المقاولون يحذرون: 50% منا سيفلسون قريبا إذا استمرت الرسوم على وضعها الحالي

المقاولون يحذرون: 50% منا سيفلسون قريبا إذا استمرت الرسوم على وضعها الحالي

المقاولون يحذرون: 50% منا سيفلسون قريبا إذا استمرت الرسوم على وضعها الحالي

لم تتوقف شكاوى المقاولين تعاليا منذ فرضت “تمكين” تلك الرسوم التي اعتبرها المقاولون أنها قصمت ظهورهم، واعتبرتها هي فتاتا يعود بالنفع عليهم. وبعد الاحتجاجات والاعتصامات والشكاوى المتكررة التي يبدو أن الجهات المعنية لم تلتفت إليها بالشكل الذي انتظره المقاولون، جاء بعض التأكيدات أن الإفلاس بات يهدد ما لا يقل عن 50% من المقاولات الصغيرة خاصة مع البرامج والاشتراطات التي فرضتها “تمكين” عليهم مثل المعدات والتجهيزات التي ساندت رسم “الدنانير العشرة” في إرهاق كاهلهم، على حد قولهم. وكما يؤكد الكثير من المقاولين فإنهم اضطروا إلى بيع معداتهم أو تأجير سجلاتهم، وعدد لا بأس به بات يفكر جديا في الخروج من هذا (الكار) الذي (ما عاد يؤكل عيش) ليس بسبب الرسوم فقط وإنما بسبب توقف الأعمال تماما نتيجة الأزمة المالية وتشدد البنوك في إقراض المواطنين.ولكن.. في جبهة مواجهة نجد انه ليس الكل مقتنعا بهذه الحجج، وان هناك من يحمل المقاولين المسئولية بل يطالب بعضهم بالخروج من السوق.
فأي الحجتين أقوى؟ وإلى أين وصل وضع المقاولين؟ وهل هم مهددون بالإفلاس فعلا؟ هذا ما نحاول البحث عنه في الأسطر التالية:
الرقم غير دقيق
النائب السابق ونائب رئيس جمعية المقاولين البحرينية عباس حسن يشكك في صحة هذا الخبر أو النسبة الواردة فيه التي تشير إلى أن 50% من المقاولات مهددة بالإفلاس، ولكن المفاجأة انه يؤكد أن النسبة هي أكبر من ذلك بكثير وقد تصل إلى 75% إذا ما استمر الوضع كما هو عليه الآن، فكيف ذلك؟
يقول نائب رئيس المقاولين: نحن نتابع أوضاع المقاولين وأصحاب الأعمال ونلمس حجم المعاناة والتذمر الكبير بسبب الرسوم المتزايدة عليهم، فالكل يصرخ من الرسوم ومن الوضع، والقادم أسوأ مثل نقل العمال بالباصات الذي يكلف صاحب العمل الكثير، واغلب المقاولين لن يستطيعوا أن يوفروا هذا الشرط خاصة مع الرسوم المفروضة عليهم مثل العشرة الدنانير على كل عامل الأمر الذي قصم ظهر المقاولين، لذلك سيكون القادم أسوأ بالتأكيد، وأعتقد أن مجلس النواب عندما وافق على هذه الرسوم سابقا لم يكن يعرف تأثيرها وانعكاساتها، ولكن عندما طبقت بالواقع اتضح تأثيرها الكبير وبالتالي ستجر إلى إفلاس الكثيرين، ومن ثم يصبح صاحب العمل عاطلا ثم عالة على الدولة، وحسب الدستور تتكفل الدولة به، لذلك لم يكن بمستغرب أن نجد الكثير من أصحاب الأعمال اضطروا إلى تأجير سجلاتهم، وهذه العملية كفيلة بأن تحول صاحب العمل إلى أجير لدى الأجنبي بعد أن احضره هو لخدمته.
لسنا مزايدين
مسألة هامة يشير إليها عباس حسن لا تخلو من التحذير المقلق، حيث يؤكد أن سوق الذهب لم يعد فيها سوى 8 أشخاص بحرينيين صمدوا حتى الآن، في حين ان الأجانب يحتكرون السوق، وإذا ما استمر وضع قطاع المقاولات على ما هو عليه الآن فإنه سيسير في نفس الاتجاه.
ويضيف محدثنا: صحيح أن هناك صمودا ومقاومة من الكثيرين، ولكن إلى متى ستبقى المقاومة خاصة مع الأزمة الاقتصادية؟ فالمقاولون لا يجدون أعمالا، وحركة البناء شبه متوقفة، وأنا أؤكد لكم أن المقاولين مستعدون لدفع العشرة الدنانير وغيرها من الرسوم ولكن إذا توافرت الأعمال، فكيف تفرض رسوم مرهقة على المقاولين وهم متوقفون عن العمل؟ ونحن نجد أن الحكومة تعيش حالة من التقشف، فما بالنا بالمقاولين؟ بل ان المواطن نفسه لا يجد من يقرضه حتى يبني بيته، وكل ذلك جعل عملية البناء تتوقف إلى حد كبير، وأول الضحايا هم المقاولون الذين بات شغلهم الشاغل توفير هذه الرسوم بسبب تدني الأعمال، وكثير منهم بات يضرب الراح بالراح.
} ولكن هناك من يؤكد أنكم تزايدون في الشكوى من الرسوم خاصة الدنانير العشرة، وأنكم تريدون جمع الأموال من دون تحمل أي رسوم إضافية؟
ــ يجب أن أؤكد أولا أننا كلنا مواطنون، وكلنا يحرص ويسعد بخدمة الوطن حتى بدمائنا، ولكن لابد أن تنظر الحكومة لنا بعين الاعتبار وتراعي ظروفنا، فنحن لم ننظم الاعتصام من اجل الاعتصام أو أن نكون غوغائيين، ولكننا التزمنا بالقانون وطبقنا حرية التعبير بشكل حضاري حرصا منا على مصلحة الوطن، ولو كنا ننشد التخريب وان نكون غوغائيين كما وصفنا البعض لعمدنا إلى الاعتصام أيام الفورمولا، ولكننا كجمعية مقاولين نحرص على الوطن وعلى الاقتصاد ولا نرفض أي رسوم إذا ما كانت هناك أعمال، ولكن كيف ندفع والعمل متوقف؟ الا يسبب ذلك إفلاسا لنا؟ فلو كانت لدينا أعمال كبيرة نحقق منها أرباحا ثم طالبنا بإلغاء الرسوم فإننا نكون حينها غوغائيين أو مزايدين، ولكننا نطلب من أي منصف أن ينزل إلى الشارع ويتابع أوضاع المقاولين ثم ليحكم هل أننا نهدف إلى التهرب من الرسوم أم أننا عاجزون فعلا ومهددون بالإفلاس؟
280%
من واقع خبرته ومتابعته للساحة، يؤكد لنا رئيس لجنة العلاقات العامة بجمعية المقاولين إبراهيم يوسف أن جميع المؤشرات تتجه إلى صحة التوقعات بإفلاس نسبة كبيرة من المقاولين وتوقف المقاولات في الفترة القادمة، وربط الأسباب بشكل مباشر بالأزمة العالمية التي بدأنا نشهد آثارها السلبية بشكل ملموس في الوقت الذي فرضت ضريبة العشرة الدنانير بوقت غير مناسب أبدا حيث تعاني السوق ركودا، ولكن الجهات المعنية مستمرة في فرض رسومها وقراراتها مثل حرية تنقل الأيدي العاملة والنقل بالباصات وغيرهما، وكلها تساهم في إخلال العلاقة بين صاحب العمل والعامل، وتسبب تدريجيا خسارة المقاول وإفلاسه.
ورغم هذا الجأر بالشكوى فإن محدثنا يؤكد أن المقاولين يدعمون هيئة تنظيم سوق العمل وصندوق العمل بدليل أنهم ساندوهما منذ البداية، ولكن منبع الرفض يكمن في انه لا يمكن فرض هذه الرسوم قبل إصلاح السوق وتنظيمها وتهيئتها بشكل يتيح للمقاولين إمكانية الاستفادة من السوق وتحقيق أرباح تمكنهم من دفع الرسوم، أما أن تفرض رسوم وسوق العمل تعاني الكثير من المشكلات فهو أمر غير مقبول أو معقول، وأبسط مثال على ذلك هو وجود حوالي 17 ألف عامل هارب، نسبة كبيرة منهم من قطاع المقاولات، وهذا يعني خللا في الإنتاج عند أي مقاول.
هل تعلم – يضيف رئيس لجنة العلاقات العامة – أن الرسوم الحالية تضاعفت علينا بنسبة 280% عن الرسوم السابقة؟ يأتي هذا في ظل تدهور السوق وتوقف النشاطات وانعدام السيولة.
صحيح أن اسمها عشرة دنانير فقط ولكنها قصمت ظهورا وعطلت أعمالا، وهم يدعون أنها لإصلاح سوق العمل ولكننا لم نلمس حتى الآن سوى الخسائر والتوقف، وحتى لو وجدت حركة في السوق فإنها بطيئة جدا ولن تتواصل لأكثر من شهر أغسطس القادم، وبعدها ستتضاعف المشكلة خاصة ان البنوك لا تقرض المواطنين كالسابق، لذلك كان من المفترض أن تقف وزارات الدولة إلى جانب صاحب العمل وتدعمه لا أن تقف ضده من خلال قرارات ورسوم تثقل كاهله وتكون نتيجتها ما نراه اليوم من إفلاس وإغلاق للأعمال.
منافسة غير متكافئة
ويبدو أن هناك إجماعا بين المقاولين على أن نسبة 50% تمثل الحد الأدنى المتوقع من إفلاس المقاولات، فحسب رئيس لجنة الإنشاءات بجمعية المقاولين محمد المريسي فإن اكثر من النصف باتوا مهددين فعلا بالتوقف والإفلاس، حتى انه ليؤكد أن النسبة قد تصل خلال الفترة القادمة إلى 80%. وهذا ما يبرره بقوله: نحن نعيش أزمة طاحنة تأكل الأخضر واليابس، يصاحبها ارتفاع في أسعار مواد البناء، ثم تأتي الرسوم لتزيد الطين بلة، وتبعها موضوع الكفالة والمميزات التي تمنح للعامل على حساب المقاول، وكل ذلك جعل المقاولين في وضع لا يحسدون عليه، فأنا مثلا عندي 55 عاملا، وفي حين كنت اقدر بعض الشيء على دفع الرسوم عنهم، صرت اكدح من اجل أن أوفر رسوم الهيئة التي لا ادري أين تصرفها هي.
تصور أننا الآن حتى قبل تطبيق قانون انتقال العمال نعاني مشاكل كبيرة، فكثيرا ما نحضر عمالا ونستمر في تدريبهم على المعدات والآليات وأساليب التشييد والبناء مدة سنة، وبمجرد أن يكتسبوا الخبرة الكافية نفاجأ بهم يهربون أو يطلبون السفر بحجة مرض احد أقاربهم أو أي سبب آخر، والمفاجأة الكبرى تكون عندما نكتشف أنهم يشكلون جماعات عمل ويعملون كمقاولين ويستأجرون سجلات وينافسوننا بشكل غير متكافئ، لأنهم لا يتحملون التكلفة التي نتحملها نحن ولا يدفعون الرسوم التي ندفعها نحن ولا يدفعون حتى إيجارات أو فواتير، ورغم ذلك لا يجد المقاول المسكين من ينصفه عندما يشتكي، بل يفرض عليه المزيد من الرسوم، وقد وصلنا الآن إلى مرحلة أن اغلبنا ليس لديه أشغال تماما خاصة في هذه الفترة، وحتى أصحاب الحفريات والنقليات الذين يعتمدون علينا في أشغالهم توقفوا أيضا، أما الحركة القليلة الموجودة في السوق فهي تتركز عند العمالة السائبة أو السجلات المؤجرة، تصور أنني قبل شهر قدمت على عطاء في مكتب هندسي، وفوجئت بأن هناك عشرة منافسين لي كلهم آسيويون وأنا البحريني الوحيد بينهم، وبالتالي أقول إن من يلتزم بالقانون بات مهددا بالإفلاس، لذلك اعرف الكثير من الزملاء المقاولين تركوا المهنة تماما وآخرين أجّروا سجلاتهم وبعضهم أغلق وبعضهم باع المعدات.
خسائر إضافية
نتابع وقفاتنا مع المقاولين لتقصي أوضاعهم وعرض حججهم التي يسوقونها لتأكيد تعرض نسبة كبيرة منهم للإفلاس، ووقفتنا هذه المرة مع صاحب “مقاولات المشهور”، و”مصنع ملك للألمنيوم” علي عبدالحسين الذي لمسنا منه تأييدا مطلقا للآراء التي طرحتها الأسطر السابقة، ويزيد عليها بأنه لو استمرت الطريقة التي يعامل بها المقاولون فإن النسبة ستستمر وتتزايد، لأن الرسوم التي تفرض عليهم تسبب لهم خسارة كبيرة بسبب توقف الأعمال، وهذا ما تسبب في توقف الكثير من المقاولين، كما أن الكثير ممن لديه مشاريع بناء أوقف مشاريعه، وهذا يعني توقف عمل المقاولين وخسارتهم، فيما تستمر عليهم ضغوط الرسوم الكثيرة.
يسوق علي عبدالحسين مثالا على ذلك بالإشارة إلى أن لديه حوالي 35 عاملا، تقارب قيمة الرسوم التي يدفعها عليهم ألف دينار في الشهر، ورغم أن المقاولات فيها دخل جيد نوعا ما، فإن هذا الدخل يتوافر إذا كانت هناك أعمال من الأساس، أما أن تبقى هذه الرسوم كما هي فيما يستمر العمل متوقفا فإنه يجعل المقاول عاجزا عن سدادها، ومن ثم إفلاسه تماما.
ويستطرد: حتى من يمتلكون الأراضي أو من وقعنا معهم عقودا، توقفت أعمالهم تماما خاصة ان البنوك لم تعد تقرض المواطنين كالسابق، وفي النهاية يبقى المقاول واضعا يدا على يد ولا يجد ما يفعله سوى دفع الرسوم، وبالتالي إذا استمر الوضع أؤكد لك أن عددا كبيرا من المقاولين سيخرجون من السوق، وأنا اعرف عددا منهم باع معداته فعلا. لذلك لابد من أن تجد الجهات المعنية وسيلة لعلاج مشاكلنا خاصة ان أسعار مواد البناء مازالت مرتفعة، فالغريب أن الأسعار ترتفع بحجة ارتفاع سعر الين أو الدولار أو ارتفاع أسعار البترول، ورغم انخفاض هذه الحجج فإن الأسعار تبقى كما هي، وكلها خسائر إضافية علينا.
سأخرج من السوق
مازالت لدينا الطاقة للاستماع إلى مزيد من الشكاوى والاستياء من الوضع، لذلك اتجهنا إلى مقاول آخر لم تكن شكواه أقل غضاضة من سابقاتها، وهذا ما يحدثنا حوله المقاول سلمان الصايغ بقوله: اعتقد أن الرقم 50% قليل إذا ما تمعنا في وضع المقاولين، فأنا على يقين بأن أكثر من 70% من المقاولين مهددون بالإفلاس وقد تصل النسبة خلال الأشهر القليلة القادمة إلى 80%، وحتى النسبة الباقية يفكرون بجدية أن يبتعدوا عن هذا المجال بسبب القرارات التي تصدر من وزارة العمل تحديدا مثل إلغاء الكفيل والنقل بالباصات وغيرهما، فنحن من دون هذه القرارات (ما نلحق على العمال) فكيف بوجودها؟ تصور أن العامل يهرب، ورغم أني أقدم بلاغا بذلك أفاجأ بأنه يشتكي علي وتتحول القضية إلى المحكمة وتبقى هناك سنوات، كل هذا والكفيل موجود فما بالنا بالمشكلات التي ستقع بعد تطبيق حرية تنقل العمالة وما يعنيه ذلك من تسليمنا جواز السفر إلى العامل؟ هذا الأمر سيخرب بيوتا، ونحن لدينا من المشاكل ما يفيض القلب وهو يتكلم عنها.
ويواصل الصايغ: أنا مثلا لدي مقاولات حفريات، وفي كثير من الأحيان احضر العامل وأدربه، ولا ينجح ويحصل على الرخصة إلا بعد سنة أو أكثر، وطوال هذه المدة يتسلم راتبه، ووفقا للوضع الجديد فإنه يحق له بعدها أن ينتقل إلى أي عمل آخر يحصل فيه على عشرة دنانير أكثر، فيما تبقى المعدات والآليات التي اعمل بها من دون عامل، وهذا ما يسبب خسارة كبيرة وإفلاسا للمقاول لا ندري من يتحمله، فالمسئولون خاصة في وزارة العمل (يتبجحون) دائما بأنهم يعملون من اجل المواطن، ونحن نتساءل: أليس المقاول مواطنا؟ وكيف يمكن للمقاول أن يلتزم بعقود مع أصحاب أعمال وهو لا يضمن حتى وجود عمال؟
لذلك أؤكد لك انه بمجرد أن يطبق قرار إزالة الكفيل فإنني سأوقف عملي تماما، وبسبب الأوضاع الحالية اضطررت فعلا إلى عرض المعدات التي املكها للبيع، ولان السوق متوقفة عندنا لم أجد مشتريا، لذلك عرضتها للبيع في الخارج.
ثم ان لدي 130 عاملا، وهذا يعني أن ادفع 1300 دينار في الشهر كرسوم عنهم، ولا اعلم أين هي الأعمال التي تدر علينا أرباحا تمكننا من دفع هذه الرسوم، فنحن لا نسمع سوى وعود بالمساعدات من دون أن نجدها. وحتى التبريرات التي يسوقونها بأن هذه الرسوم هي لدعم المواطنين، نحن نؤكد أن من واجب الحكومة أن تدعم المواطنين وليس أن تقتطع منا لدعمهم خاصة في هذا الوضع الذي نعاني فيه توقف الأعمال، وحتى لو توافر بعض الأشغال والمشاريع فإن أصحابها لا يدفعون.
تصور أن بعض المقاولين الكبار الذين نتعامل معهم لم يدفعوا لنا منذ 9 أشهر، وعندما نسألهم يقولون ان الحكومة لم تدفع لنا، فإذا كانت الحكومة لا تدفع فكيف نرغم نحن على دفع الرسوم؟ فباختصار عندما يريدون أن يقصموا ظهورنا في الرسوم فإنهم يتفننون بذلك ويأخذونها منا بأثر رجعي كما حدث معي بالنسبة لقانون المرور المتعلق بالملصقات على السيارات حيث وضعوا قانونا وطبقوه علينا وغرمونا من دون حتى أن نعلم بشأنه.