كتب: مكي حسن
ينتاب العديد من المواطنين وخاصة رجال الأعمال والمقاولين وأصحاب المحلات التجارية والخدماتية الشك أحيانا والحيرة أحيانا اخرى في مغزى خطة تنظيم سوق العمل، والهدف الذي ينشده المسئولون بالدولة في الوصول بالبحرين الى المستوى المنشود ضمن تصورات واستراتيجية مملكة البحرين والتي دعمها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين في رؤيته للبحرين عام .2030
ويبدو أن هناك عدم فهم واضح لمرامي وغايات هذا التوجه الرسمي والذي لا يمكن تحقيقه الا من خلال الإمساك بالخيط الأول وهو “هذا الكم الهائل من العمالة الأجنبية والخوف من تفاقم أعدادها أمام تراجع العمالة البحرينية، فيما تهدف خطة عمل الهيئة الى زيادة الاعتماد
على الشباب والعناصر الوطنية المدربة في المرحلة القادمة”.
وفي هذا الصدد التقت “اخبار الخليج” بالأستاذ علي رضي الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل، واجرينا معه حوارا شمل العديد من المواضيع ذات العلاقة بسوق العمل وانجازاتها، وما يجوبها من مشاكل وصعوبات يتم التغلب عليها الواحدة وراء الأخرى.
رؤية 2030
وقال علي رضي: “ان الرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين عام 2030، استندت على عدة مبادئ طموحة تنقل البلاد من اقتصاد قائم على النفط الى اقتصاد منتج، وقادر على المنافسة في الأسواق العالمية”.
وتابع، ولتحقيق هذا الهدف المنشود، تقوم حكومة البحرين برسم ملامح طريق هذه الرؤية الاستراتيجية فيما يتولى القطاع الخاص ريادة العملية التنموية بشكل يدفع باتجاه إلى أن تتبوأ فيه الطبقة الوسطى من المواطنين مركزا مرموقا يمكنها من التمتع بمستويات معيشية عالية جراء زيادة الإنتاجية وارتفاع عدد الوظائف ذات الرواتب العالية، وبالتالي يتحسن الوضع المعيشي لغالبية المواطنين، فتزدهر الحياة في البلاد وتزداد استقرارا وتقدما.
كما أوضح علي رضي أن هيئة تنظيم سوق العمل استندت منذ انطلاقتها على تنفيذ توصيات دراسة ماكينزي لإصلاح سوق العمل، والتي دعت فيها الى فرض نظام يتحكم في رسوم العمل ويضع سقفا على حصص الوافدين وذلك بهدف تقييد عرض العمالة في مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد، وما يقتضي ذلك من تدريب أعداد كبيرة من البحرينيين وزيادة الحوافز التي تشجعهم على العمل في القطاع الخاص وغيرها من المبادىء التي تصب في بوتقة مرونة تنقل العمال الوافدين وبالتالي الإلغاء التدريجي بـ”هدف البحرنة” من خلال إلزام المؤسسات بدفع رسوم أعلى مقابل خفض نسبة البحرنة.
صلاحيات الهيئة
وفي جواب له حول مدى صلاحيات الهيئة، قال: إن صلاحيتها تمكنها القيام بما يلي:
أولا: وضع وتنفيذ خطة وطنية بشأن سوق العمل تتضمن الاستراتيجية والسياسة العامة بشأن تشغيل العمالة الوطنية والأجنبية.
ثانيا: اقتراح وتحصيل الرسوم المفروضة على أصحاب سوق العمل بشأن تصاريح ورسوم تجديدها.
ثالثا: تعمل الهيئة كجهة مركزية يتم من خلالها تقديم جميع طلبات العمل وتحصيل كل رسوم التصاريح والتراخيص.
رابعا: تقوم الهيئة بجمع وتحليل البيانات والمعلومات المتعلقة بسوق العمل، ونعتبر هذه الصلاحية من أكبر انجازات هيئة سوق العمل في حصولها وتوثيقها لهذه المعلومات.
وتابع، كما ان هناك نقطة أخرى، وهي المتعلقة بدور الهيئة في التخطيط لانتقال العامل الأجنبي، وأوضح في هذا الخصوص بان للهيئة الحق في تخطيط انتقال العامل الأجنبي، ولاتجديد لتصاريح عمل انتهت مدتها، بالإضافة إلى أنه من صلاحيات الهيئة ان تلغي تصاريح عمل مضى عليها 3 شهور متواصلة من دفع الرسوم ولم يتم تنفيذها.
خطة السوق
وسألناه: ذكرتم في عرض حديثكم، أنكم ملزمون في الهيئة بتنفيذ الخطة الوطنية لسوق العمل، فما هي هذه الخطة؟
فأجاب: تشمل الخطة الوطنية مايلي: “تحقيق التوافق الوطني بين الأطراف الثلاثة في سوق العمل، دعم القطاع الخاص ليكون المحرك الأساسي لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الحقبة المقبلة”، بالإضافة الى تحقيق التوازن في توفير احتياجات المشروعات وأصحاب الأعمال من العمالة الوافدة، وتمكين البحرينيين ليكونوا الخيار المفضل في التوظيف على المدى البعيد، بالإضافة الى الحد من ظاهرة العمالة السائبة،والممارسات غير القانونية في سوق العمل، وتسريع انجاز المعاملات بكفاءة عالية.
الرسوم وتمكين
ثم سألناه: ماذا عن الرسوم التي تجنيها الهيئة، أين تذهب؟ فقال: الرسوم التي تفرضها الهيئة تقسم الى قسمين، الجزء الأول ويشمل 80% من الرسوم تحول الى صندوق العمل “تمكين”، فيما تحول الـ 20% الباقية الى ميزانية الحكومة.
واوضح ان صندوق “تمكين” يقوم بإدارة الأموال المحولة اليه واستثمارها في برامج التدريب والتطوير للقوى العاملة وذلك بهدف زيادة إنتاجيتها وزجها في القطاع الخاص، وبالتالي تحسين مستوياتها الوظيفية والمعيشية.
وكشف الرئيس التنفيذي في إطار التعاون والتنسيق بين هيئة تنظيم سوق العمل والجهات الرسمية، وتقوم الهيئة عن طريق الربط الإليكتروني “الإنترنت” بالتنسيق مع كل من وزارة الصناعة والتجارة حول امكانية الحصول على بيانات صاحب العمل وتسجيل الشركات، والتنسيق مع وزارة الكهرباء والماء حول امكانية الحصول على تفاصيل العملاء كالعنوان وقيمة الفاتورة الأخيرة.
بالإضافة الى التنسيق مع الجهاز المركزي للمعلومات حول البطاقة السكانية واصداربطاقة الهوية وكذلك التنسيق مع الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة حول تصريح الإقامة وتأشيرة العمل وكذلك مع وزارة الصحة فيما يتعلق بالمعلومات حول القيام بالفحص الطبي قبل التوظيف وكذلك الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي مؤكدا في نهاية هذا العرض التسلسلي ان الهيئة تلزم نفسها بمدة أقصاها 10 أيام لانجاز أي معاملة، منوها في الوقت ذاته بان 90% من المعاملات التي عرضت على الهيئة تم انجازها ولم تتأخر عن هذا الموعد، وهو انجاز تعتز به الهيئة في مسيرة عملها الحديث.
الطلبات الجديدة والمجددة
وفي سؤال حول عدد الطلبات الجديدة وعدد طلبات التجديد لتصاريح العمل، كم بلغت حتى نهاية مارس 2009؟ ذكر علي رضي ان طلبات التراخيص الجديدة وصلت الى 15 ألف طلب من يوليو 2008 الى نهاية مارس 2009، فيما ارتفعت طلبات التجديد من 4500 الى 13500 طلب لنفس الفترة الزمنية منوها الى أن هذه الإحصائية تكشف بوضوح عن انتعاش سوق العمل في العمالة الأجنبية مقابل تراجع في عدد العمالة الوطنية. وتابع ان ذلك يكشف عن وجود خلل في الموضوع بمعنى ان عددا من المقاولين (الدرجة الثالثة) بالذات قد قاموا بتوظيف عمالة وهمية.
وتساءل ما العمل في هذه الحالة؟ وواصل ان الهيئة تتجه في هذه الحالة الى تطبيق رفع الرسوم على العامل الأجنبي حتى يرتفع سعر تكلفته، وبالتالي يحجم عن استقدام المزيد من العمال الأجانب، ويلجأ الى استخدام العامل البحريني، مشيرا هنا الى أن هذا هو لب المشكلة مع المقاولين في شكواهم من الرسوم، والهدف من ارتفاعها.
نصف مليون عامل
وحول آخر الإحصائيات المتوفرة عن سوق العمل مع نهاية الربع الأخير لعام 2008، تبين أن عدد العمالة البحرينية بلغت 140 ألفا و96 موظفا مقابل 438 ألفا و211 موظفا للعمالة الأجنبية، أي بإجمالي 578 ألفا و307 عمال، كما تبين من خلال التدرج من الربع الثاني الى نهاية الربع الأخير للعام الماضي أن نسبة البحرنة تتراجع بمعدل خفيف حيث كانت 21،9% في نهاية الربع الثاني وتراجعت الى 20،9% في نهاية الربع الثالث، وبقيت على نفس المعدل مع نهاية الربع الأخير من العام الماضي.
كما أماطت إحصائية اخرى عن أجر البحريني في الربع الأخير لعام 2008 بين الأجرين المتوسط والوسيط،كما يلي: الأجر في القطاع الخاص (التأمينات الاجتماعية) المتوسط 517 دينارا والوسيط 278 دينار، الأجر البحريني في القطاع العام (صندوق التقاعد) 647 دينارا للمتوسط و 553 دينارا للوسيط وعلى هذا الأساس يصبح أجر البحريني المتوسط بشكل عام 562 دينارا مقابل 402 دينار للوسيط.