تمام ابوصافي
صنف تقرير الامم المتحدة بشأن التنمية البشرية البحرين في المرتبة 39 على مستوى الدول المتقدمة متراجعة 3 خطوات بعد ان كانت تحتل المركز 36 نتيجة لدخول دولتين اجنبتين في التنصيف ذاته. وقال مسؤولو برنامج الامم المتحدة الانمائي ان البحرين حققت تقدماً كبيراً في المجالات الثالثة (التعليم، الصحة، دخل الفرد) مما يجعل تنصيفها ضمن الدول المتقدمة. من جانبه اعلن ممثل برنامج الامم المتحدة الانمائي سيد اغا عن ان واحداً من سبعة اشخاص يهاجرون حول العالم عابرين الحدود بين الدول فيما تشكل النساء ما نسبته 50 % من عددهم.
واشار اغا خلال مؤتمر صحافي عقده على هامش اطلاق تقرير التنمية البشرية للعام 2009 تحت عنوان “التغلب على الحواجز…قابلية التنقل البشري والتنمية” صباح امس بحضور وزير العمل مجيد العلوي الى ان الهجرة باتت عنصرا هاما بالنسبة الى التنمية البشرية لاسيما بالنسبة للفقراء الذين يهاجرون سعياً لتحسين اوضاعهم الاجتماعية ومساهمة المهاجرين في معدلات الانفاق داخل المجتمعات التي يعيشون فيها والمبالغ المالية التي يقومون بتحويلها الى اوطانهم الاصلية.
وقال اغا “من المهم جداً الا نتعامل مع الهجرة على انها مشكلة يجب ان يتم حلها بل يجب التعامل معها من جانب إيجابي على اعتبار انها تسهم في التنمية البشرية في المجتمعات التي تعيش بها”.
من جانبه، وصف وزير العمل البحريني مجيد العلوي تقرير الامم المتحدة بالجيد دون ان يخفي تحفظاته على استخدام عبارة المهاجرين بالنسبة الى العاملة الوافدة في البحرين.
وقال العلوي ان مفهوم الهجرة الذي استخدم في التقرير لا علاقة له في البحرين التي تتعامل مع عمالة مؤقته ينظم وجودها وعملها القوانين والتشريعات المعمول بها في مملكة البحرين.
واشار العلوي الى ان الطفرة الاقتصادية الاولى في مطلع السبعينات من القرن الماضي والطفرة الاقتصادية الثانية قبل اعوام قليلة دفعت باتجاه زيادة اعداد العمالة الوافده في منطقة الخليج مما شكل مخاطر حقيقية على الديمغرافية والثقافة للمنطقة.
وقال العلوي “لايوجد دولة في العالم يمثل المواطنين فيها اقلية مقارنة بالعاملة الوافده لاسيما ان المواطنين في البحرين يشكلون 50 % من إجمالي السكان”.
وفي رداً على سؤال لـ “البلاد” اكد الوزير العلوي ان رفض البحرين لمصطلح العمالة المهاجرة اسوة بالدول الاخرى التي تستقبل عمالة مهاجرة يرتبط بمخاوف تتعلق بالتوطين.
وقال العلوي ليست البحرين فقط من تتحفظ على مصطلح (مهاجر) بل الكثير من الدول في العالم تقوم بضبط عملية الاقامة فيها مقابل ان الكثير من الدول العالم تمنح المهاجرين حقوق مدنية وسياسية. ولكن نحن في منطقة الخليج لدينا وضعية خاصة عندما يشكل المواطنون اقلية بالنسبة الى عدد العمالة الوافدة وبالتالي قمنا بالاتفاق مع الدول المصدرة للعمالة الوافدة الى منطقتنا بحضور منظمة الهجرة العالمية على ان العمالة الوافدة هي عمالة مؤقتة وليست عمالة مهاجرة كي لا يصبح السكان اقلية محكومة من قبل العمالة الوافده التي تعيش في (جيتو) داخل مجتمعاتنا الخليجية ولاتفهم لغتنا ولا ثقافتنا ولا هم جزء من تاريخنا مع الحفاظ على حقوقهم المدنية”. ورغم عدم وجود اي التزامات سياسية او قانونية او مدنية الا ان البحرين تقدم الخدمات الصحية والتعليمية بصورة مجانية.
واضاف” بلا شك ان النمو الاقتصادي يحتاج لايدٍ ماهرة وهذا ما حدث مع الاقتصادات الخلجيية التي نمت بصورة كبيرة منذ السبعينات من القرن الماضي ما ادى الى استقطاب اعداد كبيرة من العمالة الوافده، وما نتحفظ عليه في هذا التقرير هو تكراره لمصطلح العمالة المهاجرة كما ان البحرين بصورة خاصه سعت بشكل جاد لحفظ حقوق العمالة الوافده القانونية والمدنية. وبالتالي ما يطالب به التقرير قد تم الاستجابه له مسبقاً من قبل البحرين ضمن شروط ومعايير الامم المتحدة”.
وفي رد على سؤال لـ “البلاد” عما اذا كان إصرار الامم المتحدة على تكرار مصطلح (المهاجرة) يهدف الى تأسيس ارضية لتوطين العمالة الوافده داخل الخليج قال اغا “نحن لا نؤسس لبيئة توطين نحن نرصد ما هو على ارض الواقع، الناس تنتقل من مكان الى آخر وهذا ما حاول التقرير التأكيد عليه وفق احصائيات عن اعداد السكان الذين يهاجرون من بلد الى اخر”.
وعن الاعتماد على احصائيات 2007 بالنسبة الى عدد سكان البحرين قال اغا” نعتمد في تقاريرنا على الاحصائيات الصادرة عن (اليونسكو) وصندوق النقد الدولي في اعداد تقارير التنمية البشرية وهي بدورها احصائيات لا تصدر كل عام بل يتم طرحها كل عامين وهو امراً مطبق في كافة المعلومات الدولية”.
وعن الاجراءات التي اتخذتها البحرين في سبيل حفظ حقوق العمالة الوافده قال العلوي” هناك عدة خطوات اتخذت منها التشديد على توفير البيئة الصحية المناسبة للعمل ومنع العمل في فترة الظهيرة ودفع الرواتب عن طريق المصارف كما ان قانون العمل البحريني لا يفرق بين العامل المواطن والعامل الوافد. كما ان قانون تحرير سوق العمل فقد حرص القانون على اعطاء العامل الوافد حرية انتقال العامل دون اخذ موافقة صاحب العمل وقد التزمنا بهذا القانون رغم المعارضة الشديده التي قوبل بها من قبل رجال الاعمال وبعض الاطراف”.
واضاف العلوي” ما يثير تحفظاتي ان التقرير تحدث عن وجود تعثر في تطبيق قانون حرية انتقال العامل الاجنبي في ظل معارضة سياسية ذات مصالح اقتصادية وهذا غير صحيح اذا اخذنا في الاعتبار استياق المعلومات من قبل مؤسسة سياسية غير قانونية تنشط تحت غطاء حقوق الانسان وصحيفة من دولة تعارض قانون حرية انتقال العامل. واستيقاء المعلومات من هذه الجهات يؤثر بشكل كبير على مصداقية ما يطرحه هذا التقرير”.
وقال اغا” لدينا مهاجرون يطلق عليهم (لاجئون) نتيجة للصراعات السياسية وهؤلاء تتم مساعدتهم وفق اليه دولية، و يشكلون نسبة ضئيلة من مجموع عدد المهاجرين في العالم ولكن النسبة الاكبر من المهاجرين هي التي تنتقل من اجل تغير اوضاعها الاقتصادية اي بغرض العمل وهي تشكل ما نسبته 90 % من مجموع المهاجرين حول العالم”.
فيما اكد العلوي ان هيئة تنظيم سوق العمل ينحصر دورها على اعطاء التصاريح الخاصة بالعمالة الوافده لمزاولة العمل وليس التحكم بالاقتصاد مشددا على ان وزارة العمل.
وقال العلوي” ارتفاع اسعار النفط في المنطقة ادى الى زيادة الطلب على العمالة الوافده ولايمكن ان نتحاشى هذا الامر, هناك 17 مليون عامل اجنبي ونحن لا نستطيع ان نرفض منح التراخيص امام الطلبات التي تقدم من القطاع الخاص لاننا سوف نتهم بتعطيل عجلة الاقتصاد، لذلك دورنا ينحصر في عملية منح التراخيص اما اذا تحدثنا عن الاسباب الاقتصادية بلا شك ان هناك خطأ كبيرا في بوصلة توجيه الاستثمار وهو ما يدفع باتجاه الحاجة الى العمالة الوافده لذلك شجعت الدولة في سياساتها الاصلاحية الاتجاه نحو الاستثمار الذي يعتمد على التقنيات التي تقلل من الحاجة لعمالة غير مؤهلة كما شجعت القوانين على تحقيق الافضلية في التوظيف امام المواطن المحلي وليس الاجنبي”.
واضاف “نحن نحتاج الى الاستثمار في المجال الصناعي والمصارف والقطاعات التي تخلق وظائف ذات قيمة مضافة الى الاقتصاد وهذا ما توجه له اصلاحات سوق العمل”.
وفي رد على سؤال ل “البلاد” اكد العلوي ان البحرين ماضية قدماً في تطبيق القوانين التي تحمي حقوق العمالة الوافده وفي حال عدم التزام اي من اصحاب العمل بهذه القوانين يمكن التقاضي امام الجهات القانونية.
وقال” القانون منفذ بالكامل ولكن الجهة المتضررة تستطيع ان تلجأ الى المحاكم فالقانون الى جانبها”.
وعما طرحه التقرير عن وجود اكثر من 16 % من البحرينين في الخارج اكد مسؤولو الامم المتحدة على وجود هذا الرقم كأشخاص ولدوا في البحرين وغادروها ولا يحملوا الجنسية البحرينية.
فيما اكد العلوي ان اعداد البحرينين في الخارج لا تتجاوز 7 الاف مواطن بحريني يعملون في دول خليجية في مجالات المصارف والتأمين وقطاع التعليم.
وكان نائب مدير برنامج الامم المتحدة الانمائي في البحرين محمد ال شريف قد اكد ان البحرين تقدمت في مستويات التنمية البشرية على مستوى الخدمات الصحية والتعليمية ومعدلات دخل الفرد فيما تراجعت في ترتيبها نتجيه لدخول دولتين اجنبتين ضمن التصنيف.
واشار شريف الى البحرين تحتل المرتبة 39 في الترتيب الاول من ضمن الدول المتقدمة على مستوى التنمية البشرية.
وكان التقرير قد اكد ان نصف مهاجري العالم الذين يتنقلون نتيجة للصراعات السياسية يعيشون في الدول العربية مما يعتبر تحدياً تواجهه هذه الدول التي تأوي اكبر عدد من اللاجئين الى جانب تحدي رئيسياً اخر يتمثل بكفالة حقوق العاملين الاجانب في المنطقة.
وسجل التقرير ارتفاعا مطردا على مدار الخمسين عاما الماضي حول الهجرة داخل المنطقة العربية حيث تضم قطر نسبة 63 % والامارات 56 % والكويت 47 % كما ان عدد الاشخاص الوافدين من افريقيا(جنوب الصحراء الكبرى) الذي باتوا يعيشون في شمال افريقيا اكبر من عدد من يعيشون في اوروبا.