انتقد «تقرير الاتجار بالبشر للعام 2009» الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية ما أسماه بـ«عدم التزام البحرين بشكل كامل بالمعايير الدنيا المطلوبة لمكافحة الاتجار بالبشر على رغم تحقيقها بعض التقدم في هذا المجال».
وقال التقرير: «إن الحكومة البحرينية أدانت لأول مرة في 2008 متهمين بالاتجار بالبشر من أجل الجنس واستحدثت في يوليو/ تموز 2008 نظاماً جديداً للتأشيرة يفتح المجال لإزالة نظام الكفيل، ولكن مع كل هذه التطورات المهمة فإن الحكومة لم تعطِ أدلة واضحة عن التقدم في مجالات مهمة لحماية ضحايا الاتجار بالبشر أو معاقبة الذين يقومون بهذه المتاجرة».
انتقدت استغلال رجال للعمل في ظروف صعبة وإجبار نساء على تجارة الجنس
«الخارجية الأميركية»: البحرين مركزاً للاتجار بالبشر
الوسط – محرر الشئون المحلية
اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها عن الإتجار بالبشر أن «مملكة البحرين إحدى الدول التي تعتبر مركزاً للاتجار برجال ونساء يتم نقلهم إليها بغرض العمل في ظروف صعبة أو من أجل تجارة الجنس».
ووجهت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها الصادر في 16 يونيو / حزيران الجاري بعنوان «تقرير الاتجار بالبشر للعام 2009» جملة من الملاحظات على قضايا الاتجار بالبشر في البحرين.
ووفقاً للتقرير فإن «الرجال والنساء الذين يتاجر بهم في البحرين يقدمون من دول الهند، باكستان، نيبال، سريلانكا، بنغلاديش، إندونيسيا، تايلند، الفلبين، إثيوبيا وأريتريا، وهؤلاء يرتحلون إلى البحرين طواعية للعمل في قطاعات عمل رسمية أو كخدم للمنازل، ولكن بعضهم تفرض عليه خدمات خارج ما كان متوافقاً عليه عند قدومهم إلى البحرين، كما أنهم وعند وصولهم إلى البحرين يتم احتجاز جوازات سفرهم ويمنعون من الحركة داخل البلاد، ولا تدفع معاشاتهم بصورة منتظمة، ويتعرضون للتهديد وحتى الاعتداء الجسدي والاغتصاب الجنسي. بالإضافة إلى ذلك فإن هناك نساء يقدمن من تايلند والفلبين والصين وفيتنام وروسيا وأوكرانيا والمغرب والأردن وسورية ولبنان، وهؤلاء يستخدمن من أجل تجارة الجنس في البحرين».
وحمل التقرير كثيراً على الحكومة البحرينية لما أسماه بـ «عدم التزام البحرين بشكل كامل بالمعايير الدنيا المطلوبة لمكافحة الاتجار بالبشر على رغم تحقيقها بعض التقدم في هذا المجال. فالحكومة البحرينية أدانت لأول مرة في 2008 متهمين بالاتجار بالبشر من أجل الجنس واستحدثت في يوليو/ تموز 2008 نظاماً جديداً للتأشيرة يفتح المجال لإزالة نظام الكفيل، ولكن مع كل هذه التطورات المهمة إلا أن الحكومة لم تعطِ أدلة واضحة عن التقدم في مجالات مهمة لحماية ضحايا الاتجار بالبشر أو معاقبة الذين يقومون بهذه المتاجرة».
ووضع التقرير مملكة البحرين في المستوى الثاني من المراقبة بشأن الاتجار بالبشر.
ونصح تقرير وزارة الخارجية الأميركية الحكومة البحرينية بأن تضاعف بشكل ملحوظ التحقيقات والمحاكمات والعقوبات للأشخاص المتهمين بالاتجار بالبشر ولاسيما فيما يتعلق بالعمالة الوافدة، مع ضرورة وضع إجراءات واضحة لتحديد هوية الضحايا وإنقاذهم من معاناتهم ولاسيما خادمات المنازل اللاتي يهربن من العوائل بسبب القسوة، وأيضا مكافحة ظاهرة انتقال الخدم وغيرهم إلى مهنة الدعارة. ودعا التقرير الحكومة إلى عدم معاقبتهن على أنهن ضحايا بل عليهم أن يضعوا الإجراءات اللازمة للحد من هذه الظاهرة.
وقال التقرير: «إن حكومة البحرين حققت تقدماً متواضعاً في مجال تطبيق الإجراءات للحد من الاتجار بالبشر وكانت قد أصدرت في يناير/ كانون الثاني 2008 قانوناً لمكافحة الاتجار بالبشر، وحددت عقوبة السجن 15 عاماً للمدانين في هذه التهم، وقد أنشأت وزارة الداخلية وحدة خاصة من 10 أشخاص لمكافحة الاتجار بالبشر، وقالت هذه الوحدة إنها فككت شبكة دعارة وحررت 43 صينية، ولكن النيابة العامة لم تتخذ إجراءات واعتبرت أن الأدلة غير كافية لإدانة المتهمين في هذه الشبكة. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2008 وجهت النيابة العامة تهماً لامرأة تايلندية وحكم عليها لاحقاً بالسجن 3 سنوات ونصف وغرامة 13 ألفاً و250 دولاراً أميركياً لأنها كانت تتاجر بفتيات تايلنديات تستقدمهن لمهنة الدعارة في البحرين. وفي هذه الفترة أعلنت حكومة البحرين أنها أغلقت عدة وكالات لاستقدام العمال، بعد أن وجهت لها تهماً بمصادرة جوازات العمال، وتغيير الاتفاقات وعدم دفع الأجور، كما أمرت الحكومة 12 من أصحاب العمل بأن يدفعوا للعاملين لديهم معاشاتهم أو تسريحهم ولكن لم توجه أية تهم جنائية لأصحاب العمال أو وكالات استقدام العاملين لتعريض العمال لظروف قاهرة تدخل ضمن مفهوم الاتجار بالبشر. كما أن الحكومة لم تنفذ المواد التي تمنع احتجاز الجوازات العمال الأجانب على رغم أن الأكاديمية الملكية للشرطة قامت بتدريب الشرطة الجدد على كيفية التعرف على ضحايا الاتجار بالبشر».
وأفاد التقرير بأن «الحكومة البحرينية لم تفعل شيئاً باتجاه تحسين خدمات الحماية لضحايا الاتجار بالبشر خلال العام الماضي، على رغم أنها أصدرت توجيهات وإرشادات لأصحاب الأعمال لتحسين ظروف العمال المهاجرين، والحكومة لديها ملجأ من طابق واحد للإناث اللاتي يشكين من ظروف العمل وأن أكثرية الضحايا تذهبن إلى الملاجئ المتوافرة في السفارات من خلال جمعية حماية العمال المهاجرين التي قالت إنها حصلت على منحة قدرها 15 ألفاً و990 دولاراً أميركياً من الحكومة البحرينية لتيسير شئون الملجأ الذي تشرف عليه، إلا أن الحكومة لم تستحدث أية إجراءات لطريقة التعاون مع ضحايا الاتجار بالبشر الذين يتعرضون للاعتقال، وليست هناك وسيلة لنقل هؤلاء إلى الملاجئ، بالإضافة إلى أنه لا يوجد ملجأ لضحايا الاتجار بالبشر من الذكور. وفي أغسطس/ آب 2008 أسست وزارة التنمية الاجتماعية لجنة لحماية ضحايا الاتجار بالبشر، وإحدى صلاحيات هذه اللجنة هي إفساح المجال لضحايا الاتجار بالبشر للبقاء في البحرين حتى الانتهاء من المحاكمات المتعلقة بقضاياهم. وقد منحت هذه اللجنة نساء تايلنديات أجبرن على العمل في الدعارة أن يبقين في البحرين من أجل العمل في مهنة أخرى ولكن النساء فضلن العودة إلى تايلند».
وأوضح التقرير أن «غالبية العمال المهاجرين الذين يهربون من أصحاب العمل القساة توجه لهم تهمة الهرب وتصدر ضدهم أحكام بالسجن لمدة أسبوعين ثم التسفير، كما أن أصحاب أعمال يقومون بتسجيل قضايا ضد العمال الهاربين. وقد قامت وزارة الداخلية بتوزيع منشورات للتوعية بشأن الاتجار بالبشر ووزعت هذا المنشورات على القادمين إلى البحرين من العمال الأجانب وقامت هيئة تنظيم سوق العمل وبالتعاون مع وزارة الداخلية بطباعة منشورات تشرح للقادمين كيفية الحصول على تأشيرة العمل بالطرق الشرعية وكيف يرفعون شكوى ضد من يستغلهم».
ورأت وزارة الخارجية الأميركية أنه على رغم زيادة الوعي بشأن جرائم الاتجار بالبشر في البحرين إلا أن عدداً كثيراً من الناس يعتقدون أن احتجاز جوازات العمال أمر اعتيادي.
وأشارت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها إلى احتضان البحرين في مارس/ آذار 2009 لمؤتمر دولي بشأن طرق مكافحة الاتجار بالبشر، وفي الفترة ما بين أبريل/ نيسان ويوليو 2008 وفرت الحكومة خدمات دعم ومساندة قيمتها 60 ألف دولار أميركي لدعم المنظمة الدولية للهجرة، فيما يخص تدريب المتطوعين والصحافيين، وصرفت هذه الأموال لتدريب 315 شخصاً. وفي يوليو 2008 طلبت الحكومة تدريباً لتوعية موظفي وحدة مكافحة الاتجار بالبشر، ولكن لحد الآن لم تحرك الحكومة ساكناً لتقليل الطلب على العمالة التي تعمل في ظروف قاهرة، أو تقليل الطلب على العاملين في مهنة الدعارة».
اتهام 52 بلدًا بالاتجار بالبشر
وأضافت الإدارة الأميركية أسماء جديدة إلى لائحة البلدان المشتبه في عدم اتخاذها الإجراءات الضرورية لمكافحة الاتجار بالبشر.
وتضمن التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية بعنوان «تقرير الاتجار بالبشر» 52 بلدًا في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط بشكل أساسي. ويمثل هذا العدد زيادة قدرها 30 في المئة، ففي التقرير الذي صدر في العام 2008 كانت اللائحة تتضمن 40 بلداً، وتمت إزالة بعض البلدان من اللائحة السابقة بينما أضيفت بلدان أخرى مثل أنجولا وبنغلاديش والعراق ولبنان وكمبوديا وباكستان ونيكاراغوا والفلبين وقطر والسنغال والإمارات العربية المتحدة.
يذكر أن وجود أية دولة على اللائحة يعني أن حكومتها لا تعمل ما يكفي لمكافحة الاتجار بالبشر وفقًا للمعاير التي وضعتها الولايات المتحدة.
وارتفع عدد الدول المهددة بعقوبات أميركية من 7 في العام 2008 إلى 17 هذا العام، وتتضمن العقوبات إيقاف المساعدات الأميركية باستثناء المساعدات ذات الطابع الإنساني، ووضع قيود على التعاملات التجارية ومعارضة القروض المقدمة من صندوق النقد الدولي.
وبين الدول الجديدة بعض خصوم الولايات المتحدة مثل كوبا وإيران وكوريا الشمالية وميانمار والسودان وسورية، وبينها أيضا بعض حلفاء الولايات المتحدة مثل السعودية والكويت.
وأضيفت ماليزيا إلى قائمة الدول «الأسوأ» من ناحية الاتجار بالبشر، إلى جانب زيمبابوي وتشاد وأريتريا وموريتانيا والنيجر وسازيلاند.
من جانبه، قال منسق قسم محاربة الاتجار بالبشر في وزارة الخارجية لويس دي باكا: «أصبح هذا التقرير أداة تشخيص توجه جهودنا الرامية إلى إقامة شراكة عالمية لمحاربة هذا النوع الجديد من الرق».
وأضاف «إن النجاح الذي نحققه واضح، حيث انتقلت بعض دول الفئة الثانية إلى الفئة الأولى أصبحت بفضل جهودها في هذا المجال قدوة تحتذي بها الدول الأخرى في مناطقها وفي مناطق أخرى من العالم. وفي هذا الصدد أود أن أشيد على وجه التحديد بقيام نيجيريا بتأسيس قوات شرطة وقسم خاص في النيابة العامة لمحاربة الاتجار بالبشر».