مدينة عيسى – حسين الوسطي
أكد وزير العمل جميل حميدان – خلال مجلسه الشهري أمس الخميس (5 يوليو/ تموز 2012) بمقر الوزارة بمدينة عيسى – أن وزارته تدعم مبدأ التعددية النقابية، مشدداً على الالتزام بما ينص عليه القانون في هذا الشأن.
وأوضح أن موضوع التعددية النقابية يعد من الموضوعات الجديدة على البحرين، والعمال بحاجة إلى التعرف أكثر على الجوانب القانونية لهذا الموضوع، داعياً إلى التأني في ذلك وتجنب أية تجاذبات سياسية أو فئوية.ورداً على سؤال لـ «ألوسط» عما يثار من اختلافات قانونية بخصوص توجه مجموعة من النقابات لتشكيل اتحاد عمالي جديد، أجاب الوزير: «إن الوزارة ملتزمة بتطبيق القانون»، وأعلن عن تقدمه بمقترح للجهات العليا في البحرين من أجل تشكيل فريق قانوني يتولى تفسير أي رأي قانوني بشأن أية خلافات في تفسير القوانين سواءً في الفترة الحالية أو المستقبلية.
وتقضي المادة الثامنة من المرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام قانون النقابات العمالية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002 بأنه «يجوز لكل نقابتين أو أكثر من النقابات العمالية المتشابهة أن تنشئ فيما بينها اتحاداً نقابياً، ويكون إنشاء الاتحاد النقابي والانضمام إليه بعد موافقة أغلبية أعضاء الجمعية العمومية للنقابة العمالية»، وأثارت هذه المادة جدلاً بين وزارة العمل وعدد من النقابات التي تعتزم تشكيل اتحاد عمالي يحمل اسم «الاتحاد الحر لعمال البحرين»، وذلك في ظل انضمام نقابات غير متشابهة لإطلاق هذا الاتحاد، إلى جانب وجود رفض في كثير من النقابات لخطوة الانسحاب من الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين.
وأوضح حميدان أن وزارة العمل تقف على مسافة واحدة من الجميع، وبأنها ليست طرفاً في اي اختلاف ينشأ في وجهات النظر بين العمال أو منظماتهم النقابية لكونها تؤمن بأن هذه المنظمات عبارة عن مؤسسات مستقلة وليست دوائر تابعة للوزارة، وأن العمال لهم كامل الحق والحرية في اختيار نقاباتهم وممثليهم دون أي تدخل من الوزارة، هذا في حين أن الوزارة تشجع على التنافس الشريف والبناء الهادف إلى تحقيق المصالح العليا لمملكة البحرين.
وأكد حميدان على الدور المحوري الذي تلعبه النقابات العمالية، سواء في ترسيخ العلاقات الإيجابية في بيئة العمل خصوصاً أو في التنمية الاقتصادية عموماً، مضيفاً بأن دعم وتطوير العمل النقابي يشكل عنصراً أساسياً ضمن مسيرة الإصلاح الشامل، الذي أطلقه جلالة الملك، وتبنتها ورعتها الحكومة من أجل خدمة المصالح الحيوية لمملكة البحرين، فضلاً عن تطوير العمل وتوسيع آفاق الحوار والتعاون البناء في المنشآت بعيداً عن مظاهر الفرقة والانقسام.
وأضاف بأن المستوى المتقدم الذي بلغته البحرين في ترسيخ الحريات النقابية جعل منها موضع اهتمام وتقدير من قبل المجتمع الدولي وبأن القيادة الرشيدة حريصة على المحافظة على هذا المستوى وهذه السمعة الدولية الطيبة بل والارتقاء بها إلى مستويات أعلى كذلك.
تجميد «رسوم العمل»
ولفت حميدان، في المجلس الشهري، إلى أن قرار مجلس الوزراء الأخير بشأن استمرار تجميد رسوم هيئة تنظيم سوق العمل حتى نهاية العام الجاري، يعكس مدى اهتمام القيادة بالقطاع الخاص وتهيئة المناخ الملائم للقيام بدوره في دفع مسيرة العجلة الاقتصادية والتجارية، مؤكداً أن وقوف الحكومة مع القطاعين الاقتصادي والتجاري في مواجهة التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية التي تنعكس على سوق العمل المحلي كان ولايزال له بالغ الأثر في تخطي الصعاب التي تؤثر على تماسكه ونموه واستقراره.
وفي سؤال لـ «الوسط» بشأن احتمال تأثر برامج صندوق العمل «تمكين» جراء تجميد رسوم سوق العمل، طمأن الوزير بأن برامج «تمكين» لن تتأثر جراء ذلك، خصوصاً مع وجود فائض من الأموال لإدارة هذه البرامج، كما أن البرامج التي تنفذها «تمكين» في الفترة الحالية مرصودة ضمن الموازنة الخاصة بهذا العام.
وأشار إلى أن «مجلس الوزراء سيتسلم بحلول نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 دراسة متكاملة عن رسوم سوق العمل، وستركز هذه الدراسة على أوجه دعم برامج «تمكين» في ظل تجميد رسوم سوق العمل، وذلك لضمان استمرارية هذه البرامج التي تخدم مختلف شرائح المجتمع البحريني».
معالجة ملف المفصولين
وذكر حميدان أن الوزارة أولت ولاتزال تولي أهمية بالغة لاستقرار وتطوير سوق العمل وأن هذه الأهمية قد تضاعفت مؤخراً، جراء التركيز على معالجة تداعيات المرحلة الصعبة التي مرت بها المملكة، وما اتخذته من إجراءات ضرورية لتنفيذ توجيهات جلالة الملك، وكذلك سياسة الحكومة برئاسة سمو رئيس الوزراء، وبمؤازرة سمو ولي العهد، في العمل على معالجة ملف العمال المفصولين وفقاً للقوانين والأنظمة المتبعة، وبما يصون حقوق الجميع في إطار دولة القانون والمؤسسات وإنجازات هذا العهد الزاهر.
وأضاف أن الوزارة حرصت على تعزيز الثقة في العامل البحريني، فضلاً عن تقوية اللحمة الوطنية والتأكيد على استمرار التعاون والتآلف بين أطراف الانتاج الثلاثة لكي يعمل الجميع في بيئة عمل صحية ومحفزة على تحسين الإنتاج ودعم التنمية الاقتصادية، وخاصة أن بيئة العمل والعلاقات العمالية التي تسود في المنشآت تمثل عاملاً أساسياً من عوامل تعافي المجتمع من تأثيرات الظروف الصعبة ونشر قيم التسامح والتعاون والتعايش في المجتمع ككل.
وأشار الوزير في حديثه إلى أن الوزارة تعتبر قيمة العمل أحد أهم القيم الإنسانية الواجب ترسيخها بين جميع الشرائح الاجتماعية، ومن هذا المنطلق فإن الوزارة تحرص، ومن خلال الشراكة بين أطراف الإنتاج الثلاثة، على تشجيع وتحفيز إرادة الخير والإصلاح، ودعم جهود الحوار والتعاون البناء ومعالجة الاختلافات في وجهات النظر بروح التسامح وتقبل الآراء المخالفة، بدلاً من التباعد وتوسيع شقة الاختلاف والتعصب في الرأي.
وقال حميدان بأن إنجازاتنا المشتركة المتحققة في معالجة ملف المفصولين ليست إلا صورة مصغرة للتعاون الإيجابي الأشمل والأكبر، سواء بين الشركاء الاجتماعيين أو بين مختلف مكونات المجتمع البحريني، والذي بات بحاجة إلى المزيد من المبادرات الخيرة الهادفة إلى تعزيز التعاون والإخلاص وبذل الجهود الهادفة إلى مد مظلة التسامح والإخاء والعطاء من أجل الخير والنماء لهذا الوطن الغالي.
قانون العمل الجديد
وعلى صعيد الإنجازات التي حققتها الوزارة في مجالات التوظيف والتدريب وإصلاح سوق العمل والارتقاء بقنوات التعاون بين الشركاء الاجتماعيين، قال حميدان إن الوزارة تعمل حالياً على وضع تصورات لمشروعات كبرى ستحدث نقلة نوعية في سوق العمل، من أبرز معالمها قرب صدور قانون العمل الجديد والذي يعد أحد أهم التشريعات التي تنظم العلاقة بين أطراف الإنتاج الثلاثة ويساهم في تحقيق المزيد من التوازن الاقتصادي والاجتماعي، فضلاً عن الحفاظ على استقرار سوق العمل ودفعه نحو تحقيق المزيد من التقدم الاقتصادي.
وأضاف بأن قانون العمل الجديد يأخذ في اعتباره التطورات والمستجدات التي شهدتها سوق العمل منذ إصدار قانون العمل الحالي قبل أكثر من ثلاثة عقود، علاوة على أنه يعالج المزيد من المجالات الخاصة بتنظيم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، ومنها المفاوضات الجماعية وعقود العمل الجماعية وتحديد التعويضات المستحقة للعمال عند قيام أصحاب العمل بفصلهم بدون مسوغات قانونية، هذا فضلاً عن وضع نظام للتقاضي في الدعاوى العمالية يساهم في سرعة الفصل فيها.
البحرنة النوعية
وتحدث حميدان عن نسبة البحرنة، مبيناً أن وزارة العمل باتت تتجه إلى البحرنة النوعية، بما في ذلك تطوير برامج التدريب والتأهيل المهني والتوظيف الهادفة إلى تحسين نوعية الوظائف ورفع مستوى الأجور وتحسين بيئة العمل، مشيراً إلى أن تحقيق تلك الأهداف الطموحة يستلزم صياغة مبادرات جديدة وإعداد آليات مبتكرة قادرة على مواجهة تحديات انكماش الوظائف في حالات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، مضيفاً أن المحافظة على معدلات البطالة في المستويات الطبيعية والآمنة تتطلب الارتقاء إلى مستوى تحديات سوق العمل وبأنماط جديدة من التفكير والعمل.
وأشار إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تعاني من مشكلة إغراق أسواقها بالعمالة الأجنبية، وبالتالي فإن وضع حد أدنى للرواتب يعد من الأمور الصعبة، وذلك في ظل الاتفاقات التي تربط بين هذه الدول، إلى جانب وجود اعتبارات تحدد التوجهات في مستوى الرواتب.
وكمثال على المبادرات الجديدة التي ترتقي إلى مستوى التحديات، أشار إلى مشروع تطوير المعايير المهنية الوطنية لمملكة البحرين، والذي يهدف إلى تنظيم سوق العمل بآليات متطورة وغير مسبوقة، ويضع لأول مرة معايير مهنية محددة يتم الالتزام بها في مجال التأهيل والتدريب واختبارات المهارة وإصدار واعتماد الشهادات.
من جهته، تحدث رجل الأعمال عادل فخرو عن أن القطاع الخاص مهتم بدعم مشروع البحرنة، غير أنه تحدث عن معوقات تواجه شركات القطاع الخاص في ظل عدم توافر العمالة البحرينية في بعض التخصصات.
ورداً عليه، ذكر حميدان أن وزارة العمل لا تطلب أية أمور تعجيزية من أصحاب الأعمال فيما يخص نسبة البحرنة، ولفت إلى أن نظام التعهد الذي تعتمده وزارة العمل مرن في هذا الخصوص، فإذا كان البحريني غير موجود فإن الوزارة تعتبر هذا الشرط غير متوافر وبالتالي لا تعطل أية إجراءات، ويكون ذلك من دون إكراه أو ضغط وهي معادلة عادلة، مؤكداً أن الوزارة ستضع المزيد من التسهيلات لدعم رجال الأعمال، وخير دليل على ذلك تجميد رسوم سوق العمل بغرض تجنيب رجال الأعمال أية صعوبات قد تواجههم.
إلى ذلك، انتقد رجل الأعمال سمير ناس الحديث عن وضع نسبة للبطالة في البحرين في ظل وجود عمالة أجنبية تحتل نصف الوظائف في البحرين، فيما تحتل العمالة البحرينية النصف الآخر، وردّ عليه الوزير حميدان بالقول إنه لا توجد دولة في العالم تساوي نسبة البطالة فيها صفراً، فسوق العمل يشهد باستمرار خريجين يبحثون عن وظائف وغيرهم، وهي عملية مستمرة.
وطالب النائب عيسى الكوهجي بمزيد من التنسيق بين مختلف وزارات الدولة فيما يخص التخصصات المرغوبة في سوق العمل، وذلك تفادياً لوجود خريجين جامعيين لا تتوافر لهم شواغر وظيفية.
وعلق حميدان على ذلك، بأن المسئولين في وزارة العمل يتواجدون في المواقع التي تعنى باتخاذ القرارات المتعلقة بالتخصصات المرغوبة في سوق العمل، وخير دليل على ذلك عضوية وزير العمل في مجلس أمناء جامعة البحرين، كما أن وزارة العمل لديها تنسيق مع وزارة التربية والتعليم على مستوى خطة البعثات للمتفوقين من الثانوية العامة، إلى جانب ذلك تضم وزارة العمل لجنة مختصة بالإرشاد المهني.
مشروعات التدريب والتوظيف
وأوضح الوزير بأن مشاريع الوزارة فيما يتعلق بالتدريب والتوظيف تعتمد في الأساس على استقرار سوق العمل وازدهاره، وهو ما يجعل من الشراكة بين أطراف الإنتاج الثلاثة خياراً استراتيجياً لا غنى عنه، مؤكداً التزام الوزارة بهذه الشراكة وتنمية الحوار مع القطاعات الاقتصادية والتجارية والعمالية المختلفة بغية الوصول إلى التكامل المنشود والذي على أساسه تتطور المنشآت كماً وكيفاً وتزدهر الطاقة الإنتاجية لديها ما يولد المزيد من فرص العمل اللائقة للمواطنين.
وأكد أن وزارة العمل تسعى لإنهاء الفوضى في سوق العمل فيما يخص المؤهلات، مشيراً إلى أن ذلك يعتبر تحدياً كبيراً سيؤدي حله إلى إحداث نقلة نوعية في سوق العمل.
حظر العمل وقت الظهيرة
وفي موضوع آخر، تحدث حميدان عن سريان تطبيق قرار حظر العمل في الأماكن المكشوفة وقت الظهيرة لهذا العام، حيث أوضح أن كل المؤشرات تشير إلى وعي واستيعاب أصحاب العمل وإدارات الشركات والمؤسسات بالأهداف النبيلة والإنسانية لهذا القرار من النواحي الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية ولما تقدمه بيئة العمل المناسبة والسليمة من دعم نحو الأداء الأفضل وتحسين الإنتاجية، وهو ما انعكس إيجابياً على ارتفاع نسبة الالتزام بالقرار من سنة إلى أخرى، مشيداً في هذا السياق بجميع الشركات والمؤسسات التي التزمت بالقرار خلال الأعوام الماضية، ومشدداً في الوقت ذاته على أن الوزارة لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات القانونية إزاء المخالفات التي يتم ضبطها.