نقطة حــبر
أماني خليفة العبسي
بحثت عن ردود مقنعه لوزارة العمل أو هيئة تنظيم سوق العمل حول القرارات التي زلزلت الشارع البحريني وأثارت العديد من علامات الاستفهام ولم أوفق إلى الآن.. المشكلة أن السؤال والجواب كل منهما يمضي في مسار مختلف تماماً.. رجال الأعمال -الصغار منهم على الأقل- يتساءلون عن مستقبل أعمالهم ولقمة العيش التي يعتمدون عليها كلياً ولا يملكون من حطام الدنيا سواها، والجهة المسؤولة تتكلم عن استراتيجية وطنية ذات أهداف مثالية أهمها تأهيل وإحلال البحرينيين والحد من العمالة السائبة.أنا شخصياً لا أرى رداً في هذا الكلام الجميل إلا أن الحكومة متمثلة في الجهتين تريد أن تنتزع طفلاً من ابتدائي وترميه في برنامج الدكتوراه، واضح جداً من ردود الفعل الساخطة أن الحوار والإعداد الذي يقال إنه بدأ في 2004 لم يتمخض عن توافق بين الحكومة وأصحاب الشأن وأن الأولى قد قررت أخيراً أن ترميهم في طوفان التجربة دون طوق نجاة.
لقد تم إقرار إجراءات جديدة لأهداف معينه ربما تكون نافعة على المدى البعيد وربما تقضي على جميع مشكلات سوق العمل -الله يعلم- ولكنها تسبب ضرراً مباشراً بمصالح شريحة كبيره من المواطنين، إضافة لذلك فإنها لا تشجع البحريني على دخول مجال الأعمال، لذا لا يسع أي عاقل إلا أن ينصح بالتراجع والتروي والبدء بالخطوات الأقل ضرراً، ولا بد أن يكون هناك حل أكثر رحمة.
وأنا لا أرى أن رجال الأعمال يتوجب عليهم أن يدفعوا ضريبة العشر دنانير، وأجهل فعلاً لِمَ الحكومة غير قادرة على الإنفاق بنفسها على تطوير سوق العمل وتدريب العمالة الوطنية ودعم المشاريع، واضح أنها مسؤولية الدولة لا المواطن.
لكن بعيداً عن هذا كله فإن الموضوع بحاجه لإعادة نظر في مسببات الفوضى وفي الطريق الأمثل لتحقيق الأهداف التي نتفق عليها جميعاً.
لنأخذ على سبيل المثال قطاع الإنشاءات؛ هل هناك بحريني سيعمل في مواقع البناء؛ أعني بعيداً عن الهندسة والإشراف؛ أعني حمل الطابوق ورصه والأعمال الإنشائية التي لا تتوقف في أي طقس كان حاراً أو بارداً أو مغبراً أو ممطراً، لم لا نبدأ بإعداد العمالة الوطنية وإحلالها تدريجياً وليأخذ الأمر وقته أن كان سيعود بنتائج مثمره لجميع الأطراف.
إن المسؤولية لا يجب أن تلقى على عاتق رجال الأعمال، إذا وقع إهمال أو تجاهل لأحوال سوق العمل حتى تردت للوضع الحالي فهذه مسؤولية الوزارة والوزراء العديدين الذين تلاحقوا عليها عبر السنين، ولا يمكن للإصلاح المنشود أن يكون على حساب المواطن.
وسؤالي الأخير لهيئة سوق العمل التي نحن جميعاً على ثقة بطيب نواياها؛ كيف تقرون قانوناً يكفل حقوق طرف واحد ”أجنبي” ويرمي البحريني في غياهب المجهول؟ أعتقد من حقنا أن نعرف مسوغات هذا الحكم القاسي.