المنامة – أماني المسقطي
أكد وزير العمل مجيد العلوي أن مفهوم العمالة المهاجرة لا ينطبق على البحرين، باعتبار أن العمالة الوافدة لها عدد من الحقوق المدنية والسياسية في الدولة المستقبلة، في حين أن العمالة الأجنبية في البحرين هي عمالة وافدة تنتهي أحقيتها في البقاء مع انتهاء عقد عملها.
جاء ذلك خلال تدشين تقرير التنمية البشرية 2009، والذي حمل في هذا العام عنوان: (التغلب على الحواجز: قابلية التنقل البشري والتنمية)، وذلك يوم أمس (الأربعاء) في بيت الأمم المتحدة.
وأحرزت مملكة البحرين الترتيب 39 عالميا في مؤشر التنمية البشرية، إذ جاءت على رأس الدول المصنفة على أن التنمية البشرية فيها «عالية»، ويأتي هذا التصنيف بعد تصنيف الدول ذات التنمية البشرية «العالية جدا»، فيما جاءت البحرين في المرتبة الرابعة على مستوى الدول العربية والخليجية على حد سواء، بعد كل من الكويت وقطر والإمارات.
ويصنف التقرير الدول وفق أربعة تصنيفات، ويُمنح تصنيف «تنمية بشرية عالية جدا» للدول التي تحرز (0.900 نقاط وما فوق)، و»تنمية بشرية عالية» للدول ذات النقاط بين (0.800 – 0.899)، و»تنمية بشرية متوسطة» للنقاط بين (0.500 – 0.799)، و»تنمية بشرية منخفضة» للدول التي تحرز نقاط (أقل من 0.500).
وأكد الوزير العلوي أن البحرين تعتمد اعتمادا كثيرا على ثروتها البشرية التي لا تنضب، وهي التي تدير القطاعات المهمة في البحرين، وتشارك في قطاع الصرافة والتأمين في دول الخليج.
وأشار إلى أن مفهوم الهجرة هو مفهوم قديم بدأ قبل بروز الحضارة والمدنية الحديثة، وأن ما يميز وضعنا الحالي عن السابق هو الحدود الجغرافية السياسية التي جاءت مع الدولة الحديثة، لافتا إلى أن مفاهيم الهجرة والوطنية والتجنيس تختلف تماما مع بعضها البعض.
وقال: «نحن أمام تقرير جيد في مفهومه، ولكن لا علاقة له بالبحرين، فمفهوم الهجرة الحديث هو الانتقال من مكان إلى آخر لكسب الجنسية، وفي البحرين ليس هناك آلاف أو ملايين ممن يهاجرون إلى مناطق أخرى، كما لا يوجد الملايين من المهاجرين من أوروبا أتوا للإقامة في البحرين، وبالتالي فإن المفهوم الحديث للهجرة لا ينطبق على مملكة البحرين».
وتابع: «كما أن هناك وضعا خاصا وخطرا في الخليج له علاقة بالتغيرات الديمغرافية والثقافية التي يمكن أن يثبتها مفهوم الهجرة حسب هذا التقرير، إذ لا توجد دولة في العالم يمثل المواطنون فيها أقلية من العمالة الوافدة. وفي بريطانيا صدر تقرير قبل عامين يشير إلى أنه في العام 2030 سيبلغ سكان بريطانيا 70 مليون نسمة والمهاجرون سيشكلون 10 في المئة منهم، وهنا طالبت الحكومة البريطانية بخفض هذه النسبة والتعامل معها إذا حدث ذلك».
وأضاف: «في البحرين بلغت نسبة العمالة الوافدة أقل من 50 في المئة من السكان، وهذه الخطورة دعتنا إلى التحرك لأن العمالة الوافدة في المنطقة لا تحاول من الناحية الثقافية أن تتفاعل وتكون جزءا من المجتمع الذي نعيش فيه وإنما في تجمع كبير أكبر من السكان الأصليين».
وأشار إلى أن ذلك دفع إلى الاجتماع مع الدول المصدرة للتعامل مع المشكلة، وأنه تم الاتفاق مع منظمة الهجرة باعتبار العمالة الأجنبية في البحرين هي عمالة تعاقدية مؤقتة لا عمالة مهاجرة، ما يعني عدم وجود أية التزامات سياسية أو قانونية تجاه العمالة وإنما أصحاب العمل هم المسئولون عن توفير ذلك.
وأكد على أن البحرين من دون دول المنطقة سعت كثيرا لإعطاء العمالة الأجنبية حقوقها كاملة ورعايتها والتأكد من أن حقوقها الإنسانية والتعاقدية ملتزم بها، وأن البحرين في مجمل ما يطالب به التقرير مستجيبة لشروط ومعايير الأمم المتحدة.
ونوه إلى أن البحرين حققت الكثير من الإنجازات فيما يخص تطبيق قانون العمل على الجميع، باعتبار أن القانون ينطبق على البحريني والأجنبي على حد سواء، ناهيك عما اتخذ من إجراءات لحماية العامل الأجنبي، ومنها وقف العمل وقت الظهيرة ودفع الراتب عبر المصارف.
وبين أيضا أن البحرين لم تفرق بين بحريني أو أجنبي حين أقرت قانون التأمين ضد التعطل، وإنما التزمت بمعايير منظمة العمل الدولية في هذا الإطار.
وقال: «البحرين رائدة في قانون تنظيم سوق العمل، فهذا القانون يعطي للعامل الأجنبي حرية الانتقال من عمل إلى آخر حتى من دون موافقة صاحب العمل، لأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أكد على حق الإنسان في اختيار العمل الذي يريده».
وانتقد العلوي ما تطرق إليه التقرير بشأن البحرين، إذ أشار التقرير: «في السنوات الأخيرة، اتخذت بعض البلدان في المنطقة خطوات معتدلة نحو إصلاح أنظمة الهجرة الوافدة.(…) إلا أن مقترحات الإصلاح الأكثر طموحا، مثل مقترح البحرين في أوائل العام 2009 لإلغاء نظام الكفالة كما ورد فى التقارير، قد تعثرت في مواجهة المعارضة السياسية المكثفة من جانب المصالح التجارية».
وهو الأمر الذي نفاه العلوي، وقال: «هذا الاقتراح لم يتعثر، وأنا ألوم القائمين على التقرير حين أخذوا من مركز البحرين لحقوق الإنسان (المنحل) وصحيفة «خليج تايمز»، مصدرين لهما. فالتقرير يتحدث عن أهم الخطوات التي قامت بها البحرين، وأعلنت القيادة السياسية تأييدها لها، وواجهنا العالم من أجلها، وبدلا من أن يتم الاستفسار من الوزارة بهذا الشأن، يتم الرجوع إلى مصادر لا علاقة لها بالأمر، وهو ما من شأنه أن يؤثر على صداقية ما يكتب في هذا الإطار».
وأكد العلوي أن البحرين ليست الدولة الوحيدة التي ترفض مفهوم أو كلمة المهاجر، لأن هناك اتفاقيات دولية تعطي حقوق مدنية وسياسية للمهاجرين، وأنه في دول الخليج يتم تحاشي اعتبار العمالة مهاجرة حتى لا يأتي يوم يكون فيه المواطنون أقلية ومحكومين من عالم لا يفهم عاداتهم وتقاليدهم
واختتم العلوي حديثه بالقول: «أهمية التقرير تكمن في أن البحرين وعلى الرغم من مواردها القليلة مقارنة بدول المنطقة إلا أن إنجازاتها في مجال التنمية البشرية تناطح وتنافس دول دخلها القومي ضعف دخل البحرين».
ومن جهته ذكر المنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيد آغا أن أغلب التوصيات الواردة في تقرير التنمية البشرية مطبقة في البحرين، مهنئا مملكة البحرين لاستمرارها في خطوات التنمية البشرية، وهو ما انعكس على موقع البحرين في المؤشر على حد تعبيره.واعتبر أن ترتيب الدولة في المؤشر ليس مهما بقدر أهمية مؤشر قيمة التنمية البشرية.
ولفت إلى أن التقرير يؤكد على أن الهجرة إيجابية لتطوير التنمية البشرية للبلدين المهاجر والمستقبل وللفقراء في العالم، وأنه من شأنه أن يخلق تطورات إيجابية على صعيد الصحة والتعليم.
كما بين أن التقرير يشير إلى أن المخاوف من هجرة العمالة هو أمر ليس واقعي وإنما هناك مكاسب كثيرة من ورائه، لافتا إلى أن التقرير يعتمد على الحقائق والأدلة التي تثبت أن هجرة العقول ليست سببا من أسباب ضعف الخدمات العامة، وإنما بسبب ضعف التنمية البشرية.
وأشار آغا إلى أن توصيات التقرير تدعو إلى ضبط وإدارة عملية الهجرة، لا التعامل معها على أنها مشكلة بحاجة إلى حل.