كتب – باقر زين الدين:
كشف الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل علي رضي النقاب عن إعداد دراسة استشارية بشأن تحديد سقف العمالة الأجنبية وعدد التصاريح المسموح بإصدارها سنويا، ونظرا لأهميتها سوف تعرض على مجلس الإدارة في اجتماع خاص لمناقشتها وإقرارها، ومن المؤمل العمل بها اعتبارا من منتصف العام 2010.
وأشار رضي في لقاء خاص لـ (الأيام) إلى أن قرار حرية انتقال العامل الأجنبي خضع لتقييم، وينبغي أن يكون واضحاً أن دراسات الهيئة تستبعد تماماً أية سلبيات جذرية، إذ أثبتت التجربة الميدانية الواقعية أن لا سلبيات جراء هذا القرار على السوق المحلي.
وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل بأن الرسوم التي تستحصلها الهيئة يتم تحويل 80% منها إلى صندوق العمل (تمكين) لتنفيذ برامجها الهادفة إلى تدريب البحرينيين ودعم المؤسسات المتوسطة والصغيرة وقد تم تحصيل 97 مليون دينار مع نهاية ديسمبر 2009، ووصل مجموع المبالغ المحولة إلى تمكين نحو 78 مليون دينار، وفيما يلي نص اللقاء:
ما أبرز مؤشرات التقرير السنوي للعام الماضي 2009 بالمقارنة مع العام الذي سبقه 2008؟
– نستطيع أن نفخر أن الهيئة حققت خلال 2009 أهدافها العامة التي أنشئت من أجلها، ضمن الخطة الوطنية لسوق العمل والخطة التنفيذية للهيئة للأعوام 2009 ـ 2011، وبما يتوافق مع الإستراتيجية الاقتصادية الوطنية لمملكة البحرين 2009 ـ 2014، وذلك حيث شهد عام 2009 وتنفيذا لأحكام القانون رقم (19) لسنة 2006 بشأن تنظيم سوق العمل، إصدار جميع القرارات الضرورية اللازمة للمرحلة الحالية، ومن أهم القرارات التي تم إصدارها والتي تتوافق مع الرؤية 2030 حيث تتضمن نفس المبادئ التي تتضمنها الرؤية هي الخطة الوطنية التي تم إعدادها بالتعاون والتنسيق مع الجهات الرسمية المعنية، وزارة العمل وصندوق العمل (تمكين)، وذلك لتحقيق التوافق الوطني بين الأطراف الثلاثة لسوق العمل (الحكومة، العمال، أصحاب العمل) ويتم مراجعتها كل ستة أشهر.
كما تم إعداد دراسة استشارية بشأن تحديد سقف العمالة الأجنبية وعدد التصاريح المسموح بإصدارها سنويا، ونظرا لأهميتها سوف تعرض على مجلس الإدارة في اجتماع خاص لمناقشتها وإقرارها، ومن المؤمل العمل بها اعتبارا من منتصف العام 2010.
و تم اعتماد حاسبة البحرنة في نظام إصدار تصاريح العمل تعمل بآلية جديدة تتميز بالسرعة والشفافية بشكل يتيح لأصحاب العمل التعرف على ما هو مطلوب منهم، حيث يتم بموجبها تحديد عدد العمال الأجانب المسموح به لكل نشاط اقتصادي، ونسبة البحرنة المفروض توفرها للسماح بإصدار تصاريح عمل جديدة لجلب عدد محدد من العمال الأجانب.
كما قامت الهيئة بتطبيق الرسوم الجديدة لتصاريح العمل وفقا لقرار مجلس الوزراء رقم (26) لسنة 2008 الصادر بتاريخ 5 يونيو 2008، بشأن الرسوم المفروضة على أصحاب العمل لاستخراج تصاريح العمل وتجديدها ورخص الإقامة لأفراد عائلة العامل وصاحب العمل الأجنبي، الذي حدد رسوم إصدار تصاريح العمل بمبلغ 200 دينار للتصريح كل سنتين بالإضافة إلى 10 دنانير شهريا عن استخدام كل عامل، و90 دينار لكل فرد من أفراد عائلة العامل الأجنبي، وتشمل شهادة عدم الممانعة ورخصة الإقامة وتأشيرة العودة.
علما بأن الهدف من فرض الرسوم الجديدة هو سد الفجوة بين تكلفة العامل الأجنبي وتكلفة العامل البحريني، وبالرغم من ذلك فلقد زادت الفجوة من 145 دينار إلى 220 دينار ولولا فرض هذه الرسوم لكانت الزيادة أكبر من ذلك، كما أن الرسوم يتم تحويل 80% منها إلى صندوق العمل (تمكين) لتنفيذ برامجها الهادفة إلى تدريب البحرينيين ودعم المؤسسات المتوسطة والصغيرة وقد تم تحصيل 97 مليون دينار مع نهاية ديسمبر 2009 ووصل مجموع المبالغ المحولة إلى تمكين نحو 78 مليون دينار.
كما رسخت الهيئة خلال عام 2009 تحولها من مركز خدمات تقليدي إلى مركز خدمات الكتروني متكامل يقدم خدمات متكاملة مركزية ضمن مفهوم المحطة الواحدة، حيث تعمل الهيئة منذ تدشين خدماتها للقطاع الخاص في الأول من يوليو 2008، كجهة مركزية تنضوي تحت مظلتها خدمات الجهات الرسمية ذات العلاقة بتنظيم سوق العمل مثل وزارة الداخلية ممثلة في الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة والجهاز المركزي للمعلومات ووزارة الصحة والهيئة العامة للتأمين الاجتماعي وزارة العمل وزارة الخارجية، ويعمل ممثلي هذه الجهات في مقر الهيئة، ولقد تم بنجاح خلال فترة وجيزة من استقبال كافة الطلبات وانجاز المعاملات من خلال موقع الهيئة الالكتروني، كما تمكنت الهيئة خلال 2009 من التواصل مع أصحاب العمل والعمال الأجانب من خلال الرسائل النصية والالكترونية من خلال النظام، حيث أصبح 95٪ من المعاملات التي تنجزها الهيئة تتم عن طريق الانترنت.
بحسب ما نشر مسبقاً فإن هيئة تنظيم سوق العمل أقرت خطة جديدة للأعوام 2010 – 2012، هل لكم أن تحدثونا عن التوجهات الجديدة للهيئة وفق هذه الخطة؟
– نعم، لقد أعدت الإدارة التنفيذية للهيئة خطتها الاستراتيجية للعامين 2009 ـ 2010 بما يتوافق مع الخطة الوطنية والرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين 2030، وهذه الخطة التنفيذية تهدف الى تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي حددتها القيادة السياسية الحكيمة لصالح الوطن والمواطن، ووفق طموحات وتطلعات القيادة السياسية في اتجاه إصلاح سوق العمل.
إن ملامح الخطة التنفيذية الجدية للهيئة والتي تخضع لمناقشة مستفيضة حالياً من مجلس الإدارة تتمحور في مضاعفة الإنجازات التي حققتها الهيئة في تنظيم سوق العمل، وتطوير الخدمات الى مستويات أكثر حرفية ودقة وسرعة، من حيث التميز والنوعية والجودة وسرعة الانجاز والشفافية في عرض المعلومات، علماً بأن الهيئة تمكنت وفي خلال أقل من عام من بدء تدشين المرحلة الثانية من خدماتها بإصدار وتجديد تصاريح عمل العمال الأجانب العاملين في القطاع الخاص في الأول من يوليو 2008، تمكنت من إنجاز أكثر من 99% من الطلبات والمعاملات عبر موقع الهيئة الإلكتروني على شبكة الإنترنت وفي اقل من عشرة أيام عمل و 50% من المعاملات تنجز خلال يوم عمل واحد و94% من المعاملات تنجز خلال 5 أيام عمل، حيث يقوم أصحاب العمل بإنجازها من مكاتبهم أو أي موقع متاح لهم دون تكبد عناء الحضور إلى مبنى الهيئة.
ونحن ننطلق من أسس محددة وواضحة في تنفيذ إستراتيجية الهيئة من خلال الخطة التنفيذية للعامين 2009 و2010، خاصة وأن الاستراتيجية الاقتصادية الوطنية تتضمن عدة مبادرات تقع تحت اختصاص الهيئة مشتركة مع وزارة العمل، وتتمحور خطتنا على تقنين الدخول إلى سوق العمل، سن تشريعات فعالة لتنظيم سوق العمل، تقديم الخدمات المتكاملة من خلال هيئة تنظيم سوق العمل، رفع معايير العمل وتحسين حقوق العمل، ضمان التطبيق الصارم، ولهذه المحاور أدواتها التنفيذية الواضحة والمحددة لدينا، وقد أنجزنا القسم الأكبر من تلك الأهداف وباستخدام الأدوات المحددة والمناسبة، فمثلاً في خصوص المراجعة المستمرة عن طريق المشاورات ورصد المؤشرات وفي محور تقنين الدخول إلى سوق العمل تحقق في 2009 إقرار رسوم تصاريح العمل، و أقر نظام انتقال العامل الأجنبي، كما أقر نظام « البحرنة» الإلزامية على القطاعات، ونحن خلال العام الجاري 2010 بصدد إقرار سقف العمالة الأجنبية، وهو ركن أساسي في خطة الهيئة للعام الجاري.
كذلك فإن الخطة التنفيذية الجديدة تستكمل مهمة إنجاز ما تحقق في الجانب الرقابي على سوق العمل، ومضاعفة النتائج الملموسة التي تحققت في معالجة ظاهرة العمالة غير النظامية في سوق العمل، وذلك بالتنسيق والتعاون الوثيق مع الجهات الرسمية الأخرى المعنية بسوق العمل، ومن خلال تنفيذ الخطة الاستراتيجية لمعالجة هذه الظاهرة، وهي الخطة التي حظيت بدعم ومباركة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين رئيس مجلس التنمية الاقتصادية ومجلس إدارة الهيئة، والتي تتمثل في التركيز على تنفيذ الجولات التفتيشية الميدانية المبرمجة على مختلف محافظات المملكة، والتطبيق الصارم للقانون على المخالفين من أصحاب العمل والعمال الأجانب، وتوحيد الجهود وتحقيق الاستفادة القصوى من عمليات التفتيش بأقل وقت وجهد وكلفة، والمساهمة في ملاحقة العمالة غاير النظامية خارج المحلات والمؤسسات التجارية مثل البائعة الجائلين ومنظفو السيارات وغيرهم، ولقد بدأت الهيئة بالفعل بحملات تفتيشية مشتركة مع الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة وشؤون البلديات.
وبشكل عام يمكن أن أكشف جانباً آخر من ملامح الخطة التنفيذية الجديدة ويتمثل ذلك في زيادة الوعي لدى أصحاب الأعمال بمسؤولياتهم والتزاماتهم تجاه سوق العمل وتجاه الهيئة، من خلال تفعيل دور اللجان الثنائية المشتركة بين الهيئة وبين مؤسسات المجتمع لتجاري والمدني سواء ممثلة في غرفة التجارة او في جمعيات أصحاب الأعمال والمهن التجارية.
ما تفسيركم لتزايد الفجوة بين توظيف البحريني والعامل الأجنبي بالرغم من ارتفاع تكلفة العامل الأجنبي؟
– إن من أهم المبادئ الذي بنيت عليها العملية الإصلاحية لسوق العمل هو جعل البحريني الخيار المفضل لأصحاب الأعمال ومن أهم العوامل المؤثرة في ذلك هو خلق بيئة تنافسية عادلة بين العمالة الوطنية والأجنبية من منظور رفع تكلفة العمالة الأجنبية بحيث تكون متساوية مع العمالة الوطنية مما يجعل صاحب العمل من حيث المنطق التوجه إلى العمالة الأكثر مهارة وإنتاجية وهو ما سوف يؤدي بالتالي إلى تحقيق الأهداف المرجوة من عملية الإصلاح بالإضافة إلى العوامل الأخرى المتعلقة بتأهيل وتطوير العمالة الوطنية وتحسين الإنتاجية لدى المؤسسات.
وان دراسة أصلاح سوق العمل قد أوصت بأن يتم رفع تكلفة تصاريح العمل بما لا يقل عن 600 دينار عند إصدار تصريح العمل و75 رسوما شهرية على كل عامل أجنبي من أجل ردم الفجوة بين العمالة الوطنية والأجنبية ألا أن عملية المشاورات مع أطراف الإنتاج بحسب قانون 19 لسنة 2006 أفرزت عن رفع تكلفة العامل الأجنبي بشكل تدريجي فأن الزيادة في تكلفة العامل الأجنبي لم تتجاوز 10 دنانير وهي الرسوم الشهرية وهي بذلك تكون جدا متواضعة مع الرسوم المقترحة من قبل الدراسة ولم تؤدي إلى رفع تكلفة العامل بشكل كبير.
ومن منطلق الشفافية التي انتهجتها الهيئة لرصد الفجوة في التكلفة بين العمالة الوطنية والعمالة الأجنبية حيث تبين بأن اتساع الفجوة لكون أن الرسوم المفروضة على العمالة الأجنبية لم تحقق الغرض منها بحسب توصيات دراسة أصلاح سوق العمل بل أن صاحب اتساع الفجوة ارتفاع الطلب على عدد العمالة الأجنبية وهو ما يتطلب إلى مراجعة مستمرة لوضع ضوابط من شأنها الحد من تدفقات العمالة الأجنبية بنفس معدلاتها الحالية.
أين وصلت تطورات قرار حرية انتقال العامل الأجنبي بعد سريان تنفيذه في أغسطس؟
– بداية ينبغي أن نوضح الخطوات الزمنية الذي أنجزت في موضوع حرية انتقال العامل، وهي للعلم حرية منضبطة ضمن إجراءات في نظام يكفل لطرفي العمل من صاحب عمل ومن عامل حقوقهما، و المصلح المعتمد رسمياً هو « نظام انتقال العامل الأجنبي» من صاحب عمل الى صاحب عمل آخر دون اشتراط موافقة الأول، وذلك بحسب القرار الوزاري الخاص رقم (79) لسنة 2009 بشأن إجراءات انتقال العامل الأجنبي، الذي أصدره رئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل وزير العمل الدكتور مجيد العلوي في الرابع من مايو 2009 وبحيث يبدأ سريانه اعتباراً من أول أغسطس 2009، وتضمن القرار تسعة بنود، أهمها إقراره بأن يكون للعامل الأجنبي – دون موافقة صاحب العمل – حق الانتقال للعمل لدى صاحب عمل آخر دون الإخلال بالحقوق المقررة لصاحب العمل، علماً بأن قرار انتقال العامل الأجنبي الى صاحب عمل آخر ينطبق على القطاعين الخاص والعام، ووفق ضوابط تضمن حقوق كل من أصحاب الأعمال والعمال في آن واحد، إذ يوازن هذا القرار بين طرفي العمل، وبحيث يمكن للعامل الأجنبي بعد إعطائه لصاحب عمله ثلاثة أشهر إخطار مسبق حق الانتقال لصاحب عمل آخر.
ويهدف النظام الى تحقيق ثلاثة أهداف أساسية وهي: تعزيز وتأكيد التزام البحرين بمعايير حقوق الإنسان في مجال سوق العمل، وتوفير مرونة أفضل لهذا السوق عبر توفير بيئة أفضل لمطابقة المهارات المتوفرة بالمهن المطلوبة ، والمساهمة في تعزيز دور الرسوم الهادف الى خفض فجوة التكلفة بين العمالة البحرينية والوافدة.
كما يهدف القرار الى إحداث تطوير شامل لبيئة العمل بالبحرين ورفع الرواتب والأجور بشكل عام في سوق العمل، بالإضافة الى القضاء على ظاهرة العمالة السائبة ومعالجتها جذرياً، والاهم من ذلك أنه يهدف بالأساس الى رفع الرواتب للعمالة المواطنة والوافدة معاً، وهذا ما تؤكده مؤشرات الأجور وفجوة تكلفة العمل.
وأؤكد على أن هذه «الحرية» منضبطة لأن أي طلب يقدمه العامل الأجنبي لإعلان رغبته بالانتقال يجب أن تتخذ هيئة تنظيم السوق قراراً بقبوله او برفضه حسب الأنظمة التي يتضمنها القانون الجديد، وفي كل الأحوال لن يعتبر الانتقال قانونياً من دون موافقة الهيئة.
وتنص ضوابط النظام الجديد على انه يجب على العامل في حالة رغبته في الانتقال قبل انتهاء أو إلغاء تصريح العمل الصادر بشأنه، أن يخطر صاحب العمل الأول بخطاب مسجل بعلم الوصول خلال المدة المحددة للإخطار بإنهاء عقد العمل طبقاً لأحكام القانون أو عقد العمل المبرم بين الطرفين، على ألا تتجاوز ثلاثة أشهر من التاريخ المحدد للانتقال.
كما ألزم القرار صاحب العمل الآخر أن يتقدم بطلب إلى الهيئة لاستصدار تصريح عمل بشأن استخدام العامل الراغب في الانتقال وذلك طبقاً للقواعد والإجراءات المبينة في القرار رقم (76) لسنة 2008، وأن يرفق بالطلب صورة من الإخطار المشار إليه في المادة السابقة وما يفيد إرساله بعلم الوصول.
وتضمن القرار أنه تقوم الهيئة بفحص طلب صاحب العمل الآخر لاستصدار تصريح العمل بشأن استخدام العامل الراغب في الانتقال للتحقق من توافر البيانات والمعلومات المطلوبة، ويجوز للهيئة تكليف صاحب العمل الآخر باستيفاء ما يكون لازماً للبت في الطلب من بيانات أو معلومات أو مستندات وذلك خلال ثلاثة أيام عمل من تاريخ تقديم الطلب، على أن تلتزم الهيئة بإصدار قرار بالبت في الطلب خلال ثلاثة أيام عمل من تاريخ استيفاء كافة البيانات والمعلومات والمستندات المطلوبة وموافقة الجهات المعنية، وإذا صدر القرار برفض الطلب وجب بيان أسباب الرفض.
كيف تقيمون القرار بعد سريان تنفيذه في أغسطس؟
– أما عن تقييمنا للقرار فأؤكد أن ايجابيات تطبيقه تترسخ يوماً إثر يوم وتتضح بجلاء، وليس بمجرد تمنيات بل وفق الأرقام ونتائج الدراسات العلمية الدقيقة التي تقوم بها الهيئة بصورة مستمرة، ولنترك للنظام الجديد فرصته حتى يتم تطبيقه لنحصد النتائج، لقد بدأ سريان النظام الجديد لانتقال العامل الأجنبي مطلع أغسطس الماضي 2009، ولم تمر فترة كافية للتغذية الراجعة لتقييم تأثيراته الكلية على السوق، لكن المؤكد أن النظام الجديد سيسهم في إنهاء ظاهرة العمالة غير القانونية وليس العكس، إذ أنه يتيح للعمالة الأجنبية انتقالاً قانونياً لم يكن متاحاً من قبل.
أما عن الآثار السلبية التي قد يتوقعها البعض جراء هذه النقلة النوعية في تحرير سوق العمل المحلي، فينبغي أن يكون واضحاً أن دراسات الهيئة تستبعد تماماً أية سلبيات جذرية، إذ أثبتت التجربة الميدانية الواقعية أن لا سلبيات جراء هذا القرار على السوق المحلي، حيث انتقل أكثر من 3800 عامل أجنبي بين أصحاب العمل خلال العام الماضي 2008، دون حدوث أية مشاكل، كذلك فإن إجمالي عدد العمالة الأجنبية التي تمت عملية انتقالها إلى صاحب عمل جديد خلال الربع الرابع من العام الماضي بلغ 1,307 عمال، 50% منها طلبات انتقال مع موافقة صاحب العمل السابق، و 48% طلبات انتقال بعد إنهاء تصريح العمل، في حين أنه 2% فقط لطلبات الانتقال بدون موافقة صاحب العمل السابق.
وكان 64% من مجموع طلبات الانتقال المقدمة من قطاعات البيع بالجملة والتجزئة، والمقاولات والعقارات، كما سجلت المؤسسات الصغيرة (1-5 عمال) أعلى عدد في طلبات انتقال العمالة (533 طلب) ممثلة بذلك 41% من إجمالي الطلبات، فأين هي الآثار السلبية التي يحذر البعض منها؟!
وفي كل الأحوال فإن مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل، يتابع تطبيق قرار حرية انتقال العامل الأجنبي، ويعتمد مؤشرات لرصد تأثيرات حرية انتقال العامل الأجنبي ويرصد الآثار السلبية والإيجابية المترتبة على القرار، وحتى هذا اليوم وقد مر نحو ستة أشهر على تطبيق النظام الجديد، لم نرصد أية تغيرات حقيقية في سوق العمل فالمعدّل ثابت في تدفّقات العمّال الأجانب من وإلى أصحاب الأعمال، وليس هنالك قراءات تشير إلى عكس ذلك، أو إلى تخلخل أو ارتباك في سوق العمل.
كم هي المدة برأيكم التي ستستغرق للقضاء على ظاهرة العمالة غير النظامية، أو التقليل منها إلى حد مقبول وفق خطط الهيئة؟
– في بداية تدشين الهيئة وانطلاق عملها قبل ثلاثة أعوام، كان يقدر المختصون أرقام العمالة غير القانونية بحوالي 40 ألف عامل من نحو 400 ألف عامل أجنبي هم إجمالي عدد العمالة الوافدة بالمملكة آنذاك، وأرجو ملاحظة أن هذه الظاهرة نشأت وتضخمت قبل تأسيس الهيئة، بل لقد ورثت الهيئة ميراثاً ثقيلاً من تراكمات أكثر من ثلاثة عقود من تشوهات سوق العمل، و ما استطيع أن أؤكده وبكل ثقة أن ظاهرة العمالة غير القانونية في اضمحلال مستمر، جراء الإجراءات التصحيحية التي اتخذناها ولا نزال نطبقها، فنحن نؤمن في الهيئة بأن دورنا أساسي في إنهاء وتصفية ظاهرة العمالة غير القانونية، إذ أن من أهدافنا الرئيسية إنهاء العمالة غير القانونية، وإصلاح تشوهات سوق العمل، ومعالجة هذه الظاهرة تعتبر جانب هام من جوانب إصلاح سوق العمل بشكل كلي.
اما عن المدة اللازمة للانتهاء من هذا التشويه بسوق العمل، فلا يمكن لي ولا لغيري أن يحدد وقتاً، إذ أن هذه الظاهرة تتوزع مسؤوليتها مؤسسات حكومية متعددة جنباً الى جنب مع مسؤولية المجتمع الأهلي ومؤسساته المجتمعية، والانتهاء منها لا بالكامل لا يتحقق إلا بحراك مجتمعي متكامل يقوم فيه كل فرد وكل مؤسسة بدوره.