خرج الرئيس التنفيذي السَّابق لهيئة تنظيم سوق العمل علي رضي عن صمته إزاء الاتهامات التي وجهها له أعضاء لجنة التحقيق البرلمانية بشأن بعض تجاوزات هيئة تنظيم سوق العمل والتي شكلت مؤخراً برئاسة النائب علي أحمد.
وأكد رضي في حديث إلى «الوسط» أنه بريء من تلك الاتهامات التي تمثلت في تستره على الغياب أثناء الأزمة، وتواطئه مع الوزير السابق في صرف شيك مكافأة رئيس مجلس الإدارة السابق كما ادعت اللجنة ورئيسها.واستعرض رضي خلال اللقاء جملة من التفاصيل والإجراءات التي اتخذها، بالتنسيق مع ديوان الخدمة المدنية لدحض أي شبهات بخصوص الإجراءات والقرارات التي اتخذها طوال فترة الأحداث الأخيرة.
واستغرب رضي من ليَّ ذراع الحقائق من قبل اللجنة وبناء معلوماتها على ما وردها من موظفين في الهيئة، رافضاً النزول إلى مستوى الخطاب المتعلق بـ«التمييز والطائفية».
«الوسط» التقت الرئيس التنفيذي السابق لهيئة تنظيم سوق العمل علي رضي لوضع النقاط على الحروف، وتوضيح الحقائق بخصوص التُّهم التي وجهت إليه من قبل اللجنة البرلمانية.
وإليكم نص الحوار الذي دار مع الرئيس التنفيذي السَّابق لهيئة تنظيم سوق العمل علي رضي:
في البداية يحيط الكثير من الغموض بقضية التحقيق والتُّهم الموجهة إليك، إذ لم نسمع إلا حديث جانب واحد وهي لجنة التحقيق البرلمانية، فيما غاب أي تصريح لكم بذلك الخصوص؟
– حديثي معكم الآن هو لوضع النقاط على الحروف ولأوضح الحقائق التي تجاهلتها لجنة التحقيق ورفضت الاستماع إليها على رغم التوضيح الذي وصلهم من المسئولين في الهيئة إلا أنها اتخذت جانباً واحداً من أقوال الموظفين على أنها الحقيقة المطلقة وكل ما دفع به المسئولون في الهيئة محض تضليل، وهذا غريب في لجنة ينبغي أن تكون محايدة وتمثل جميع الشعب لا بعضه.
من وجهة نظرك، لماذا اتخذت لجنة التحقيق البرلمانية هذا الطريق في كيل الاتهامات لك؟
– تثار في نفسي أنا أيضاً أسئلة كثيرة لم أجد لها جواباً، وهي لماذا لم تستدع اللجنة الرئيس التنفيذي السابق (وهو المتهم الأول لديها) لسماع أقواله ودفاعه عن نفسه وتبريره للإجراءات التي اتخذها أثناء الأزمة؟
لماذا تصدر اللجنة النيابية أحكامها على الرئيس التنفيذي السابق حتى قبل انتهاء التحقيق؟، هل هي مزايدة إعلامية انتخابية؟ أم أخذت دور السلطة القضائية؟، هل بالإمكان إدانة شخص قبل انتهاء التحقيق معه والتشهير بسمعته؟.
طلبتُ من وزير العمل رئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل جميل حميدان أن أحضر جلسة التحقيق تبرعاً مني من أجل توضيح بعض الأمور، ورفض رئيس اللجنة حضوري من دون إبداء السبب. لماذا؟ ألا يحق لي أن تسمع اللجنة وجهة نظري على الأقل قبل صدور التوصيات؟
استغرب ليّ ذراعَ الحقائق من قبل اللجنة وبناء معلوماتها على ما وردها من موظفين في الهيئة، على رغم اجتهادي وحرصي الكبيرين على تنظيم سير العمل ومباشرتي بنفسي بعض المهمات التي كان ينبغي أداؤها من قبل الموظفين في المكاتب الأمامية، ومجازفتي بحياتي في بعض الأيام للحضور إلى مبنى الهيئة لأكون على رأس العمل وعدم تعطيله، وهل كل ذلك يعتبر تستراً وتواطؤاً كما تتهمني اللجنة من خلال توصياتها؟
هناك أحاديث وشهادات بأنك تساهلت مع موظفين أثناء الأزمة الماضية التي مرت بها البحرين؟
– كانت الصورة غير واضحة، والوضع العام في البحرين يشوبه نوع من الغموض والتوجيه العام نحو التهدئة الذي يدل على نوع من التفهم العام للأحداث، وفترة الترقب الحذر، وعدم معرفة نتائج وعواقب اتخاذ أي إجراء إداري قد يفهم منه على أنه تصعيد في تلك المرحلة الحرجة، وخاصة أن القيادة الرشيدة كانت، ومازالت، تدعو إلى الهدوء والحذر من التسرع في اتخاذ أية قرارات لا تعرف عواقبها، كما قمت بتكليف نائب الرئيس للشئون الإدارية والمالية بالاتصال بديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل وأخذ المشورة القانونية من المستشار القانوني للمساعدة على اتخاذ القرار المناسب في تلك المرحلة الصعبة، ولم أحصل على جواب واضح.
وفي تلك الفترة لم تكن هناك تعليمات من قبل الجهات المعنية، وفي ظل هذه الظروف كنت في إحدى الجلسات العادية بمكتبي مع بعض المديرين وأثير موضوع الإجراء الذي سيتم تطبيقه على الموظفين المتغيبين في شهر فبراير/ شباط الماضي، وكان الغياب يشمل موظفين من مختلف التوجهات والمذاهب وهناك أيام لم يتمكن بعض الموظفين فيها من الوصول إلى مبنى الهيئة.
وعلى سبيل المثال يوم 17 فبراير وهو اليوم الذي تم فيه إخلاء الدوار للمرة الأولى، وبعد النقاش العام الذي لم يستغرق أكثر من خمس دقائق في الموضوع طلبت بشكل أولي من المديرين الموجودين السماح بتسلم إجازات سنوية والمقصود هنا الأيام التي لم يتمكن الموظفون من الوصول فيها إلى مبنى الهيئة وهو موضوع النقاش، وهذه الإجراءات كانت طور الدراسة ولم يتخذ قرار نهائي مكتوب بشأنها بسبب حالة الإرباك الإداري التي عانت منه الهيئة في تلك الفترة.
من ناحية أخرى وبسبب انطلاق معظم المسيرات قرب مبنى الهيئة فقد سبب ذلك حالة خوف وهلع لدى بعض الموظفين وأهاليهم خوفاً على سلامتهم، وبعد أن تعرض بعض الموظفات لمضايقات بعد انتهاء وقت الدوام في الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر وهو وقت انطلاق معظم المسيرات في تلك الفترة، وطلب مني بعض المديرين السماح للموظفين بالخروج المبكر في مثل هذه الحالات، وعلى الفور تم تنسيق اجتماع مع نواب الرئيس والمديرين لمناقشة الموضوع، وتم الاتفاق على أن يسمح بالخروج المبكر بعد الساعة الواحدة ظهراً وتخصم هذه الأوقات من إجازات الموظفين السنوية بالتنسيق بين المديرين والشئون الإدارية في الحالات التي يتأكد خبر انطلاق المسيرة من قرب مبنى الهيئة.
ولكن اللجنة أصرت كما ورد في تصريحات أعضائها على أنك كنت «متساهلاً» مع الموظفين.
– حاولت بكل جهدي في تلك الفترة أن أوازن بين المحافظة على سلامة الموظفين وتشجيعهم على الانضباط في الحضور وتفهم ظروفهم وتسيير خدمات الزبائن وتطبيق القانون، كل ذلك في ظل غياب مجلس إدارة الهيئة وهو المرجعية التي بالإمكان أن استمد منها بعض القرارات المهمة بسبب الوضع الاستثنائي لموقع الهيئة، وغياب أية تعليمات من قبل الجهات المعنية للتعامل مع هذا الوضع الاستثنائي في هذه الفترة. فهل هذه الإجراءات تعني التستر على الموظفين؟.
وما هي الإجراءات التي اتخذتها الهيئة بعد ذلك، وهل بقيت على مواقفها وخطواتها السابقة أم تغيرت؟
– بعد صدور قرار ديوان الخدمة المدنية بشأن الخصم المباشر من الراتب، أصبحت الصورة واضحة وتم فوراً تطبيق الإجراءات الآتية: الخصم المباشر من رواتب جميع الموظفين المتغيبين للفترة من 20 -23 مارس/ آذار 2011، تزويد ديوان الخدمة المدنية بكشف يومي عن الحضور والانصراف لموظفي الهيئة من 20 مارس وحتى مطلع شهر أبريل/ نيسان 2011م، كما تم فوراً البدء بالتشاور مع ديوان الخدمة بشأن الفترات الزمنية التي لم يتمكن الموظفون من الوصول فيها إلى مبنى الهيئة وعرض جميع الإجازات المرضية من تاريخ 14 فبراير التي تم تسلمها للتحقق من سلامة الإجراءات بالتشاور مع ديوان الخدمة المدنية.
أضف إلي ذلك تم رفض جميع الإجازات السنوية المقدمة في اليوم نفسه للفترة من 14 فبراير/ شباط وحتى نهاية مارس 2011، وتحديد معايير واضحة للفصل في قبول أو رفض الإجازات بعد دراسة إجراءات الجهات الرسمية الأخرى.
وعرضت تلك المعايير على ديوان الخدمة المدنية للتحقق من قانونيتها، وبناء على المشورة مع ديوان الخدمة المدنية تم اعتمادها، وبناء على المعايير المعتمدة لقبول أو رفض الإجازات تم فرز قائمة الغياب وتم الخصم المباشر من الرواتب بناء على قرار ديوان الخدمة المدنية لجميع المتغيبين للفترة من 14 فبراير حتى 27 مارس 2011، كما تمت إحالة كشوف الغياب إلى لجان التحقيق للبدء باتخاذ الإجراءات التأديبية بحسب القانون.
هل يمكننا القول إن لجنة التحقيق البرلمانية ربما رأت أن تلك الخطوات والإجراءات التي قمتم بها جاءت متأخرة؟
– حاولت جاهداً أن أتخذ الإجراءات بحسب القانون وبالعدالة أيضاً، إلا أن الوضع الاستثنائي لموقع الهيئة من مكان الحدث ولكون الغياب كان يشمل الموظفين من الطائفتين، الأمر الذي تطلب بعض الوقت للتحقق قبل اتخاذ القرار، وكل ذلك تم بالتشاور مع ديوان الخدمة المدنية.
وإني أتساءل الآن بعد تطبيق كل هذه الإجراءات، هل مازلت أعتبر في وجهة نظر اللجنة البرلمانية متواطئاً ومتستراً على الموظفين؟ أين الخطأ الذي ارتكبته؟ وكيف تم التعامل مع المشكلة نفسها في الدوائر الحكومية الأخرى التي مرت بالظروف نفسها؟
من ضمن الاتهامات التي توجهها اللجنة إلى الهيئة، تحول الهيئة إلى بيئة خصبة للفساد والمحسوبية والتمييز الطائفي، فهل ذلك صحيح؟
– لا أريد النزول إلى هذا المستوى من الخطاب وخصوصاً بشأن التمييز والطائفية، كلنا بحرينيون نعمل في خدمة هذا البلد، وهناك جهات رسمية كديوان الخدمة المدنية وديوان الرقابة المالية، وكذلك مجلس إدارة الهيئة مسئولون عن مراقبة عمل الهيئة وكذلك محاسبتهم في حال وجود أي تصرف من هذا النوع.
هناك تهمة أخرى وجهت إليك وهي «التواطؤ» مع وزير العمل رئيس مجلس إدارة الهيئة (سابقاً) مجيد العلوي في الحصول على مخصصات مالية قدرها 24 ألف دينار نظير رئاسه مجلس إدارة الهيئة وهو الأمر الذي رأته اللجنة مخالفاً للدستور؟
– لن أدخل في تفاصيل استحقاق رئيس مجلس الإدارة السابق مكافأته من عدمه، إذ إن الحكومة كفيلة بالرد على ذلك من الناحية القانونية.
ولكن فيما يخص جانبي، فكيف يكون التواطؤ من جانبي مع رئيس مجلس الإدارة السابق وقد صدر المرسوم الملكي بصرف المكافأة لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة وطلب الرئيس صرف شيكه في أيامه الأخيرة قبل مغادرة الوزارة علماً بأن المبلغ كان مخصصاً ومحجوزاً ومعلقاً محاسبيّاً في حسابات الهيئة منذ عامين؟ وهذا المبلغ المحجوز قد مر على المدققين الداخليين والخارجيين وديوان الرقابة المالية ولم يقدموا أية ملاحظة بشأنه.
وبصفتي رجلاً تنفيذيّاً لا يمكنني رفض طلب صرف المبلغ المحجوز أصلاً لرئيس مجلس الإدارة.
هل لعلي رضي انتماءات؟
– لم أعرف طوال عمري سوى العمل، لم أنتمِ قط إلى أية جمعية سياسية أو دينية، ولا أريد الخوض في أكثر من ذلك.
ولكن كل من يعرفني عن قرب وعمل معي يعرف كم أدمن العمل وأجد راحتي في خدمة وطني وقيادتي وحكومتنا الرشيدة وضحيت بأوقاتي الخاصة خلال الأعوام الـ 20 الماضية في الحكومة من أجل أن أساهم ولو بشيء قليل في تحقيق طموحاتها، ومن باب التذكير فقط أسرد هنا أبرز محطات مشواري الطويل في العمل.
فعلى صعيد عملي بوزارة الصناعة والتجارة ساهمت مع زملائي في تأسيس أول موقع لجهة حكومية على الإنترنت مرتبط ببوابة الدفع الإلكترونية في مملكة البحرين، وساهمت مع زملائي في تطوير السجل التجاري للموظف الشامل، وكانت زيارة رئيس الوزراء سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة دفعة قوية لبذل المزيد من العمل، ووجهنا إلى تطوير السجل ليكون مركز خدمات تُضم فيه الجهات المعنية المتعلقة بالسجل التجاري.
كما ساهمت مع زملائي في تأسيس مركز البحرين للمستثمرين، وكانت زيارة رئيس الوزراء للمركز حيث اطلع على ما قمنا به من ترجمة توجيهات سموه إلى واقع ملموس، وساهمت أيضاً مع زملائي في إطلاق النسخة الأولى من نظام المستثمر الإلكتروني.
أما على صعيد صندوق العمل (تمكين)، فقد ساهمت مع زملائي في تأسيس مشروعي رفع الإنتاجية والدعم المالي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وعلى صعيد هيئة تنظيم سوق العمل ساهمت مع زملائي في إعادة هندسة الإجراءات الحكومية في عملية إصدار تصاريح العمل، وتقديم نموذج جديد في عمل الحكومة وهو تقديم خدمات الهيئة والجهات المرتبطة بها عن بعد من دون الحاجة إلى الحضور إلى مبنى الهيئة لمعظم المعاملات.
أصبحت الهيئة خلال فترة التأسيس وفي فترة قياسية محط أنظار كثير من الدوائر الحكومية في البحرين والخليج والمنطقة العربية والعالم في طريقة الإدارة والتعامل مع المتعاملين، وأصبحت الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية ترسل الوفود إلى الهيئة للاطلاع على التجربة ونقلها.
هل تعتقد أنك ظلمت من قبل لجنة التحقيق التي لم تسمع لك؟
– نعم، ولكن أردت أيضاً أن أوضح المفارقة، ففي الوقت الذي تكرمني اللجنة بهذه الاتهامات من دون تحري الدقة، أحصل على تكريم من قبل معهد جائزة الشرق الأوسط للتميز في دبي لتكريم الشخصيات التنفيذية الفائزة بجائزة الشرق الأوسط الثامنة للقيادات التنفيذية لتحقيق أفضل الإنجازات، وهي الانجازات التي لم تتطرق إليها اللجنة البرلمانية نهائيّاً.
ومع كل تلك الاتهامات غير الصحيحة والباطلة، سأبقى جنديّاً وفيّاً لخدمة بلدي وقيادتنا الرشيدة مهما تكن نتائج وتوصيات لجنة التحقيق، مع كل احترامي وتقديري لأعضاء اللجنة.