أفلام قصيرة أو بوسترات) تعالج موضوع المسابقة، على أن يقوم الشباب بالترويج لهذه الأعمال بأنفسهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، قد نجحت المسابقة التي حظيت برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة في تحفيز الشباب على تقديم الأعمال المتنوعة والتي فاقت 100 عمل كما حظيت فئة الأفلام منها بمتابعة تفوق المليون مشاهدة عبر قناة الهيئة على اليوتيوب من 200 دولة مختلفة، كما استقطب موقع الجائزة زيارات ومتابعات جماهيرية في عدة دول كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ودول مصدرة للعمالة كجمهورية الهند.
وقد حصدت المسابقة على إشادات من منظمات دولية أبرزها تقرير وزارة الخارجية الأمريكية بشأن مكافحة الإتجار بالبشر مما أسهم في إبراز دور المملكة في مجال حقوق الإنسان وقد انعكس ذلك إيجابًا على تصنيف المملكة في تقرير الخارجية الأميركية في هذا المجال، كما حصدت على التقدير من المنظمة الدولية للهجرة التي اعتبرت البحرين نموذجًا عالميًا لأفضل الممارسات للعمالة الوافدة.
أما المسار الثاني فتمثل في تأسيس الهيئة في نهاية العام 2015 مركزًا لحماية ودعم العمالة الوافدة، يعد أول مركز شامل لتقديم الخدمات الوقائية والإرشادية للعمالة الوافدة في المنطقة، ويتضمن مركز إيواء للضحايا أو الأشخاص المحتمل تعرضهم لعمليات إتجار، تشرف عليه اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص بدعم من الهيئة، وتبلغ الطاقة الاستيعابية لمركز الإيواء المجهز وفقا للمواصفات الدولية نحو 120 فردًا من الجنسين مع إمكانية زيادتها إلى 200 فرد في حال الضرورة.
ويتمتع المركز بخط تواصل مباشر مع عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة (وزارة الداخلية، وزارة العدل، وزارة العمل، وغيرها)، وسفارات الدول المصدرة للعمالة، إلى جانب دور العبادة بمختلف الأديان، ونوادي الجاليات الأجنبية، وغيرها، ويسعدني من خلال هذه اللقاء أن أعلن بأن الهيئة والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان قد توصلتا لاتفاق بأن تفتح المؤسسة مكتبا لها ضمن هذا المركز لتكتمل بذلك الخدمات التي توفرها الدولة لحماية الضحايا من العمالة الوافدة.
كما أطلقت الهيئة مؤخرًا نظام الإحالة الوطني وهو الأول من نوعه في المنطقة، ويتضمن جانبين هما التنظيمي والإجرائي لعمل نظام الإحالة الوطني، حيث يشتمل الجانب التنظيمي على المسؤوليات والاختصاصات وعمل اللجان والجهات المعنية ذات الصلة، أما الجانب الإجرائي فهو يشتمل على الخرائط التدفقية للعمليات والمسؤول عن كل إجراء والنماذج المستخدمة متسلسلة تباعا لورودها في العمليات، مما يسهل فرز الحالات المتقدمة في أقل من نصف ساعة فقط.
- ما هي أبرز الإنجازات الرقمية لهيئة تنظيم سوق العمل؟
حققت الهيئة نموًا كبيرًا في إجمالي حجم العمليات المنجزة، مشيرا إلى أن الهيئة تلقت ما يقرب من 7.5 مليون طلب إلكتروني لمختلف العمليات من بينها 5.7 مليون طلب يتعلق بالعمالة (إصدار، تجديد، إلغاء أو انتقال)، فيما بلغ مجموع المبالغ التي استحصلتها الهيئة منذ العام 2008 ما يقارب 780 مليون دينار، حيث تقوم الهيئة بتحويل 80% من رسوم العمل إلى صندوق العمل «تمكين» ليتم إعادة ضخها في السوق من خلال دعم المؤسسات ورفع كفاءة القوى العامل الوطنية وتأهيليها إلى مستويات متقدمة، فيما يتم تحويل 20% من رسوم العمل إلى وزارة المالية، كما تقوم الهيئة بدءا من العام 2015 باستحصال رسوم الرعاية الصحية عن العمال الأجانب وتحويلها إلى وزارة الصحة.
كما أجرت الهيئة نحو 2.8 معاملة في فروعها فيما بلغ إجمالي عدد البصمات الإلكترونية للعمال الأجانب التي تم تسجيلها في المطار وفروع الهيئة ما يزيد على 1.4 مليون بصمة.
أما قطاع الضبط القانوني فقد سجل تناميًا في حجم عملياته إذ بلغ إجمالي عدد الزيارات التفتيشية التي تم تنظيمها ما يربو على 24.000 زيارة تفتيشية في العام الواحد إلى جانب الحملات التفتيشية التي يتم تنفيذها بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وقد أسفرت عن رصد آلاف المخالفات لأحكام قانون هيئة تنظيم سوق العمل.
أما فيما يتعلق بالعام الماضي تحديدًا (2016) فقد استمر الاقتصاد الوطني في النمو مع ارتفاع الطلب على الأيدي العاملة حيث زاد إجمالي القوى العاملة بنسبة 8.6% مقارنة مع 2015.
وقد بلغ مجموع تصاريح العمل الجديدة التي أصدرتها الهيئة العام الماضي – باستثناء الملتحقين بالعمالة الأجنبية، بلغ 198.776 تصريح عمل، منها 196.466 تصريحًا لفئة العمالة، كما تم تجديد 239.043 تصريحًا، منها 236.352 تجديدًا لفئة العمالة.
وباشرت الهيئة إجراءات البت في 42.868 طلبًا لانتقال العمالة الأجنبية خلال العام 2016، وقد بلغ عدد الطلبات التي استوفت إجراءات الانتقال وفقا للضوابط والاشتراطات 30.298 طلبًا.
وفيما يتعلق بالزيارات التفتيشية فقد سجلت الهيئة رقميا قياسيا في أعداد الزيارات التفتيشية خلال العام الماضي بلغت 24.478 زيارة تفتيشية شملت كافة محافظات المملكة.
- من الملاحظ أن عمل هيئة تنظيم سوق العمل يتقاطع مع العديد من الجهات الحكومية.. كيف تنسقون عمل هذه الجهات؟
كما تعلمون فإن إصدار تصاريح العمل وضبط سوق العمل يتطلب جهودا من قبل العديد من الوزارات الحكومية، خدمة للهدف الأسمى وهو تعزيز وإصلاح سوق العمل ليكون جذبًا للاستثمار ويحقق رؤية سمو ولي العهد في إيجاد سوق عمل يتمتع بالتنافسية والمرونة والعدالة، ولذلك اعتمدت هيئة تنظيم سوق العمل نظام المعاملة الواحدة واستقطب ممثلين عن عدد من الوزارات المعنية بإصدار التصاريح وهي وزارة الخارجية، الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة، الجهاز المركزي للمعلومات، وهيئة التأمين الاجتماعي.
وتجدر الإشارة والتنويه إلى التكامل والتعامل بين الجهات الحكومية للعمل كجهاز حكومي واحد، حيث تعد العلاقة بين الهيئة ووزارة الداخلية نموذجًا لمثل هذه لعمل، حيث تحظى الهيئة بدعم مباشر من الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية كما ان وزارة الداخلية بكل قطاعاتها تقدم كل المساندة لإنجاح مشاريع الهيئة ودعم الوزارة ليس مقتصرًا على مشروع مكافحة العمالة غير النظامية (السائبة)، حيث وصلنا من التعاون بحيث نقدم خدماتنا مشتركة من نافذة واحدة ووفق نظام إلكتروني متآخٍ وقد اصبح هذا التعاون النموذج الناجح للعلاقة بين المؤسسات الرسمية التي تقدم خدمات للمواطنين.
كما تم تسخير إمكانيات الهيئة في التعاون مع وزارة الصحة في تطبيق قرار وزير الصحة رقم 29 لعام 2014 رقم 29 لسنة 2014 بشأن تحديد وتنظيم الرعاية الصحية الأساسية لعمال المنشآت والذي صدر تنفيذا لحكم المادة 172 من قانون العمل في القطاع الأهلي، حيث تقوم الهيئة بالنيابة عن وزارة الصحة باستحصال رسوم الرعاية الصحية عن العمالة الوافدة.