أكدت فعاليات حقوقية جائزة البحرين للوعي المجتمعي «إنسان» دليلاً دامغاً على مدى تزايد إدراك البحرينيين بضرورة تعزيز القيم الإنسانية من صون الحقوق والعدالة والتسامح والتعايش السلمي. وأوضحت الفعاليات الحقوقية لـ «بنا» أن إشراك فئة الشباب بالجائزة يساهم في توعية المجتمع بحقوق وواجبات العمالة الوافدة، خاصة وأن الشريحة الأكبر من المجتمع البحريني هي من النشء.ورأت الفعاليات أن التركيز على فئة العمالة المنزلية خيار موفق من القائمين عليها لاسيما وأن الخدم يواجهون عدة تحديات لا تقتصر على الالتزام بدفع أجورهم فقط بل تشمل كذلك سوء المعاملة واختلال معادلة الحقوق والواجبات مع أرباب المنازل.
من جانبه قال عضو المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان المستشار القانوني فريد غازي إن الجائزة ترسي قيماً نبيلة وسامية أكد عليها ديننا الإسلامي، فضلاً عن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وأوضح غازي أن الجائزة عندما تلقي الضوء على التعامل الإنساني مع من يخدم المنازل، فهي تسلط الضوء على قضية اجتماعية مهمة جداً في المملكة، وبالتالي الاهتمام بهذه الفئة سيؤدي إلى القضاء على العديد من السلبيات. وبين أن الشباب دائماً يمثلون ركيزة المجتمع فمتى وصلت التوعية للشباب لكي يهتموا بهذه القيم الإنسانية، سنجد مستقبلاً المجتمعات تتعافى، مما قد يتعرض له خدم المنازل من أخطار وأخطاء تنتج عنها جرائم ومآس حقيقية يمكن تلافيها بزراعة القيم الإنسانية لدى النشء.
بدوره، قال رئيس جمعية الحقوقيين البحرينية عبدالرحمن غنيم إن فكرة الجائزة بحد ذاتها تعتني بالربط بين القوانين المنظمة للعمل والتي في أساسها الإنسان بالمقام الأول «العامل»، وبالتالي فهي جزء لا يتجزأ من حق الإنسان وبعموم أحكام قانون العمل، فلا يمكن فصلها عن حقوق الإنسان في ممارسة عمله بحرية ومقابل أجر يضمن له معيشة وحياة إنسانية كريمة. وبين أن موضوع الجائزة يرتبط بفئة من العمالة تحتاج إلى رعاية خاصة من الدولة في المقام الأول ومن المواطنين في المقام الثاني، على اعتبار أن خدم المنازل هم الحلقة الأضعف دائماً في علاقة العمالة والروابط الإنسانية، خاصة وأن الواقع العملي لحصول خدم المنازل على أجورهم لا يخضع لرقابة قانونية فيما يتعلق بإثبات واقعة حصول الخدم على أجورهم. وأضاف أن كثيراً من الأحيان يحتفظ رب العمل بأجور الخادم أو الخادمة طوال مدة العمل ولا يلتزم بالوفاء بها حتى يضمن عدم هروب الخادمة، وبالتالي يعد ذلك إخلالاً بعقد عمل الخدم، فضلاً عن أنه يعتبر خروجاً صارخاً لحق من حقوق هذا الخادم في الانتفاع بأجره سواء الإنفاق به على نفسه أو إرساله إلى ذويه الذين قد يكونون في حاجة إلى الأجر والذي من أجله سعى الخادم أو الخادمة إلى الهجرة أو العمل.
ولفت إلى أن الغاية من الجائزة تثقيف أبنائنا من الشباب في وعيهم بحق هؤلاء الخدم للحصول على أجورهم والتعامل معهم بشكل إنساني، حتى يمكن لهم في المستقبل أن يحققوا الغاية الأساسية من التعرف بأحكام القانون وبحقوق هؤلاء الفئة، وضرورة الوعي بحسن التعامل معهم، وبذلك يمكن لهذه الجائزة أن تحقق هدفين: الوعي التثقيفي للشباب، وحماية حقوق هذه الفئة الضعيفة.
من جهته، قال عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الحقوقيين العرب المستشار عبدالجبار الطيب أن أكبر مشكلة تواجه العمالة المنزلية في معظم الدول عدم وجود تنظيم قانوني، سواء أكان تشريعاً في البرلمان أو لوائح من السلطة التنفيذية لكي تنظم وضعهم.
وأضاف أنه في ظل وجود الفراغ التشريعي فإن خدم المنازل ومن في حكمهم قد يتعرضون للكثير من المشكلات، وخصوصاً تلك المتعلقة بدفع أجورهم واستحقاقاتهم المالية من قبل من يخدمون عندهم، فقد يستغل أرباب العمل وجود الفراغ التشريعي ولا يقابلون العمل والجهد الذي تحصلوا عليه من خدمهم بما هو مطلوب لهم من أجر، لذلك نجد الآن أن الأمم المتحدة تنادي بضرورة إيجاد الحلول النهائية لهذه المشكلة. واعتبر أن البحرين من الدول الفتية بأعداد شبابها وفق المقاييس العالمية للسكان، وبالتالي يقع على الشباب مسؤولية كبيرة في استغلال مهاراتهم ودورهم الكبير في نشر الوعي عبر مبادرات شبابية لحل هذه المشكلة، أو دعوة سلطات الدولة على إيجاد الحلول النهائية لهذه المشكلة التي إن تفاقمت ستؤدي إلى تداعيات سلبية أمنية واجتماعية واقتصادية.