«الهندية» في ازدياد والإثيوبية والبنغالية إلى تراجع
كشفت دراسة حديثة أن معظم المواطنين البحرينيين يفضلون استقدام العمالة الأجنبية للعمل في مختلف القطاعات بالمملكة، وأن ربع المواطنين لديهم كفالات للعمال الأجانب، وتركزت المشكلات التي أبدى المواطنون رأيهم تجاهها في ظاهرة الهروب من العمل، والمشاجرات التي تحدث لأسباب متعددة.
وأظهرت نتائج الدراسة التي أجراها مركز الرأي العام أن 10% من المواطنين يعانون من المشكلات الأخلاقية للعمالة الأجنبية، وجاءت العمالة الهندية في مقدمة الخيارات التي يفضلها المواطنون، في حين توقعت الدراسة تراجع نسبة العمالة الإثيوبية والبنغالية في البحرين خلال 20 عاماً المقبلة. وهدفت الدراسة التي شملت عينة بلغت 492 شخصاً من المواطنين الذكور إلى تحليل اتجاهات الرأي العام البحريني تجاه العمالة الأجنبية، وموقفه منها، ومعرفة طبيعة المشكلات التي تسببها هذه العمالة في المجتمع المحلي، وتأثير العامل الاجتماعي على اتجاهات الرأي العام تجاه هذه العمالة.
3,57% يؤيدون استقدام العمالة الوافدة
بيّنت الدراسة أن 3,57% من المواطنين الذكور يؤيدون استقدام العمالة الوافدة من الخارج، في حين أشار 1,42% منهم إلى أن يتحفظون على استقدامها، وهو ما يعني أن الغالبية العظمى من المواطنين يؤيدون خيار العمالة الأجنبية على العمالة الوطنية التي تسعى الحكومة حالياً من خلال مشروع إصلاح سوق العمل إلى تمكينها في إطار المساعي الجارية لبحرنة الوظائف، ومعالجة مشكلة البطالة في أوساط المواطنين.
ورأت الدراسة أن هناك ثقافة لدى المواطنين، تكوّنت منذ فترة تقوم على الحاجة المستمرة للعمالة الأجنبية بهدف شغل بعض الوظائف الميدانية التي تحتاج إلى جهد شاق، مثل أعمال النظافة والإنشاءات بمختلف أنواعها وما يرتبط بها من مهن متنوعة، خصوصاً أن كلفة العامل الأجنبي لازالت أقل من البحريني.
ومن الواضح أن نسبة غير المؤيدين لاستقدام العمالة الأجنبية مقاربة لنسبة المؤيدين، وهو ما يعكس اتجاهاً لدى الرأي العام بأهمية العمالة الوطنية كخيار استراتيجي لشغل جميع المهن والوظائف. وبتحليل هذه النتائج مقارنة بالإجراءات التي تقوم بها هيئة تنظيم سوق العمل، يتوقع أن يستمر الطلب على العمالة الأجنبية خلال الفترة المقبلة مقابل اتجاه أقل تأييداً لهذه العمالة.
الأمر الذي يتطلب حملة توعية بأهمية خيار العمالة الوطنية مقابل الأجنبية بهدف تغيير اتجاهات الرأي العام البحريني الذي يرى في هذه العمالة خياراً أفضل من العمالة الوطنية، حتى لا يتأثر مشروع إصلاح سوق العمل بالثقافة السائدة حالياً لدى الرأي العام المحلي.
أيضاً لابد من الإشارة إلى أن معظم المواطنين الذين أبدوا عدم تأييدهم للعمالة الأجنبية في البحرين ليست لديهم عمالة أجنبية في الأساس، وهؤلاء تشكل نسبتهم 1,80%، في حين أن نسبة ضئيلة منهم لديها عمالة أجنبية رغم عدم تأييدها لها، وتبلغ نسبة غير المؤيدين للعمالة الأجنبية ولديهم منها 9,19%. وسبب ذلك وجود مشكلات لدى هؤلاء من العمالة التي تعمل لديهم.
34.3% نسبة من يكفلون عمالة أجنبية
أوضحت نتائج الدراسة أن نسبة البحرينيين الرجال الذين يكفلون عمالة أجنبية تقدر بنحو 3,34%، وهي نسبة مرتفعة، إذ تشير إلى أن أكثر من ربع المواطنين لديهم كفالة لعمالة أجنبية، وبالتالي تعرّضوا لتجارب خاصة مع هذه العمالة، سواءً من خلال التعامل الشخصي، أو عن طريق اهتمامهم ومعرفتهم بالإجراءات الخاصة بكفالة العمالة الأجنبية.
في حين بيّنت الدراسة أن الغالبية العظمى من المواطنين ليس لديهم كفالات للعمالة الأجنبية، حيث تبيّن أن نحو 2,65% من المواطنين لا يكفلون أي عمالة حالياً، ويمكن تفسير هذه النتيجة بأنها تعكس تركز ظاهرة استقدام العمالة الأجنبية وكفالتها في يد فئة معينة من المواطنين تشمل أرباب العمل وأصحاب الشركات والمؤسسات المختلفة، إضافة إلى لجوء شريحة واسعة من الأفراد إلى كفالة عمالة أجنبية مقابل الحصول على أموال متفاوتة منها بصفة مستمرة.
وهنا تكمن الخطورة في تفاقم ظاهرة ما يسمى بـ ”الفري فيزا”، وهي عمالة غير منظمة وغير ماهرة تسعى للعمل في المملكة بهدف كسب الرزق، وإن لم تجد لها وظائف معروفة، حيث تلجأ إلى كسب الرزق بشتى أنواعه بطرق فردية عشوائية، وبعضها يجد فرصاً وظيفية لدى بعض الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص، وقد تجد هذه العمالة نفسها في حالة من البطالة على مدار العام لتتركز جهودها في كسب الرزق من أجل توفير الحد الأدنى من مقومات المعيشة.
30% ممن يكفلون عمالة واجهوا مشكلات معها
أظهرت نتائج الدراسة، اتجاهات الرأي العام البحريني تجاه المشكلات الناجمة عن علاقة الكفيل مع المكفول، إذ بيّنت أن 30% من المواطنين الذين يكفلون العمالة الأجنبية واجهوا مشكلات مع هذه العمالة، في حين أن الغالبية العظمى من الكفلاء البحرينيين لم تواجههم أي مشكلات مع هذه العمالة، وهو ما يعتبر من الأسباب التي تدفع المواطنين إلى تفضيل خيار العمالة الأجنبية على العمالة الوطنية، رغم ما يثار في الرأي العام من شكاوى تتعلق بعدم كفاءة العمالة الوطنية، وجديتها والتزامها بالعمل مع ارتفاع أسعارها.
وقد بلغت نسبة المواطنين الذين يكفلون العمالة الأجنبية ولم تواجههم أي مشكلات نحو 6,65%، وهي نسبة مرتفعة رغم ما أشارت إليه الصحافة المحلية من تزايد المشكلات بين أصحاب الأعمال والكفلاء مع العمالة الأجنبية.
الهروب يتصدر مشكلات العمالة الأجنبية
تتركز مشكلات المواطنين الذين يكفلون العمالة لأجنبية، في ظاهرة الهروب، إذ بيّنت الدراسة أن الهروب يعد المشكلة الأولى للعمالة الأجنبية، وتمثل نحو 59,42%.
وهو ما يعكس ضعف الإجراءات المعمول بها للحد من هروب العمالة الأجنبية، والرقابة عليها، وضمان التزامها بكفيلها، والعمل في الوظيفة التي استقدمت من أجلها، وبالتالي تظهر الحاجة لجهاز خاص لمراقبة هذه العمالة وانتقالها، وضبط المخالفين لقوانين وإجراءات العمل.
وتعتبر المشاجرات السبب الرئيسي الثاني للعمالة الأجنبية، إذ أشارت نتائج الدراسة إلى أن هذه المشكلات تحتل 6,16% من مشكلات هذه العمالة، وتتنوع دوافع المشاجرات، فبعضها يتعلق بأسباب في التعامل بين الكفيل والعامل الأجنبي، وبعضها يتعلق بمشاجرات بين العمال الأجانب بعضهم بعض، إضافة إلى المشاجرات بين العمالة الأجنبية وعموم المواطنين في المجتمع بسبب اختلاف الآراء، أو أسباب تتعلق بنشاط هذه العمالة.
وبعد ذلك تأتي المشكلات المالية للعمالة الأجنبية في البحرين لتحتل المرتبة الثالثة في أسباب هذه العمالة، إذ تبيّن أنها تمثل نحو 26,9%، وتتعلق بعدم التزام العمالة الأجنبية بالعمل لدى الكفيل وأداء المهمات المطلوبة منها، إضافة إلى مشكلات تتعلق بعدم الثقة المالية لهذه العمالة التي يفترض أن تلتزم بالأمانة في العمل، وتقوم بدفع التزاماتها المالية بانتظام، وأيضاً تتعلق هذه المشكلات بمطالبة العمالة الأجنبية رفع أجورها من قبل الكفيل في ظل وجود سوق مفتوح تتحكم به قوى العرض والطلب، وتزداد الفرص الوظيفية لبعض العمالة الأجنبية الماهرة. مع الإشارة إلى أن المشكلات المالية تشمل عدم قيام فئة من العمالة الهاربة بتسديد التزاماتها المالية تجاه الكفيل.
أما المشكلات الأخلاقية والاجتماعية التي تسببها العمالة الأجنبية، فإنها لا تتعدى نسبة 26,9%، مما يعني أن المشكلات المالية لهذه العمالة تتساوى مع الأخلاقية والاجتماعية الناجمة عن عملها في البحرين، وتشمل المشكلات الجنسية، والسرقات، والشكاوى الصادرة عن المواطنين المقيمين في مناطق تسكنها العمالة الأجنبية في مختلف المناطق، خصوصاً أنه لا توجد مناطق محددة لسكن العمالة الأجنبية، وتداخل مناطق إقامة المواطنين مع العمالة الأجنبية، مما يؤدي إلى مشكلات اجتماعية متعددة بسبب اختلاف ثقافة وسلوك هذه العمالة عن المجتمع البحريني.
وأخيراً بيّنت الدراسة أن 2,22% من المشكلات الأخرى المترتبة على وجود العمالة الأجنبية لدى المواطنين الذين يكفلونها متنوعة، ومعظمها يتعلق بحالات فردية بين هذه العمالة والكفلاء.
الهندية ثم الفلبينية وأخيراً البنغالية
حددت نتائج الدراسة أهم الجنسيات التي يرغب فيها المواطنون لتكون عمالة أجنبية في البحرين، وجاءت بالترتيب : العمالة الهندية، الفلبينية، الإندونيسية، النيبالية، الإثيوبية، والعمالة البنغالية.
من هنا فإن العمالة الهندية لازالت الخيار الأفضل لدى البحرينيين، إذ أشارت النتائج إلى أن 3,37% من المواطنين يفضلون هذه الجنسية للعمل في البحرين، وهو ما يمكن تفسيره بأن البحرينيين لهم خبرات طويلة في التعامل مع هذه الجنسية لفترة تزيد عن القرن، وقد كانت للبحرين علاقات تجارية قديمة مع الهند.
أيضاً من أسباب ذلك تقارب ثقافة العمالة الهندية مع المجتمع البحريني، ومحدودية مشكلات هذه العمالة، فضلاً عن قدرتها على العمل في مختلف القطاعات، وخصوصا العمالة المنزلية.
أما بالنسبة للعمالة الفلبينية التي أعلنت حكومة البحرين، أخيرا، رغبتها في استقطاب المزيد منها للعمل في قطاع البيع بالتجزئة في المجمعات التجارية، فإنها تعد الخيار الثاني المفضل لدى البحرينيين، الذين أشار 13% منهم إلى رغبتهم في التعامل معها.
وتعمل العمالة الفلبينية في قطاعات متعددة أهمها العمالة المنزلية، والمحلات التجارية، وقطاع المطاعم بشكل أساسي.
من اللافت في نتائج الدراسة أن العمالة الإندونيسية تشكل الخيار الثالث المفضل لدى البحرينيين، إذ أشار 3,12% منهم إلى أنها تشكل عمالة مرغوبة بالنسبة لهم.
وكذلك الحال بالنسبة للعمالة النيبالية التي تحتل المرتبة الخامسة من حيث قبول المواطنين الذين أشار 3,7% إلى رغبتهم في عملها بالبلاد.
توجه إلى زيادة العمالة الإندونيسية والنيبالية في الفترة المقبلة
وتعد العمالة الإندونيسية والنيبالية عموما من الجنسيات الجديدة التي بدأت تحتل نسبة من العمالة الأجنبية في البحرين، إذ بدأت في العمل بالبلاد منذ فترة تتراوح بين 10 ـ 15 عاماً فقط، وتتركز العمالة الإندونيسية بشكل رئيسي في قطاع العمالة المنزلية وقطاع التشييد والبناء، في حين تعمل العمالة النيبالية بشكل أكبر في قطاعات العمالة المنزلية، والنظافة، والأمن.
وهذه النتيجة تشير إلى احتمال زيادة نسبة العمالة الأجنبية في البحرين التي تحمل الجنسية الإندونيسية والنيبالية في الفترة المقبلة، خصوصاً مع ارتفاع أسعار العمالة من الجنسيات الأخرى مقارنة بهاتين الجنسيتين.
أيضاً أبدى 9,3% من المواطنين تأييدهم للعمالة الإثيوبية في البحرين، وهذه العمالة تتميز برخص كلفتها مقارنة بالجنسيات الأخرى، رغم تركز أنشطتها الرئيسية في قطاع العمالة المنزلية، والمطاعم والمقاهي، والفنادق وبعض المحلات التجارية، وتمثل هذه الجنسية مصدر الاستقدام الرئيس للعمالة المنزلية من القارة الإفريقية تليها تلك المستقدمة من إريتريا، وهذه النسبة المحدودة تشير إلى احتمال تراجع أعداد العمالة الإثيوبية في البحرين في السنوات المقبلة باعتبارها من العمالة غير الماهرة وغير المفضلة لدى البحرينيين.
وكشفت الدراسة أن العمالة البنغالية هي أقل أنواع العمالة التي يرغب في استقدامها البحرينيون، إذ لم يؤيد وجودها في البحرين إلا 5,1% فقط من المواطنين، وقد يعود سبب ذلك إلى الأحداث التي شهدتها البحرين خلال السنوات الخمس الماضية، حيث عانى المجتمع من عدة جرائم بشعة ارتكبتها العمالة البنغالية، وخصوصاً جرائم القتل ويبدو أن هذه العمالة ستشهد تراجعاً في عددها خلال السنوات المقبلة.
كما أشارت نتائج الدراسة إلى أن الجنسيات الأخرى من العمالة لا تزيد نسبة تأييد المواطنين لها بنحو 9,2%. كما أكد نحو 4,11% من المواطنين أنهم لا يرغبون في استقدام أي جنسية للعمل في البحرين.
ومن المهم الإشارة إلى أن هذه النتائج لدى الرأي العام تشير إلى اتجاهات العمالة الأجنبية في البحرين خلال 20 عاماً المقبلة، إذ شملت عينة الدراسة فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 ـ 39 عاماً، وجاءت النتائج مطابقة للنتائج التي تم تفصيلها حول جنسيات العمالة المفضلة لدى المواطنين. وفيما يتعلق بتأثير العامل الاجتماعي للمواطنين على جنسيات العمالة الأجنبية، فقد بيّنت نتائج الدراسة تأثير هذا العامل بشكل واضح، فقد كانت خيارات المواطنين المتزوجين للعمالة الأجنبية بالترتيب كالآتي: العمالة الهندية، والعمالة النيبالية، والعمالة الفلبينية، والعمالة الإندونيسية، والعمالة الإثيوبية، والعمالة البنغالية.