بقلم: سلوى المؤيد
لا يدري تجار البحرين ماذا يواجهون.. الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى تدهور أرباحهم. أو قرارات وزارة التجارة والبلديات التي تكاد تخنقهم وتبعث اليأس إلى قلوبهم من مستقبل التجارة في البحرين.. بل وتهدد التجار الصغار بالإفلاس.
تجار البحرين يتساءلون.. كيف يقرر مجلس التنمية الاقتصادية حرية السماح للعامل الأجنبي بالتنقل من عمل إلى آخر.. من دون مناقشة هذا الأمر مع تجار البحرين قبل إصداره؟.. وكيف تصدر البلديات قانونا بشأن الإعلانات في الشوارع قبل مشاورة التجار أنفسهم أصحاب الشأن.
هؤلاء التجار وطنيون.. وهم بناة اقتصاد البحرين الحديث.. ولا يمتلك كلهم مؤسسات كبيرة.. بل أكثرهم تجار صغار يعتمدون على مداخيلهم اليومية.. فكيف سيواجهون ما ينتج عن هذا القرار من فوضى وتكاليف لإيجاد عاملين مدربين بدلا من موظفيهم الأجانب عندما يتركونهم لأقل راتب أفضل من راتبهم.. هل يوجد البحريني الذي يحل مكانهم لدى هؤلاء التجار وأصحاب المقاولات والمصانع.. هل يقبل البحرينيون أن يعملوا في قطاع المقاولات.. كيف سيواجه رجال الأعمال في البحرين الأزمة الاقتصادية وهي تسوء تدريجياً وأخذت تؤثر كثيراً على الاقتصاد البحريني..
إذا كانت الحكومة نفسها تشتكي من عجزها الاقتصادي في مواجهة هذه الأزمة وتريد أن تستلف حوالي خمسمائة مليون دينار لمواجهة مصاريف مشاريعها التنموية.. فما بال تجار البحرين الكبار والصغار.
ولا يكفي قرار حرية تنقل العامل الأجنبي وما يشكله من ضربة على رؤوس رجال الأعمال حتى تأتي وزارة البلديات بقانون مجحف جداً لتطبق على التجار الذين يقومون بتأجير مواقع للإعلانات في شوارع البحرين..
حيث تقوم شركات وطنية باستئجار مواقع في شوارع البحرين من البلدية الخاصة بمناطقهم..على أساس سعر المتر المربع 36 دينارا في السنة مع الضريبة الأرضية البالغة 180 دينارا لكل موقع إعلاني.. فإذا حسبنا مثلاً ما هو المبلغ المدفوع لثمانية مواقع فهو قد يصل إلى (2013 دينارا) في السنة بينما تريد البلدية أن تفرض من خلال القانون الجديد على المعلن أن يدفع لهذه المواقع الثمانية (35840 دينارا) أي تقريباً ضعف السعر السابق.. مع إضافة جديدة ظالمة لصالح البلدية وهي أن يلتزم الطرف الثاني (المعلن) بأن يسمح للبلدية مجاناً بحق استخدام أي لوحة من اللوحات الإعلامية في أي موقع تراه.. وعلى المعلن أن يدفع 10% زيادة كل سنة جديدة. ولم تكتف البلدية بذلك وإنما تفرض من خلال القانون الجديد أن يكون لها الحق في استخدام اللوحات الإعلانية في الأعياد الوطنية على أن يقوم صاحب الموقع بطباعة هذا الإعلان على نفقته ويقوم أيضاً بإزالته على حسابه.. هل من المعقول أن تستولي البلدية على موقعه ثم يكون طباعة العمل الذي أضر به وإزالته على نفقته؟! أي دولة تفرض على تجارها هذا القانون الظالم.. هكذا يقرر المسؤولون وينفذون ولتذهب مصالح المعلنين إلى الجحيم.. لماذا كل ذلك أليس هم مواطنون ينفقون على أسرهم ويعانون من الأزمة الاقتصادية من خلال قلة الإعلانات إلى جانب محاولة المعلنين لديهم الحصول على تخفيض منهم.. إلى جانب شدة المنافسة في هذا المجال.. ألم يفكر وزير البلديات في كل هذه المصاعب التي يواجهها أصحاب هذه المواقع؟
والمضحك المبكي أنه عندما سأل المعلنون البلدية لماذا رفعت أسعار الإيجار.. رد عليهم المسؤلون بأن ميزانية الدولة لديها عجز ويريدون موارد أكثر لمشاريعهم في ظل الأزمة الاقتصادية.. هل تجار الإعلانات يعيشون في القمر ووزارة البلديات تعيش في البحرين؟.. ان الأزمة الاقتصادية تضغط على الجميع.. مما يدهشني حقاً أن حكومة البحرين كان دخلها فائضاً طوال سنوات ازدهار أسعارالبترول.. واليوم تقول الحكومة أن لديها عجزا.. أين الأموال الفائضة من تلك السنوات.. أليس من المفروض أن تحفظ للسنوات العجاف؟
وأعود إلى حرية انتقال العامل الأجنبي من عمل إلى اخر.. لنفترض أن هؤلاء العمال بناءون.. وانتقلوا من مقاول إلى مقاول آخر.. هل المواطن البحريني الباحث عن وظيفة وليست لديه مؤهلات سيقبل العمل في وظيفة بناء؟.. ماذا يفعل المقاول الذي التزم بعمل لقاء مبلغ معين وفي زمن محدد.. ألن يتعرض بعد انتقال عماله الذين ذهبوا وتكفل مادياً لجلبهم.. لعقاب من طلب منه القيام بمشروعه ولم يسلمه في وقته.
إن وزارة التجارة تفرض على التجار ما تريد.. من دون مناقشتهم.. عليها البحث عن الحلول الوسط التدريجية.. التي لا تضر أحد الجانبين.. وكأن التاجر غير مواطن يعمل على نمو اقتصاد بلاده.. وإذا أساء بعض التجار إلى موظفيهم الأجانب.. إلا أن الكثير منهم عادلون معهم. لقد دفع رجال الأعمال 10 دنانير عن كل عامل أجنبي لديهم.. لتقوم شركة تمكين بتدريب البحرينيين على الأعمال المطلوبة في السوق ليحل البحريني مكان الأجنبي.. وكلنا نرحب بذلك.. لكن هذا المشروع مازال في بدايته.. وبحاجة إلى عدة سنوات من التعليم والتوعية بقيمة العمل في أي مجال شريف لكي يقتنع الموظف البحريني أن يعمل في كل مجالات العمل.. كما أن على وزارة العمل أن تضع قانونا بين العامل البحريني والتاجر يحدد المدة التي عليه أن يكملها مع التاجر مقابل تدريبه خارج دراسته في شركة تمكين.. ألا يجب أن يكون هناك قانون يفرض على العامل الأجنبي والبحريني لأن يدفع لرجل الأعمال الذي قام بتدريبه وتعليمه المال الذي أنفقه عليه قبل أن ينتقل إلى تاجر آخر وإلا من سيعوض التاجر هذا المال.
هناك تجار صغار لا يتحملون انتقال العامل الأجنبي لديهم إلى أعمال أخرى لان ذلك يشكل لديهم انفاقاً مادياً جديدياً ليأتوا بعمال جدد.. وما أن يأتوا بهم حتى ينتقلوا الى من يدفع لهم 5 دنانير أكثر.. وهكذا إلى أن يفلس التاجر.. فهل هذا قانون في مصلحة التاجر المواطن؟.
إن المادة 25 من قانون العمل الجديد تنص على “يكون للعامل الأجنبي من دون موافقة صاحب العمل – الحق في الانتقال الى العمل لدى صاحب عمل آخر وذلك من دون الإخلال بالحقوق المقررة لصاحب العمل بموجب أحكام القانون أو نصوص عقد العمل المبرم بين الطرفين”. إنني هنا أطرح هذا السؤال ما الحقوق المقررة لصاحب العمل إذا كانت الوزارة سحبتها كلها بموجب القانون الجديد عندما سمحت فيه للعامل الأجنبي بحرية الانتقال من دون سبب؟
كما أن على الوزارة أن تطبق عملياً كما اقترح التجار فقرة ألا يخل العامل الأجنبي بالحقوق المقررة لصاحب العمل بموجب أحكام القانون أو نصوص عقد العمل المبرم بين الطرفين بأن يضع صاحب العمل شروطه في حالة تعاقده مع العامل الأجنبي فإذا وافق عليها فهو ملتزم بها طوال مدة عقده ولا يجوز أن ينتقل إلى شركة أخرى بموجب هذا الاتفاق.. وهنا تحترم حقوق التاجر البحريني والعامل من دون الإخلال بالحقوق المقررة لصاحب العمل والعامل الأجنبي إذا كان ملتزما بهذه الشروط التي وافق عليها العامل الأجنبي.. وتحفظ مصلحة كل من الطرفين ويتمكن التاجر من الاطمئنان ويستقيم عمله من دون أن يتحمل نفقات أخر ى.
أرجو أن تنتج عن الاجتماعات التي بدأت يوم الأربعاء بين وزارة العمل وغرفة تجارة وصناعة البحرين ورئيس مجلس النواب ما يحفظ حق جميع الأطراف لما فيه مصلحة اقتصاد مملكة البحرين مادام النقاش والتشاور والمصلحة الوطنية هي الأساس في هذه المشاورات .