جميل المحاري
لا يمكن القول إن إلغاء نظام الكفيل لن تكون له أي آثار سلبية وخصوصاً على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لن تستطيع منافسة الشركات الكبرى في تقديم رواتب وامتيازات للاحتفاظ بموظفيها وكوادرها المتخصصة والمؤهلة تأهيلا عاليا، وذلك ضريبة يجب أن تدفع لتصحيح أوضاع بقيت لأكثر من أربعة عقود، وهنا يجب على الدولة إيجاد حلول لمساعدة الشركات المتضررة وعلى الأقل في المرحلة الانتقالية.
ولكن ما يثير في أمر إلغاء نظام الكفيل – وهو عرف سائد وليس قانوناً – هو موقف القطاع الخاص الذي دائماً ما يطالب بعدم تدخل الدولة في الاقتصاد وترك الاقتصاد لآليات السوق من عرض وطلب، حتى أن بعضهم طالب بإلغاء الدعم الحكومي لبعض المواد الاستهلاكية كاللحوم والطحين بحجة أن هذا الدعم يعيق التنافسية في السوق وطرح بدائل للسلع المدعومة.
ولكن عندما يتصل الأمر بسوق العمل فإن القطاع الخاص دائماً ما يطالب الدولة بوضع إجراءات وقوانين حمائية متناسياً أهم مبادئ الاقتصاد الحر وآليات السوق، ولذلك فهو يقف مدافعاً عن مصالحه وإبقاء الوضع على ما هو عليه بكل شراسة رافضاً أي إجراء لإصلاحات يمكن أن تخرج البلد من الفوضى الحاصلة حالياً في سوق العمل من وجود عمالة سائبة وبطالة وأجور متدنية لا تتناسب مع تكاليف المعيشة سواء للبحرينيين أو الأجانب.
لقد وقف القطاع الخاص ضد نسبة البحرنة كما وقف ضد رسوم العمل والآن يقف ضد إلغاء نظام الكفيل وسيقف غداً ضد وضع حد أعلى لأعداد العمالة الأجنبية في البحرين.
وبعكس ما يدعيه أصحاب العمل من أنهم الحلقة الأضعف بين أطراف الإنتاج الثلاثة وليس العامل الذي يمكن الاستغناء عن خدماته في أية لحظة، صحيح أن صاحب العمل قد يخسر مبالغ مالية أنفقها في عملية استقدام العامل الأجنبي ولكن هذا العامل قد يكون قد خسر منزله أو كل ما يملك في وطنه من أجل القدوم للعمل في الخليج.
وبعيداً عن ما تطرحه المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان من تعارض نظام الكفيل مع حقوق العمالة المهاجرة، فإن هناك عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية وحتى وطنية يجب أخذها جمعياً بعين الاعتبار، ما يعني أن أصحاب الأعمال ليسوا وحدهم المعنيين بإلغاء هذا النظام.
إن تنظيم سوق العمل لا يمكن أن يأتي ثماره في ظل وجود سوق للعمل خاص بالعمالة السائبة وسوق عمل خاص بالعمالة الأجنبية وآخر خاص بالعمالة الوطنية، يجب أن يكون هناك سوق واحدة بشرط أن يوضع سقف لوجود حد أعلى لعدد العمالة الأجنبية بحيث لا تنافس العمالة الوطنية التي لا يزيد عددها عن 200 ألف عامل أكثر من ملياري عامل موجودين في الهند وباكستان وسيرلانكا وغيرها من الدول المصدرة للعمالة وعندها يمكن أن تعمل آليات السوق بشكل أكثر توازناً ولكي لا نجد أنفسنا كبحرينيين أقلية في وطننا كما حدث في أغلب الدول الخليجية.