سوق العمل.. تنظيم أم تفليس؟!

الشيخ حمزة الحواج
 
العمالة السائبة في الوطن حلّ عليها الاضطراب والخوف منذ أن علمت عن إنشاء سوق العمل وتنظيم وترتيب الحركة العمالية في بلادنا، وترقب الجميع سيل القوانين التي ستحد من التمادي في استجلاب عمالة تهدد السوق وتربك تنظيم العمل في البلاد، ومن الطبيعي أن تترقب المؤسسات والشركات وكل القطاعات العاملة والهيئات المعنية هذا المشروع بحذر، ولا أقول إننا قد فوجئنا تماماً بما لم يُتَوقع بل جزءه الأكبر كان احتمالاً وارداً، لكن بقي جزء تكشّف مع الأيام، ولما كان الحذر والترقب عما سيتمخض من ولادة هذا المشروع الجديد كان الانتظار لزاماً لنقرأ عن كثب ما سيصدر عن قريب، وكان السؤال التغير قادم، ولكن كيف؟ والحال أن أكثر الوعود القادمة وعود خزفية.  ومنذ انطلاق مشروع تنظيم سوق العمل لم نشهد له قوانين لصالح أصحاب العمل كما يجب، وكما كان يأمل فيه كثيرون، وقد ضجت الصحافة ووسائل الإعلام في التبشير به دون مقابل، ولم نجد له حسنة إلا دفع رسم شهري للعامل ولعله بيت القصيد من الهيئة وإنشائها، وكان من المفترض أن تصدر الهيئة تخفيضاً للرسوم عن كاهل أصحاب العمل سيما للمؤسسات الصغيرة التي تعتاش منها عوائل وتعتبر مصدر قوتها، ولا أظن زيادة في أرباحها تستحق معها زيادة الضرائب عليها.  لست أعلم لم تبقى زيادة الرسوم حاضرة في كل مقترح ومشروع يقدّم رجاء تطور العمل في الوطن الحبيب، وكان حري بالهيئة أن تشجع العمل في البلاد وتفتح أبواب العمل الحر في السوق التجارية وغيرها لأن البطالة هم لازال قائماً، ولم نشهد القوانين الأخرى التي تحمي سوق العمل!. وإذا ما ذكرنا أن مؤسسة لديها عاملان أو أربعة وستدفع رسوماً لأربع أو خمس جهات بشكل مستمر فكيف لها أن تعيش وهي يُقتضم منها هنا وهناك، وليس فقط رسوم هذه الهيئة أثقلت على المؤسسات فقانون انتظار صاحب العمل لستة شهور عند هروب العامل أو عاملين حتى إعطائه ترخيص جلب عمالة أخرى أمر غريب لا يراعى فيه ظروف هذه المؤسسة الصغيرة بالذات، وهو قانون نتيجته شلل عمل المؤسسة لمدة ستة شهور ولا غير الإفلاس ينتظرها، وحتماً هذا القانون ينال من المؤسسات الصغيرة التي يعتاش منها كثير من العوائل لاعتمادها على عمال محدودين وقد يكونا اثنين أو ثلاثة، فإذا ما هربوا فكيف يعمل وقد حضر القانون المذكور الترخيص له من حين البلاغ إلى ستة أشهر جلب أية عمالة بخلاف المؤسسات الكبيرة التي تغطي نقص العامل الهارب بآخر لكثرة العاملين فيها، فهي بمنأى عن ضرر هذا القانون، إنها عقوبة تؤدي إلى إغلاق المؤسسة أو شللها كليا وكأنه المسؤول عن هروب العامل، فهل يعي واضع القانون ما يتسبب قانونه من بلاء وويلات على صاحب العمل؟!  ولما طفح الكيل من هذا الرسم، هبّ كبار التجار ليوصلوا رسالة إلى المعنيين أن هذا القانون أصبح عبئاً ثقيلاً على التاجر الصغير والكبير، وقد ضجّ منه البحارة قبل واليوم يضج منه الجميع، فقد شهد يوم الإثنين اعتصاماً من العيار الثقيل حيث تجمع كبار التجار في البلد وهو ما لم نألفه إلى وقت قريب، وما هذه الصرخة إلا إنباء عن حجم الضغط الذي وصل إليه أصحاب العمل في وطننا العزيز، فإذا ما ضج الكبار من هذا الرسم القاسي فكيف بالصغار؟!  إنها مسألة تحتاج إلى إعمال فكر ونظر حتى يعرف القائمون أن من المعاناة الكثير قد وقعت من هذا المشروع الذي أريد به كما قيل خيراً، وإني أهيب بالجهة الموقرة القائمة على هذا المشروع أن تعيد دراسة هذا المشروع ولا ضير إذا ما جربت فكرة أريد منها خدمة البلد أن يتراجع عنها إذا تسببت في ضرر لأبناء هذا البلد ورجاله فنحن في بلد يحتاج للعمل ورجال الأعمال والبلد أمانة والقوانين أمانة يجب أن يستخدم للصالح العام وخدمة البلد وأبنائه ومستقبله. 
كاتب بحريني.