المتابع للساحة يلحظ انقسام القيادة حول قانون حرية انتقال العمالة بين مؤيد ومتحفظ، فضلا عن انقسام بقية التيارات الاقتصادية والسياسية وعامة الناس حول القانون ذاته، وهذا كفيل بعدم نجاح المشروع بسبب عدم حصول الإجماع الوطني حول هكذا مشروع، ومن ثَمَّ تأثيراته المباشرة على الجميع.
ومن وجهة نظرنا كعاطلين، لا نرى أن هذا القرار يصب في مصلحتنا؛ لأننا نواجه صعوبة كبيرة الآن في الحصول على وظيفة مناسبة، فكيف هو الحال إذا تم تطبيق هذا القرار وأصبح العامل الأجنبي حرا في الانتقال من رب عمل إلى آخر، ومن وظيفة إلى أخرى.نحن نفخر بحصول البحرين على سمعة طيبة في المحافل الدولية، ولكن أين هي منظمات حقوق الإنسان من متابعة حقوقنا المهضومة كمواطنين لم نحصل على وظيفة تتلاءم ومؤهلاتنا وقدراتنا مع علمها بالتمييز الموجود في التوظيف بوزارات الدولة ومؤسساتها؟
فيما يخص قرارات هيئة تنظيم سوق العمل المتعلقة بالضرائب، والتي تدعي رفع الإنتاجية وتحسين أوضاع العمالة البحرينية، فإننا لا نرى أن هذه القرارات تساهم فعليا في تحقيق الأهداف التي سنت من أجلها بقدر ما تؤدي إلى زيادة الضرائب والمستحقات المالية المدفوعة على حساب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فكم هي الأموال التي استقطعت من أصحاب المؤسسات الصغيرة منها والكبيرة، وتم صرفها من جانب وزارة العمل سابقا لدعم مشروعات تُعنى بالتدريب والتطوير من أجل رفع إنتاجية العامل البحريني والقضاء على البطالة وتحسين أوضاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لجذب العمالة البحرينية إليها، ولكن هذه المشروعات لم تحقق النتائج المرجوة، ولم نستفد نحن ولا المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من هذه المشاريع، بينما قامت بعض المؤسسات باستغلال أموال هذه المشروعات لمصالحها الخاصة.
والآن ومع استحداث هيئة تنظيم سوق العمل ومشروع ”تمكين” سيكون مصيره كمن سبقه من مشروعات مشابهة؛ لأن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا تستفيد فعليا من هذا المشروع مع استمرار مطالبة هيئة تنظيم سوق العمل لها بدفع الضرائب المستثمرة جزئيا في دعم هذا المشروع.
على النقابات العمالية أن تقف معنا موقفا صريحا من قضية توظيف العمالة البحرينية في الوزارات الحكومية بدلا من استجلاب العمالة من الخارج لشغل وظائف من الأحق أن تكون من نصيب العمالة الوطنية، والعمالة الوطنية لا تنقصها الكفاءة والمؤهلات الأكاديمية التي تتطلبها هذه الوظائف، ولكن الوزارات ومنها الوزارات السيادية ترفض توظيف البحرينيين لأسباب يعلمها الجميع.
ونتمنى من اتحاد العمال أن يدعم العاطلين في هذه النقطة بدل الوقوف إلى جانب وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل التي تُلقي باللائمة على العاطلين لرفضهم العمل في وظائف لدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فمن البديهي أن يرفض المواطن العمل في هكذا وظائف مع وجود فرص عمل أفضل في المؤسسات والوزارات الحكومية، ولكن المواطن محروم من العمل فيها.
وبما أنكم تذمون وزارة العمل وقراراتها، فنرجو منكم ومن الوزارة الرد على هذا التساؤل، لماذا قامت وزارة العمل بفتح مكتب للتوظيف في قطر لإرسال العمالة البحرينية للعمل في الخارج، في الوقت الذي يتم فيه استقدام العمالة العربية والأجنبية للعمل في مؤسسات ووزارات وطننا؟
أما موضوع العمالة السائبة، فهذه مشكلة كبيرة تؤثر سلبا وبقوة على نشاط المؤسسات ولاسيما الصغيرة منها والمتوسطة، مما يهدد قدرتها على مواصلة نشاطها في السوق، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في تنظيف البلد من العمالة السائبة، والمسؤولية العظمى ملقاة على هيئة تنظيم سوق العمل كونها المؤسسة الوطنية الأولى المعنية بتنظيم السوق، وإن كان هناك بعض التجاوزات التي ارتكبتها فئة شاذة تاجر بعمال ”الفري فيزا”، فهذا دليل على الفساد الإداري في الدوائر الحكومية ذات الصلة وعدم إقدامها على ردع هؤلاء رغم معاصرة العديد من وزراء العمل السابقين لهذه المشلكة، فعلى الهيئة أن تتصدى لهؤلاء وتقوم بمحاسبتهم بدل تعميم الاتهام وتحميل المواطنين والمؤسسات المسؤولية عن هذه التجاوزات، أضف إلى ذلك السلوكيات غير الأخلاقية التي تمارسها هذه العمالة السائبة، وانعكاساتها السلبية على المجتمع كتسكعها في الطرقات وأمام المدارس وعلى أبواب البيوت وغيرها من المواقع، وما ينشر في الصحف يوميا من الممارسات اللا أخلاقية الصادرة من هذه العمالة كافيا لتوضيح ضرر استمرار وجود هذه العمالة في البلاد.
وإذا ما فكرنا نحن العاطلين في دخول ميدان العمل باستحداث مشروع تجاري صغير يكفل لنا قوت يومنا بكرامة وشرف، فإننا نواجه بمنافسة شديدة من قبل العمالة السائبة مما يثبط عزيمتنا في المبادرة والمساهمة في بناء وخدمة وطننا.
– مجموعة من الباحثين عن عمل