القاسمي: 6 آلاف بحريني يتــدرّبون في «تمكـين» .. والعزوف أحد المعوقات
الوقت:
قال المدير التنفيذي عبدالإله القاسمي لـ ”الوقت” إن ”تمكين تواجه معوقات رئيسة تتمثّل في ”عدم إقبال البحرينيين على بعض البرامج التي يطرحها صندوق العمل ”تمكين”، إضافة إلى محدودية الطاقة الاستيعابية للمعاهد الموجودة في البحرين بما لا يتناسب مع خطة ”تمكين” التي تطمح إلى الانتهاء من تدريب 20 ألف بحريني العام2010″.
تواجه ”تمكين” منذ تأسيسها تحديّات جمّة، أهمها معادلة 306.580 ألفاً عاملاً غير بحريني مقابل 75.679 بحرينياً فقط من جهة، ومن جهة أخرى وجود 5034 عاطلاً عن العمل رغم وجود 8343 شاغراً وظيفياً (في أبريل/ نيسان الجاري)، وَفق تصريح وزير العمل، الأمر الذي يكشف ”الخلل الكبير” بين مخرجات العملية التعليمية واحتياجات ”سوق العمل”، وهو ما تسعى ”تمكين” لإصلاحه وَفق القاسمي.تأسيس «تمكين» و«هيئة سوق العمل»
بعد الكثير من التصريحات الرسمية بشأن ضرورة اتخاذ مملكة البحرين خطوات مهمة من أجل إصلاح سوق العمل، وتأكيدات متواصلة على لسان سمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة بضرورة تطوير الثروة البشرية في البلاد، وجعل توظيف المواطنين أكثر جاذبية، والعمل على تحسين أداء المؤسسات والمنشآت في المملكة تأسس صندوق العمل بمرسوم ملكي رقم 57 لسنة ,2006 وتمّ فيه إيكال الصندوق بمهمات تنفيذ الإصلاحات في مجالات التدريب والتنمية البشرية وسوق العمل والأنظمة في البلاد.
في العام ذاته أصدر جلالة الملك في 31 مايو/أيار قانونا بشأن تنظيم سوق العمل نص فيه على ”تشكيل هيئة لتنظيم سوق العمل تتولى الهيئة كافة المهام والصلاحيات اللازمة لتنظيم سوق العمل بالمملكة، وتنظيم تصاريح عمل العمال الأجانب وتراخيص وكالات توريد العمال ومكاتب التوظيف، وتصاريح مزاولة أصحاب العمل الأجانب للعمل بالمملكة”.
يعتبر صندوق العمل جهة شبه مستقلة تتمتع بالاستقلالية تقوم بوضع وصياغة الخطط الاستراتيجية وخطط العمل للاستفادة من الرسوم التي ستحصلها هيئة تنظيم سوق العمل؛ من أجل الاستثمار في تحسين قدرات التوظيف للمواطنين البحرينيين وخلق وتوفير الوظائف ذات المردود المجزي وتقديم الدعم الاجتماعي بما يخدم سوق العمل.
البحريني والمعادلة المقلوبة لصالح الأجنبي
أوّل ما واجه ”تمكين” منذ إنشائها قبل ثلاث سنوات المعادلة المقلوبة لصالح ”العمالة الأجنبية” في القطاع الخاص، حيث وصلت في العام ذاته نسبة الأجانب إلى 79% مقابل 21% فقط للبحرينيين.
على مدى السنوات الثلاث الماضية استمرّت المعادلة بالسير اطرادا لصالح ”الأجنبي”، حيث تدنّت إلى 19% في نهاية العام الماضي.
جزء من ”المعادلة السالبة” تعود أسبابه إلى كمّ العمالة الهائل المتدفق على البحرين في السنوات السابقة؛ بسبب الانتعاش الاقتصادي الذي صاحب ”الطفرة النفطية” وسياسة الانفتاح الاقتصادي الذي اتبعته البحرين منذ سنوات.
أما الجزء الآخر، فسببه وَفق ما صرّح اقتصاديون ومسؤولون حكوميون يتمثّل في ”عدم تواؤم مخرجات التعليم الجامعي” مع متطلبات واحتياجات سوق العمل.
فبالإضافة إلى تدنّي نسبة البحرينيين في القطاع الخاص إلى 19%، فإن أغلب الوظائف التي يتقلّدها البحرينيون وَفق إحصائية لهيئة التأمين الاجتماعي تنتمي إلى فئة الوظائف العمالية أو الإشرافية، بينما يستحوذ أغلب الوظائف الإدارة المتوسطة والتنفيذية غير بحرينيين.
تغيير المعادلة وتحسين إنتاجية البحريني
ذكر القاسمي أثناء حديثه مع ”الوقت” أن صندوق العمل ”تمكين” لا يستهدف إعادة المعادلة المقلوبة لصالح الأجنبي” بقدر ما تسعى إلى دعم البحرينيين؛ لكي يصبحوا الاختيار الأمثل عند التوظيف”.
مشيراً إلى أن ”تمكين” لوحدها لا تتحمّل مسؤولية تغيير المعادلة لصالح البحريني ”فهناك الكثير من المؤسسات المعنية بذلك، ولاسيما المؤسسات التعليمية التي تحدّد نوعية المخرجات ومستوياتها، فالعملية تكاملية ويشارك فيها الكثير من الأطراف”.
وذكر القاسمي أن ”تمكين لا تسعى لإحلال البحريني مكان الأجنبي، فهناك كم هائل من العمالة الأجنبية في القطاع الخاص، ومعنى إحلال البحريني مكان الأجنبي من دون تمكين أو دراسة خطأ، فالمطلوب أن يتقلّد البحريني الوظائف الجيّدة، لا أن يتقلّد الوظائف الدنيا كما هو الحال”.
وأشار إلى أن ”برنامج تمكين يشمل دعم الجودة الحالية لعملية خلق الوظائف في القطاع الخاص، ومساعدة القطاع الخاص لتحسين وتطوير إنتاجيته ونموه”.
رسوم سوق العمل لصالح البحريني
في سياق ”جعل البحريني الخيار الأمثل” الذي أشار إليه القاسمي قام صندوق العمل الذي يضطلع برسم السياسات الاقتصادية بالتوجيه إلى تخفيض كُلفة استخدام البحرينيين مقارنة بالأجانب، والاستثمار في برامج تحسين المهارات المهنية والفنية والمقاييس والمعايير المهنية، وكذلك دعم القطاع الخاص مع هياكل الكُلفة الجديدة بتوفير الحصول على رأس المال اللازم للحد من الأعباء المالية القصيرة الأجل وبتحسين معدلات الإنتاجية، وكذلك في مبادرات الاستشارات الفنية التي تدعم وترفع من الإنتاجية وتقليل الاعتماد على العمالة الرخيصة من خلال نشر المعرفة في المجالات الإدارية والفنية.
في السياق ذاته قامت هيئة تنظيم سوق العمل التي تتمثّل وظيفتها في تنظيم تصاريح العمل وتراخيص وكالات توريد العمّال ومكاتب التوظيف وتصاريح مزاولة أصحاب الأجانب بفرض رسوم على العمالة الأجنبية بواقع (10 دنانير شهرياً) عن كل عامل أجنبي، وأتى ذلك في سياق توجيهات صندوق العمل بتخفيض كُلفة استخدام البحريني مقابل الأجنبي.
أفضى قرار رسوم سوق العمل على العمالة غير البحرينية إلى احتجاجات قام بها أصحاب مؤسسات ومنشآت تجارية وصناعية صغيرة ومتوسطة، ورأوا فيها وَفق بيان صدر عن جمعية المقاولين وجهات أخرى ”ضرائب مجحفة بزيادة قدرها 280% مقارنة بما سبق (…) نحن نمر بأزمة عالمية خانقة وركود اقتصادي، وهذه الزيادة تتسبب في إحداث ضرر اقتصادي على جميع المنشآت التجارية والصناعية الصغيرة والمتوسطة”.
مخرجات التعليم وإعادة التدريب
وفي سياق ”جعل البحريني الخيار الأمثل” أيضاً أعلنت ”تمكين” في 2007 عن خطّة استراتيجية لتدريب 20 ألف بحريني في مجالات متعدّدة ترى أن سوق العمل تحتاجها” بخلاف أغلب المخرجات التي تخرج بها الجامعات المحليّة، والتي لا تتواءم مع متطلبات سوق العمل.
أحد تلك المخرجات هم ”خريّجو العلوم الإنسانية والاجتماعية المتمثلة في علم الاجتماع، الخدمة الاجتماعية، علم النفس، الفلسفة وغيرها، حيث تكدّس منذ 2003 آلاف العاطلين من تلك التخصصات الذين لم تستوعبهم وزارات التربية والتعليم والتنمية الاجتماعية ومؤسسات أخرى.
مازالت مشكلات خريجي الجامعات المحليّة مستمرة، وقبل يومين قام مجموعة من الخريجين باعتصام سيتواصل وَفق بيانهم أمام وزارة التربية والتعليم بسبب عدم قيام الوزارة بإعلان شواغر لخريجي العلوم الاجتماعية، فيما ترى الوزارة ووزارات أخرى عدم حاجتها لكثير من مخرجات العملية التعليمية.
في هذا السياق يأتي توجّه ”تمكين” لإعادة تدريب البحرينيين في تخصصات تراها مطلوبة في سوق العمل”.
معوقات تواجه خطة الـ 20 ألف
ذكر القاسمي أن هناك بعض المعوقات تواجه الخطة الاستراتيجية التي وضعها صندوق العمل ”تمكين” لتدريب البحرينيين في تخصصات مختلفة.
الصندوق لم يستطع إقناع سوى 6151 بحرينيا إلى الآن للتدرّب، كما أن ”الطاقة الاستيعابية للمعاهد الموجود في البحرين لا تتحمّل العدد الذي يطمح أن تصل له الصندوق العام2010″.
ولكن يعتقد القاسمي ”أن التحاق أكثر من 6 آلاف بحريني في غضون عامين ببرامج الصندوق التدريبية يُعد إنجازاً”، منوهاً إلى استمرار ”الصندوق في سياسته التي ستؤتي ثمارها لصالح البحرينيين”.
ويركّز القاسمي على ”توجه الصندوق إلى تأهيل البحرينيين لتقلّد وظائف عليا والصعود في السلّم الوظيفي أكثر من استهدافه لقلب المعادلة العمالية التي يتشارك فيها أطراف عدّة”.