دعا إلى «هيئة ثلاثية» لقياس التأثير الحقيقي والمزعوم للأزمة
هاجم الأمين العام لاتحاد نقابات عمّال البحرين سلمان المحفوظ الشركات التي بدأت بتسريح عمالتها الوطنية متذرعةً بالأزمة المالية، مؤكداً أن ”الصمت لم يعد اليوم ممكنا ونحن نشهد بالفعل حالاتيتم فيها فصل العمّال”، داعياً إلى ”تشكيل هيئة ثلاثية الأطراف وخبراء اقتصاديين لقياس حجم تأثير الأزمة على الاقتصاد الوطني وتبيان التأثر الحقيقي من المزعوم ومعالجة هذا التأثير”.
وفي كلمته أثناء احتفال يوم العمّال صباح أمس اعتبر أن ”الأول من مايو هذه الفرصة النادرة لنقوم بجردة حساب لما قمنا به تجاه حركتنا النقابية وتجاه الملفات العمالية المهمة”.
ودعا إلى ”ضرورة قياس مستوى المردود الاقتصادي من برامج تمكين (…) .كما طالب ”الحكومة والسلطة التشريعية بوقف النزيف الذي لا يزال يتدفق من مدخرات المؤمن عليهم، ومحاسبة كل المتلاعبين”.
وأشاد بمبادرة جلالة الملك بالإفراج عن الموقوفين، منوهاً إلى ضرورة ”أن يتناغم معها أصحاب العمل بإعادة كل عامل أفرج عنه إلى عمله وتعويضه عن رواتب فترة اعتقاله”.
قال المحفوظ إن الاتحاد العام لنقابات عمّال البحرين آثر في بداية الأزمة ”حكمة الصمت القاضية بعدم الحديث عن الأزمة المالية لئلا تؤخذ كذريعة لمزيد من الفصل، إلا أن الصمت لم يعد اليوم ممكنا ونحن نشهد بالفعل حالات يتم فيها فصل العمّال سواء باستغلال الأزمة المالية إدعاء أو بوجود فعلي لصعوبات بسبب هذه الأزمة”.
وأضاف ”كيف نسكت ونحن نرى العشرات يفقدون مصدر رزقهم وقوت عيالهم. كيف نسكت وندفن رؤوسنا في الرمال كالنعام ونحن نشاهد بأعيننا من يركب موجة الأزمة المالية ليفصل عمالا بيت فصلهم منذ زمن”.
وبشأن رؤية الاتحاد في التسريحات قال ”نطالب بتشكيل هيئة ثلاثية الأطراف وخبراء اقتصاديين لقياس حجم تأثير الأزمة على الاقتصاد الوطني وتبيان التأثر الحقيقي من المزعوم ومعالجة هذا التأثير”، وتابع بالقول ”كما نطالب بتقديم الحفاظ على العمالة الوطنية قبل غيره من الأولويات، خصوصا في ظل تصريحات صاحب السمو رئيس الوزراء في أكثر من مناسبة بعدم فصل العمالة الوطنية بحجة الأزمة المالية وعدم تعطيل المادة 13 من قانون العمل التي تنص على تدرج الفصل إذا كان ضروريا بدءا بالأجنبي وانتهاء بالوطني”.
ودعا إلى ضرورة ”وضع تصور مشترك بين العمال وأصحاب العمل من اجل دعم الاقتصاد الوطني ودعم المؤسسات المتضررة ماليا لتقف على قدميها بثمن مهم وهو محافظتها على العمالة الوطنية، ونحن نشهد مثل هذه التجارب عالميا حيث في دولة اكبر اقتصاد حر مثل الولايات المتحدة دفعت حكومة اوباما مليارات الدولارات للشركات المتضررة فقط لإنقاذ فرص العمل، وإلى وضع تشريعات أكثر حمائية في قانون العمل والذي هو تحت المناقشة الآن في المجلس الوطني بغرفتيه تجعل من الصعب القيام بفصل العمّال”.
هيمنة الأجانب ومردود تمكين
ذكر المحفوظ أن الاتحاد ”دعم توجهات سوق العمل منذ صدور قانون 19 لسنة 2006 بشأن هيئة تنظيم سوق العمل وقانون 57 لسنة 2006 (…) كنا من الداعمين لتنظيم سوق العمل القائم على فكرة وضع رسوم على استقدام العمالة الأجنبية يتم توظيفها عبر ”تمكين” من اجل تدريب القوى العاملة الوطنية ورفع قدرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلا انه من المشروع التساؤل اليوم عن مظاهر نجاح هذا المشروع وهل حقق هدفه المرجو في جعل البحريني خيارا مفضلا لرب العمل في القطاع الخاص وجعل من القطاع الخاص خيارا مفضلا للعامل البحريني”.
وأضاف ”إن إحصائيات الهيئة لنهاية 2008 تكشف عن استمرارية الهيمنة العددية للعمالة الأجنبية حيث مازالت قوة العمل المواطنة تمثل اقل من ربع حجم قوة العمل، وحيث ما زالت معظم الوظائف المتوفرة والشواغر التي ينتجها سوق العمل هي الوظائف غير ذات القيمة المضافة العالية وتصب غالبا في الاتجاهات غير المتناسبة مع مؤهلات الجامعيين واحتياجات غير الجامعيين.
ومن هنا ثمة جهد كبير مطلوب من هاتين الهيئتين وبمعية وزارة العمل من اجل تضييق الفجوة بين العاطلين ومؤهلاتهم واحتياجاتهم. بحيث تتوافق مشاريع التدريب مع طموحات البحرينيين وحاجة السوق لها.
وتجنب الازدواجية مع أعمال واختصاصات الوزارات أو الجهات الأخرى”.
وطالب ”بضرورة قياس مستوى المردود الاقتصادي من برامج تمكين المتعلقة بتنمية القطاع الخاص سواء في مجال تحسين الإنتاجية أو التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وخصوصا أننا لم نشاهد لحد الآن الآثار الايجابية لهذه البرامج على أداء السوق. وانطلاقا من حرصنا بأن يتمكن ”تمكين” من تحقيق أهداف إصلاح سوق العمل والذي جميعا نتعاضد على تحقيقها لما لها من أهمية بالغة لنا كممثلين عن العمال وخصوصا البحرينيين فإننا لن نستعجل الحكم الآن بل سوف نراقب من موقعنا أداء هاتين الهيئتين لنصدر عليهما الحكم الملائم”.
مستقبل العمل النقابي
أشاد المحفوظ ”بالتقدم الذي تحقق باتجاه زيادة عدد النقابات إلى أكثر من 50 نقابة عمالية وبروز عدد من القيادات النقابية التي ترفد العمل النقابي بمزيد من الطاقات والقدرات الشابة التي تعمل كصفوف قادمة”، إلاّ أنه نوّه إلى ما أسماه ”معضلة فصل النقابين والتعسف ضدهم لأسباب نقابية لا تتعلق بأدائهم لعملهم المهني بل بنشاطهم النقابي. ومن جهة أخرى ندعو إدارات الشركات التي لا تبدي استعدادا للحوار والمفاوضة مع النقابات لان تحترم القانون والجلوس على طاولة الحوار دون إلى التصعيد الذي يضر بالعمّال وبالشركة”.
وانتقد ”استمرار حرمان ما يقرب من 40 ألفا عامل في القطاع الحكومي من حقهم المشروع في تأسيس نقاباتهم التي تدافع عن حقوقهم ومصالحهم كعمّال (…) في هذا الصدد لا بد من الإشادة بمبادرة كل من وزارتي الأشغال والعمل بترشيح مكرمين تدعم الوزارتان تكريمهم لأول مرة منذ سنوات كمؤشر على التجاوب مع الاتحاد العام، نأمل أن يمتد ليشمل الاعتراف بالعمل النقابي في هذا القطاع الذي يضم نسبة تتجاوز 90% من العمال الوطنية”.
الاشادة بمبادرة الملك
أشاد المحفوظ بمبادرة جلالة الملك عاهل البلاد بالإفراج عن الموقوفين متمنياً ”أن يتناغم معها أصحاب العمل بإعادة كل عامل أفرج عنه إلى عمله وتعويضه عن رواتب فترة اعتقاله، متمنين أن يكون لوزارة العمل ولغرفة التجارة دور مؤثر في هذا الصدد”.
وشكر ”المؤسسات والشركات التي تجاوبت سريعا مع روح أمر جلالة الملك وإعادة العاملين المفرج عنهم إلى عملهم”، إلاّ أنه استنكر ”اشد الاستنكار ما تقوم به شركة من الشركات الكبرى من تسويف ومماطلة وتجاوز للإرادة الملكية السامية حيث لا زالت تعطل احد المفرج عنهم بذرائع واهية ولا زلنا نعلق الأمل على أن تراجع هذه الشركة موقفها دون الحاجة إلى التذرع بطلب موافقة جهات لا تصل إلى مستوى الأوامر الملكية ودون جرنا إلى اتخاذ خطوات تصعيدية”.
توحيد مزايا التأمين وحماية الرأسمال الوطني
طالب المحفوظ ”مجلس إدارة هيئة التأمين الاجتماعي من خلال ممثليه بالتأكيد على اتباع النظم والوسائل الكفيلة بعدم تبديد أموال المؤمن عليهم في مشروعات غير مأمونة وكذلك وضع إجراءات أكثر شفافية في التوظيف والتعيين والاستثمار والمكافآت”، وأضاف ”وإننا من هذا المنبر لندعو الحكومة والسلطة التشريعية لوقف النزيف الذي لا يزال يتدفق من مدخرات المؤمن عليهم ومحاسبة كل المتلاعبين”.
ودعا إلى ”حماية الرأسمال الوطني وحقه في المنافسة العادلة هو أمر يهمنا أيضا”.
وأضاف ”إذا ما علمنا أن ممتلكات هي الشركة المالكة لطيران الخليج ومن خلالها لنسبة 33% في (باس) فإننا نخشى ان تتحول خدمات المطار إلى الشركة الجديدة مع ما في ذلك من تأثير سلبي على الشركة الوطنية والعمالة الوطنية. إننا لا نقف ضد قيام ممتلكات بالاستثمار شريطة ألاّ يكون على حساب الرأسمال الوطني والعمالة الوطنية.
إن أية شركة جديدة يجب أن تلتزم بنفس النسبة المحددة للبحرنة في القطاع المعني ولا تعفى من هذا الشرط”.