بعد اعتماد شعار “لا.. للكفيل” لا ننتظر غــــير فوضى السوق

تحقيق: محمد الساعي ــ زينب حافظ

مذ أعلن رسميا إلغاء نظام الكفيل للعمالة الوافدة اعتبارا من شهر أغسطس القادم، وأرباب السوق في حالة من النفير العام احتجاجا على هذا القرار الذي يستند أساسا إلى المادة 25 من القانون رقم 19 لتنظيم سوق العمل. فحسب القرار الذي جعل البحرين أولى دول المنطقة تطبيقا له، فإنه يحق للعامل الأجنبي الانتقال إلى صاحب عمل آخر من دون موافقة صاحب العمل الأساسي، وهذا يعني أن جلب العمالة الأجنبية سيتم وفق تراخيص عمل لمدة سنتين وليس كفالة!، ورغم التلميح بوجود ضوابط في عملية الانتقال إلا أن ذلك لم يشفع في تخفيف فورة التجار وأصحاب الأعمال وخاصة أن هذه الضوابط ماتزال مبهمة.
ورغم تأكيد وزير العمل الدكتور مجيد العلوي في تصريحاته أن القرار اتخذ

بالتشاور والموافقة مع غرفة التجارة ، إلا انه كان للغرفة موقف مغاير تماما، بل أكد الأعضاء الذين شاركوا في النقاشات انه لم يؤخذ بملاحظاتهم أبدا!. المسئولون يؤكدون أن القرار الذي سيبدأ تطبيقه في بداية أغسطس القادم يأتي ضمن حزمة تدابير إصلاح سوق العمل ويهدف إلى إحداث تطوير شامل لبيئة العمل بالبحرين ورفع الرواتب والأجور بشكل عام، إلى جانب القضاء على ظاهرة العمالة السائبة التي لم تستطع الجهات المعنية حتى الآن إيجاد حلول ناجعة بشأنها. إلا أن التجار جانبوا هذا الرأي بشكل صريح وجريء، حيث اعتبروه نموذجا للإجحاف بحق المواطن، ومثالا للقرارات العسكرية التي تصدر من دون الاكتراث برأي أي طرف آخر، مؤكدين أن هذا القرار لن يخلّف سوى الفوضى وعدم الاستقرار في السوق، ووصفوه بالقرار الدكتاتوري في بلد ديمقراطي.
أخبار الخليج قامت بجولة في ساحة التجار ورجال الأعمال للوقوف على رأيهم بعد الإعلان الرسمي عن القضاء على (الكفيل).
الاتفاقية الأولى
رجل الأعمال فاروق المؤيد الذي مثل غرفة التجارة في نقاشات هذا الموضوع مع الجهات الرسمية يدلي بدلوه في هذا الموضوع مشيرا إلى أن صاحب العمل يتكبد تكاليف كبيرة وجهدا ووقتا لجلب العامل الأجنبي خاصة الموظفين الإداريين والمهنيين، وعندما يطبق قرار بإلغاء نظام الكفيل ويكون من حق هذا العامل الانتقال إلى رب عمل آخر من دون قيد أو شرط بل وحتى بمجرد وصوله إلى البحرين فإن ذلك سيضر بمصلحة التاجر البحريني بشكل كبير.
ويضيف المؤيد: لذلك كان موقفي واضحا منذ البداية، وكنت وما أزال أصر على انه يجب أن تكون هناك ضوابط صارمة في العملية أهمها عدم السماح بانتقال العامل الأجنبي خلال فترة الاتفاقية القانونية الأولى، أي أن يكون العقد ملزما للطرفين، وبعدها يحق للعامل تبليغ صاحب العمل بأنه يود الانتقال بعد، وهذا من شأنه أن يحقق التوازن بين المصالح. ولكن للأسف لم يؤخذ بمثل هذا الرأي عند إقرار القرار الذي يهدف أساسا إلى أن يكون الأجنبي كالبحريني في حرية الانتقال، وان يحصل كل منهما على نفس المزايا والحقوق، أي توازي البحريني بالأجنبي!، وهذا لن يحل مشكلة العمالة البحرينية التي يفترض أن يتم التركيز في تدريبها وتأهيلها بشكل أكبر.
{ هل يعني ذلك أنه حدث بعض الاستعجال في تطبيق القرار؟.
ــ المشكلة أن المادة موجودة أساسا في قانون تنظيم سوق العمل، وكل قانون يجب أن يطبق، كما أن هذا القانون صدر من المجلس التشريعي ووافق عليه مجلس الوزراء وصدر بمرسوم ملكي، وبالتالي يجب أن يطبق، ولكن ما يطالب به أصحاب الأعمال هو وجود ضوابط تحمي سوق العمل من أي اختلال، وهذا ما قد يحصل إذا ما طبق هذا القرار بشكل مفتوح.
{ وماهو المطلوب من أصحاب الأعمال في هذه المرحلة بعد أن تم تجاهل وجهة نظرهم؟.
ــ نحن بينا وجهة نظرنا مرارا، وربما الخطوة المطلوبة الآن هي الرجوع إلى البرلمان وإقناعه بتغيير المادة لمصلحة جميع الأطراف، وربما هذا ما سيحدث.
قرار مجحف
من جانبه يؤكد رجل الأعمال عادل آل صفر أن القرار مجحف بحق التاجر البحريني خاصة إذا لم تكن هناك ضوابط في عملية الانتقال، حيث أن العامل الأجنبي يأتي إلى البحرين وفق عقد مع صاحب العمل، لذلك من الضروري أن تكون هناك ضوابط تحمي مصلحة التاجر البحريني الذي يجلب العامل، وهذه هي نقطة الخلاف، لأن القرار بشكله الحالي يعني انه حتى لو كان هناك عقد بين الطرفين فإنه يحق للعامل الانتقال من دون أن يستطيع الكفيل منعه!.
ويضيف آل صفر: ففي الدول التي يطبق فيها هذا الأمر نجد هناك ضوابط وشروطا تحمي حق صاحب العمل منها تحديد مدة زمنية لا يسمح فيها للموظف أن ينتقل إلى عمل آخر من نفس المجال أو القطاع وذلك حفاظا على أسرار العمل الأول، فالعامل يكتسب الكثير من الخبرات والمعارف خلال عمله ويطلع على الكثير من الأسرار، وعندما ينتقل إلى العمل الآخر قد ينقل كل ذلك معه مما يمثل تهديدا لمصالح المؤسسة الأولى. ثم إن التاجر البحريني يتحمل أعباء مالية كبيرة عندما يحضر عاملا متخصصا ويدربه ويوصله إلى مستوى معين، فلكي احصل على موظف ذي خبرة يحتاج الأمر إلى جهود وتكاليف، وفجأة ينتقل العامل إلى شركة أخرى، أليس في ذلك إجحاف كبير بحق التاجر؟.
نحن لا نريد استعباد العامل أو استملاكه، ولكن يجب ألا تكون المميزات التي يحصل عليها على حساب حقوق ومصالح صاحب العمل، ومن الغريب أن يبرر البعض بأنه يمكن اللجوء إلى القضاء عند أي خلاف لأننا نعلم أن القضايا تبقى سنوات في المحاكم، فهل يعقل أن تتعطل مصالح التاجر هذه السنوات مع كل قضية؟!، في حين أن الدول المتقدمة التي تطبق هذا القرار تضع كما ذكرت الكثير من الضوابط من جانب، وتحسم القضايا المتعلقة بهذا الجانب في المحاكم بشكل سريع، وبالتالي لا يمكن أن نأخذ بجزء من القانون ونتجاهل الجانب الأهم منه وهو الضوابط التي تمثل رادعا يجعل حتى المؤسسات الأخرى لا تخالف القانون ولا تشجع العامل على ترك مؤسسته، لذلك لابد قبل صدور القانون أن يدرس وتؤخذ فيه جميع وجهات النظر وان تكون هناك مرونة في التطبيق أو أن يكون على مراحل ولا ينفذ بشكل منفرد أو عاجل.
ثم لا تنسى طبيعة الوضع المادي والاقتصادي والهزات في السوق، وكل ذلك يجعل توقيت تطبيق هذا القرار غير مناسب تماما.
ثم إن غرفة التجارة كان لديها مرئيات حول الموضوع، والكثير من الإخوان الذين مثلوا الغرفة سجلوا تحفظاتهم ولكن لم يؤخذ برأيهم، ونحن نتساءل: ما الفائدة من دعوة أي طرف الى المناقشة إذا لم تأخذ برأيه؟.
يتفق مع المبادئ.. ولكن
يؤكد رجل الأعمال علي المسلم، انه رغم تماشي القرار مع مبادئ حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق العمال بشكل خاص إلا انه ما لم يقوّم بقيود فإنه يكون مجحفا، حيث أن هناك اتفاقيات بين صاحب العمل والعامل يجب أن تحترم، أما إلغاء الكفالة من دون قيد أو شرط فإنه أمر لا يجوز وفيه ضرر كبير على صاحب العمل وعلى المواطن وعلى الاقتصاد، فتأثر صاحب العمل يعني تأثر جهات أخرى معه، وإذا كان لابد من انتقال العمالة يجب أن تكون هناك ضوابط مثل احترام مدة الاتفاقية حتى تنتهي ليكون له الحق بعدها في الانتقال،أو أن تمنح لصاحب العمل مدة لا تقل عن ستة أشهر لكي يسعى إلى جلب عمالة أخرى بديلة خاصة إذا كانت العمالة من الاختصاصيين والمهرة والفنيين، فانتقال هذه الاختصاصات من دون قيود يسبب الكثير من الإرباك والمشاكل لصاحب العمل، ومن المهم أيضا إذا أراد العامل الانتقال إلا يكون في البحرين ألا بعد ستة أشهر حتى لا تنتقل الأسرار بين المنافسين وما قد يسببه ذلك من مكائد أو إلحاق الخسائر ببعض المؤسسات، فالمشكلة قد لا تكون كبيرة عندما ينتقل العامل البسيط، ولكن انتقال المهني والإداري والاختصاصي هو ما يخلق إشكاليات كبيرة، لذلك قد يفوز مقاول بعطاء معين، ثم يأتي مقاول آخر بشكل مقصود أو غير مقصود ويسحب منه الفنيين بإغرائهم برواتب اكبر، هنا يقع المقاول الأول في مأزق وقد يتوقف عمله ويفلس!. وبالتالي – يقول المسلم – نحن مع حقوق العمالة ولكن بضوابط وبعد دراسة وتأن، فأنا اعتقد أن التشاور لم يكتمل إزاء هذا الموضوع خاصة مع غرفة التجارة والتجار، ولم يأخذ القرار الوقت الكافي، ثم إن هناك آيات قرآنية نزلت ونسخت، والإنسان ليس أعظم من الخالق جل جلاله، وبالتالي يجب عدم المكابرة في مثل هذه القرارات، وهذا ما يتطلب تجميد القرار إلى أن يدرس بشكل اشمل، فهناك قرارات جيدة تحظى بنصيب وافر من النقاش والدراسة، ولكن هناك للأسف قرارات كالزلازل يكون أثرها مدمرا على المجتمع، وربما نجد غدا اعتصامات واضطرابات بسبب هذه القرارات مما يؤثر سلبا على الوضع الاقتصادي في البحرين.
استغلال التاجر
ويعتبر رجل الأعمال جاسم مراد أن الإقدام على تطبيق ”إلغاء الكفالة” بالبحرين في هذه المرحلة بالذات أمر خاطئ، ويبرر ذلك بقوله: من جانب لم يهيأ الناس للتغيير بهذه الصورة، ولم تتضح معالم القرار وأبعاده وتفاصيله أو تتم التوعية بشأنه إعلاميا. ومن جانب نتساءل: أليس العقد شريعة المتعاقدين؟، فصاحب العمل عندما يجلب العامل من الخارج لمهمة معينة وفق عقد، ألا يفترض أن يلتزم العامل بالعقد؟. وفي الحقيقية لا نعرف الأسباب الحقيقية التي دفعت وزارة العمل لمثل هذه الخطوة في هذا التوقيت، ثم لماذا يطبق القانون في البحرين وليس في السعودية أو دبي أو الإمارات مثلا؟ فنحن دول مجلس تعاون والمفترض أن تكون النظم متشابهة، أما أن يجرب أولا في البحرين فهو أمر غير منطقي، وإذا كانت الحجة هي تقليد التطور في الغرب، علينا أن نعي أننا لسنا بذلك التطور والنضج.
لذلك أقول إن أصحاب الأعمال سيتضررون كثيرا من هذا القرار، فعندما احضر مثلا شخصا متخصصا وأدربه واخلق منه كفاءة، ثم يتركني بمجرد أن يحصل على فرصة عمل أخرى، ألا يسبب ذلك إرباكا في العمل، علما بأن العملية لن تحدث مرة أو مرتين، بل سيبقى أصحاب الأعمال يعانون الأمر بشكل مستمر. ثم إن هذا الأسلوب لن يحل مشكلة البحرنة أبدا، وتدريب البحرينيين ورفع كفاءتهم أفضل من هذه القرارات التي تربك العمل وتخلف الكثير من الضحايا.
نعم – يتابع مراد – إذا كانت للعامل حقوق أو أساء صاحب العمل معاملته يكون هذا القرار من حقه، ولكن أن احضر شخصا باتفاقية وعقد واصرف عليه ثم يتركني ليأخذه شخص آخر وهو جاهز، فإن هذا يمثل نوعا من الاستغلال لصاحب العمل، وهذا الأسلوب غير طبيعي وسيخلق فوضى بالسوق بل وسيخلق عتابات ومشاكل بين التاجر والآخر، وباختصار هو إجحاف بحق المواطن البحريني الذي ستتضرر كل برامجه وخطط عمله خاصة وأن هذا القرار جاء في وقت الأزمة، ويكفي أن نلقي نظرة عابرة على السوق لنرى حجم الأزمة، وبهذا النوع من القرارات نشعر أننا نعيش أوامر عسكرية وقرارات لا تخلف سوى البلبلة. وأنا احمل غرفة التجارة مسئولية الوقوف بقوة والاحتجاج بل وأطالب الأعضاء أن يستقيلوا لأن في هذا درس كبير، فإذا لم نستطع في الأزمات أن نفعل شيئا فمتى نفعل؟
عدم استقرار
ويصف رئيس لجنة العلاقات العامة بجمعية المقاولين إبراهيم يوسف القرار بـ (صعب التطبيق والتقبل) في بلد كالبحرين حيث يوجد حوالي نصف مليون عامل أجنبي أغلبهم في الأعمال والمهن البسيطة.
ويوضح رأيه هذا بقوله: أغلب هؤلاء العمال هم محدودي التعليم والوعي ويعملون في أعمال بسيطة ومتدنية، وكثير منهم لو حصل على زيادة في الأجر لا تزيد عن خمسة دنانير سيهرع إليها، وهذا ما سيخلق حالة من عدم الاستقرار سواء للعامل أو صاحب العمل أو الاقتصاد. فصاحب العمل يوقع عقودا يكون بموجبها ملزما بمدد لتسليم المشروع أو البناء مثلا، ثم يفاجأ بمجموعة من العمال تتركه إلى مقاول آخر لأنهم حصلوا على بعض الزيادة خاصة إذا كان مقاولا كبيرا، هنا يقع صاحب العمل بمأزق وإرباك وقد يصل إلى المحاكم، والمشكلة أن هؤلاء العمال لا يخرجون بشكل منفرد بل جماعات، وبالتالي يجد المقاول نفسه في موقف لا يحسد عليه.
كما أن مثل هذا القرار لم يطبق في دول الخليج أو المنطقة وإنما في الدول الأوروبية المتقدمة، وعندما ننظر لتجربتهم نجد الكثير من الضوابط التي تنظم العملية، في حين أن هذا القرار وبشكله المطلق سيخلق حالة من عدم الاستقرار لاسيما عند أصحاب الأعمال الذين يعانون محدودية الدخل، وسيخلق القرار كذلك حالة من التردد عند صاحب العمل في قبول أي عمل خشية عدم القدرة على المواصلة بسبب ترك العمال له!، فأنا كمقاول أصبحت الآن أضع ألف استفهام أمام أي مشروع أمامي، فكيف أبدأ أمام هذه القرارات التي تجعلني افتقد الاستقرار مما يؤثر على أسلوب العمل وجودته وعلى العلاقات. ثم إن هذا القرار جعل الأجنبي ينافس البحريني في بلده، بل وألغى أي ميزة للمواطن على العامل الأجنبي، وبالتالي هو قرار خطير سيؤثر على استيراتيجية العمل القادمة وعلى فئة هامة هي التجار وأصحاب الأعمال.
قرار ديكتاتوري في بلد ديمقراطي
عضو مجلس إدارة مجموعة الشيخ عادل الشيخ يقول:
أي قرار عشوائي في بلد يقال إنه ديمقراطي فهو خاطئ، ووزير العمل لم يأخذ رأى التجار أو الغرفة في قرار إلغاء الكفالة، و لا استطيع تفسير ذلك ، فهل ما يحدث يهدف الي الدعاية للبحرين كي تكون لها الريادة وليست كل ريادة مثمرة، فكل بلد له خصوصياته وبالنسبة لنا لا يمكن القول إن لدينا عبودية، وهذا القرار نظريا له أكثر من مدلول ايجابي ولكن عمليا مساوئه أكثر من أن تحصى وسوف يضر اقتصاد مملكة البحرين، هذا البلد الصغير الذي لا يجب أن نجعل منه حقل تجارب، وكان الادعى أن تبدأ الدول الكبرى بتنفيذ هذا النظام، خاصة وإننا مازلنا نعانى تجربة ضرائب سوق العمل التي أثبتت فشلها، نظرا لأن أغلب هذه الضرائب تدفع عن عمالة بسيطة لم ولن يعمل بها البحريني في يوم ما ولو أعطيناه ألف دينار.
ويكمل الشيخ: هناك بعض العمالة التي تشترط إحضار عائلاتها معها وفى هذه الحالة يجب أن يشعر العامل بالأمان، وهذا الإحساس لن يتوفر بدون وجود ثقة بينه وبين صاحب العمل، وفى هذه الحالة أقوم بتدريبه كي يستمر معي على الأقل عامين، لا أن يتركني بعد مرور ثلاث شهور مقابل بضعة دنانير إضافية بناء على قانون إلغاء الكفالة فذلك به ضرر لأصحاب العمل كبارا كانوا أم صغارا، ثم إن قانون العمل منحاز للعامل بنسبة 80%، إذ يعطيه الحق في أن يترك صاحب العمل من دون ادني مسئوليه عليه، وفى حال استغناء صاحب العمل عنه يسمى ذلك فصلا تعسفيا، وبالتالي من حقه رفع قضية على صاحب العمل والقانون في صفه، وإذا كان هذا القانون سوف يحد من العمالة الهاربة التي تقدر بحوالي عشرين ألف عامل فهذا هراء، لأن هؤلاء معروفون والجهات المعنية تغمض أعينها عنهم فهم يبيعون فل في الإشارات وحمالين في الأسواق ولا اعتقد إن هناك تأشيرات عمل تصدر لمثل هذه الأعمال، ان كل عامل هارب يحمل جواز سفره ويستطيع التنقل به في أنحاء المملكة، ثم يحملون صاحب العمل قيمه تذكرته من دون وجه حق.
العصمة في يد العامل!
نظام كمشكي رئيس مجلس إدارة جمعية المقاولين ونائب رئيس لجنة قطاع التشييد والبناء في غرفة التجارة ونائب رئيس المجلس النوعي بالتدريب لقطاع المقاولات الإنشائية:
هذا القانون كل ما به سلبي ولا يوجد به شيء ايجابي، لأنه لم ينبع من الطبقة العاملة، ولم يستشار فيه أصحاب العمل وسوف يضر بالعامل وصاحب العمل وبالمواطن أيضا، لأنه يجعل العصمة وإدارة العمل في يد العامل الأجنبي من دون الرجوع إلى صاحب العمل وعند أي نقاش بينهما قد يترك العمل وينتقل إلى شخص أخر، هذا بالإضافة إلى انه سيؤدى إلى خفض إنتاجيته، واستطيع القول انه يوجد في الوقت الحاضر ما يقارب 8000 إلى 9000 سجل تجارى في قطاع المقاولات والغالبية العظمى منها وهمية ومؤجرة للأجانب، وحرية الانتقال سوف تزيد عدد هذه السجلات، إذ سيقوم أصحابها بإغراء العمالة الأجنبية بالانتقال إليهم، مما يضر بالمؤسسة التي تركها العامل مما يدخل صاحب العمل في متاهات قد توصله إلى أبواب المحاكم، كما إن هذا القانون سوف يزيد من رواتب العمالة لسهولة إغرائهم بترك وظائفهم من اجل راتب أفضل مما سيكون له اثر سلبي على قطاع المقاولات، وخاصة في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء وبالطبع سيكون انعكاسه سلبيا على المستثمرين والمواطنين ومشاريع التشييد والبناء، ولا يجب أن ننسى إن المقاول مقيد بنسبة بحرنه وعند انتقال العامل الأجنبي إلى صاحب عمل أخر ترتفع نسبة البحرنه لديه وبذلك يتضرر من النقص وعليه أما إعفاء بعض البحرينيين من العمل أو طلب عمالة أجنبية وبذلك نكون قد فاقمنا من الوضع بتكديس العمالة الأجنبية في البلاد، وسوف يزيد هذا التنقل من الضغط على المعاملات الحكومية كتغيير البطاقة والإقامة ورخصة العمل، والعنوان مما يؤخر الكثير من المعاملات، وأخيرا وليس آخرا هناك ضرر من شانه إغلاق الكثير من المؤسسات لأن العامل الذي يترك عمله وينتقل إلى مؤسسة أخرى من دون موافقة صاحب العمل قد ينقل أسرار المهنة الخاصة بالمؤسسة السابقة إلى صاحب العمل الجديد مما يجعله في موقف قوى يستطيع به القضاء على صاحب العمل السابق، وهذا المشروع سوف يزيد من رواتب العمالة الأجنبية على حساب العامل البحريني وسيؤدى إلى زيادة الطلب على العامل الأجنبي.
الدول الكبرى.. فقط
ويقول سمير ناس رئيس مجلس إدارة شركة عبد الله احمد ناس: طبيعة سوق العمل في البحرين تعتمد على العامل الأجنبي الذي يأتي لإنجاز عمل معين يتم تدريبه عليه، وقانون إلغاء الكفالة يمكن تطبيقه على الدول الكبرى كالهند وانجلترا لإمكانية صاحب العمل في إيجاد البديل، أما بالنسبة لنا في مملكة البحرين فصاحب العمل يسافر إلى الخارج ويختار بين أعداد كبيرة من العمال، وبخلاف ما يتكبده من مشقة وتكلفة مادية فهو يقوم بتدريبهم على العمل بعد إحضارهم إلى البحرين ثم يأتي هذا القانون كي يعطي الفرصة لصاحب عمل آخر في أن يستقطب هذا العامل على طبق من ذهب، مما يسبب له خسارة من النواحي كافة خاصة بالنسبة للمناصب الحساسة، إذ أننا في حالة تنفيذ مشروع يكلف ملايين نلتزم بمدة محددة لتنفيذ العقد ونبدأ في جلب العمالة المدربة التي تستطيع القيام بالعمل في هذا المشروع، هذا بالإضافة إلى مديري المشاريع الذين يأتون بعائلاتهم ويحصلون على رواتب تتراوح بين ثلاثة وأربعة آلاف دينار هذا بخلاف مصاريف استقدامهم التي تصل إلى اثني عشر ألف دينار، ثم يأتي مقاول آخر يعطى العمال بضعة دنانير إضافية فيتركون العمل ويذهبون إليه من دون رادع، مما يؤدي إلى وقوعنا في غرامات تصل إلى 10%.
ويضيف ناس منفعلا: المسئولون يقولون في حال أن يتركك العامل قدم له كشف حساب بما صرف عليه أو الجأ إلي القضاء، وللأسف اللجوء إلى القضاء قد يستمر إلي عشر سنوات، ثم قالوا سوف توجد محكمة عمالية للنظر في قضايا العمال بشكل سريع، وأقول لهم انظروا إلى الدول الأخرى التي أوجدت محاكم عمالية ثم قاموا بإلغائها بعد أن أثبتت فشلها ومنها مصر، ويقولون إن هذا القانون صدر لحماية العامل البحريني لأنه غير مستقر في عمله ويكثر من التنقل، ولذلك وجب تسويته بالعامل الأجنبي، وأقول الأفضل تقويم العامل البحريني وتعليمة كيف يحافظ على عمله، ثم أين المهندسون ومديرو المشاريع الموجودون من البحرينيين وأين الأيدي الفنية التي تحل محل الأجنبي وتشكو من عدم وجود عمل، يجب التروي في إصدار مثل هذا القرار لأنه سوف يؤدى إلى رفع الأسعار فمنذ عامين كانت تكلفة متر البناء 70 دينارا والآن أصبحت 130 دينارا ويعود ذلك إلى ارتفاع أسعار الأيدي العاملة وهذا القانون سوف يزيد من ارتفاعها، فالعمالة الفري فيزا كانت تحصل على خمسة دنانير نظير العمل اليومي والآن تحصل على عشرة دنانير.
إفشاء أسرار العمل
ويرى إبراهيم الدعيسي المدير التنفيذي لشركة الدعيسي: أن هذا القانون سلاح ذو حدين ويشمل العديد من الأطراف منها الحكومة وصاحب العمل والعامل نفسه، ولذلك يجب مراعاة التوازن لتطبيقه، فبالنسبة للحكومة هناك اتفاقيات عليها الالتزام بها، ويوجد صورة تحب أن تظهر بها أمام العالم الخارجي، ومن مصلحتها تطبيق قانون حرية انتقال العمالة كي تفي بالتعهدات التي أخذتها على عاتقها، أما بالنسبة الى العامل نفسه، والذي على الرغم من انه ليس احد الأطراف الفعالة في إصدار القانون ولا دور له في ذلك إلا انه المستفيد الأول منه، والمنفعة الرئيسية تعود عليه، والمتضرر هنا هو صاحب العمل لأن انتقال العامل من شركته إلى شركة أخرى من دون التزامه بالاتفاقية المبرمة بينهما، سوف تؤدى إلى خسارته من عدة جوانب، منها انتقال أسرار العمل من تاجر إلى آخر، و خلق فجوة في المؤسسة التي يتركها عمالها مما يؤثر على الإنتاج ويؤدى إلى زيادة الأسعار، ونأتي إلى فئة المواطنين الذين بالتأكيد سيتضررون لأنهم في النهاية هم المستهلكون وزيادة الأسعار سوف تضرهم في المقام الأول.
وفى النهاية لا يوجد قانون يرضى جميع الأطراف ولكن هذا القانون قد يأتي في صالح بعض التجار ”كأفراد” ممن لا يمانعون من الحصول على موظف متدرب موجود فعليا في البحرين يستقطبونه إلى شركاتهم للاستفادة منه، بدلا من إحضار عمالة من الخارج لا تفقه شيئا، وفى هذه الحالة يجب على العامل أن يدفع كل ما صرف عليه سواء مصاريف جلبه وتدريبه وقيمة تذكرته واستخراج رخصة سياقة لصاحب العمل السابق.
على مستوى الخليج
حسن إبراهيم كمال رئيس مجلس إدارة مجموعة عقارات البحرين يقول:
هناك ردة فعل كبيرة حول هذا القرار، إذ يوجد له مضار اقتصادية كبيرة فهو لم يطبق في أي من الدول الخليجية سوى في البحرين، وإذا كان هناك طرح لهذا الموضوع فليكن على مستوى دول مجلس التعاون كافة وإذا وجد إجماع علية فليطبق، وإذا كنا نسعى للسبق فلنكن سباقون في القرارات التي تعود بالمنفعة على البلاد.
فهذا القانون كان يجب أن يخضع للمزيد من الدراسة والفحص والتقصي ومخاطبة أهل الاختصاص بشكل مستمر وليس بإقناعهم أو الاجتماع معهم فقط، بل بدراسته دراسة ميدانية واستقدام باحثين اقتصاديين ومحللين لتقصي مدى استقرار البلاد اقتصاديا على مدى خمس أو عشر سنوات قادمة، لمعرفة تأثيرها الايجابي والسلبي في سوق العمل، ثم لماذا نكون البادئون بتطبيق مثل هذا النظام الذي تفوق مضاره فوائده؟ خاصة وانه جاء في توقيت خاطئ نظرا لأن المجتمع الدولي والمحلي يعاني جراء الأزمة الاقتصادية، واستطيع القول إن الخسائر المتوقعة لهذا القرار ستكون وخيمة وتقدر بالملايين وسوف يتكبدها رجال الأعمال والقطاع التجاري، ولذلك أود أن أتوجه إلى مقام سمو رئيس الوزراء الموقر بنظرته الثاقبة التي تأتي دائما بحل مثل هذه الأمور التي تدرأ الخطر عن الوطن ورجال الأعمال البحرينيين أن ينظر في تنفيذ هذا القرار الذي جاء ليكمل خسارة رجال الأعمال الذين تكبدوا فعليا خسائر كبيرة في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.