اقتراح وقف تحصيل رسوم العمل .. حلم التجارة!

تحقيق: نوال عباس

تقدم مجلس النواب باقتراح برغبة بشأن وقف تحصيل رسوم هيئة سوق العمل المفروضة على المؤسسات المتوسطة والصغيرة مؤكدين أن هذه الرسوم التي مقدارها عشرة دنانير شهريا أصبحت تشكل عبئا كبيرا على هذه المؤسسات التي تشكل ما نسبته 70% من المؤسسات العاملة بالمملكة هذا فضلا عن أن هذه المبالغ تفوق ما تحصل عليه من خدمات.وقد أكد أصحاب هذه المؤسسات لـ (أخبار الخليج) بان الاقتراح برغبة حول وقف تحصيل رسوم هيئة سوق العمل اقتراح إيجابي، وهو يمثل خطوة حكومية جيدة لدعم التاجر البحريني الصغير في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية وركود الأسواق وضعف الأرباح مقارنة بالمصروفات، بينما طالب البعض الآخر بدعم حكومي للشركات المتوسطة والصغيرة من اجل ضمان استمرارها في السوق وعدم خسارتها وتسريح موظفيها وزيادة البطالة مستقبلا.

جاء ذلك في التحقيق التالي:

مشكلة الرسوم

انتقلنا في الأسواق بين المؤسسات المتوسطة والصغيرة لنتعرف ردة فعل التجار حول المقترح برغبة المقدم من المجلس النيابي حول وقف تحصيل رسوم هيئة سوق العمل المفروضة عليهم فكانت مفاجأة مفرحة بالنسبة إليهم فصاحب (محلات السلام للالكترونيات) محمد محسن البني بدا فرحا مؤكدا في الوقت ذاته أن هذا الاقتراح سيعمل على حل مشكلة كثير من المؤسسات المتوسطة الصغيرة التي تشكل هذه الرسوم عبئا كبيرا عليهم في ظل ألازمة العالمية المالية، بالإضافة إلى قدرته على التكيف مع التغيرات التي طرأت على السوق في الفترة الأخيرة وخاصة أن شركته توظف 35 عاملا ويدفع لهم رسوما شهرية تقدر ب10 دنانير لكل عامل بالإضافة إلى رسوم الـتأمينات والإيجارات التي ترتفع باستمرار وفواتير الكهرباء والماء التي تشكل 5% من الدخل. مما يؤدي إلى خسارة كثير من التجار إذا كانت الربحية اقل من المصاريف.

ميزانية المؤسسات

* هل تضع المؤسسات المتوسطة والصغيرة ميزانية تعتمد عليها في أزماتها؟
هناك بعض الشركات الكبيرة التي تملك ميزانية تعتمد عليها في الأزمات ولكن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعتمد على ربحها اليومي في صمودها أمام ازمات السوق وهذا اثر كثيرا في نسبة الربح في الفترة الأخيرة الذي انخفض بنسبة 40% تقريبا نتيجة لقلة الإقبال على الشراء من الزبائن لتخوفهم من التغيرات التي تطرأ على السوق وانتظارهم بصيص أمل لانخفاض الأسعار، وهذا بحد ذاته يشكل مشكلة كبيرة بالنسبة إلى التجار المؤسسات المتوسطة والصغيرة لأنها لاتدعم من جهة حكومية والاقتراح سيدعم هذه المؤسسات وسيجعلها تتخطى الأزمة بسلام.

اقتراح جيد

وفي جولتنا التالية حاولنا أن نستكشف أحوال أسواق مواد البناء في ظل الأزمة الراهنة وهل الاقتراح النيابي بوقف رسوم العمل سينقذ التجار من الأزمة الحالية؟ مهدي احمد (صاحب محلات مواد بناء) اعتبر أن الاقتراح جيد جدا وخاصة أنه يقوم بدفع رسوم 200 عامل تقدر بألفي دينار بالإضافة إلى إلايجارات والتأمينات ورسوم الكهرباء والماء وغيرها من المصاريف التي لا تتناسب مع الربحية في الوقت الحاضر التي تراجعت بنسبة 75% نتيجة لقلة الإقبال من الأفراد والشركات والمؤسسات على شراء مواد البناء لتراجع السوق العقارية في الفترة الأخيرة، واعتبر الاقتراح المقدم بوقف رسوم العمل عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يجعل التاجر يعيد النظر في الأسعار الحالية لمواد البناء وبالتالي سيعمل على تخفيض الأسعار لكسب الزبون بدلا من خسارته. مما سيعمل على زيادة الإقبال على شراء مواد البناء وانتعاش السوق مرة أخرى.

– هل الاقتراح النيابي بوقف الرسوم عن المؤسسات المتوسطة والصغيرة فقط يعتبر ظلما بحق المؤسسات الكبيرة؟

لا اعتقد ذلك لأن الشركات الكبيرة تملك ميزانية كبيرة ورأس مال يمكنها من أن تتخطى الأزمات ودفع رواتب العمال ولكن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا تملك ميزانية ولا تستطيع دفع رواتب للعمال ودفع المصاريف مما سيؤدي الى غلق المحلات وتسريح العمال في النهاية. ومثل هذا الاقتراح سيعمل على حل مشكلة التجار.

واتفق معه فاضل علي عبدالله صاحب (مصنع المدينة للألمنيوم) بأن الربحية في ظل الازمة الراهنة لا تتناسب مع المصاريف مؤكدا أن مصاريف محله التي تشمل الرسوم لـ 15 عاملا والرواتب بالإضافة إلى التأمينات والإيجار والكهرباء والماء ومصاريف التليفون والعيادات والتأشيرات للعمال قد تشكل مبالغ اكبر من الدخل التي قد لا يوفق في تحصيلها في بعض الأيام مع دفع المصاريف مما يسبب خسارة في بعض الأشهر ومع استمرار الخسارة لبعض المؤسسات التجارية ستنسحب من السوق وستعمل على تسريح موظفيها وقد يرجع ذلك إلى أنها لا تملك رأس مال قويا وميزانية للازمات ولكنها تعمل بدخل يومي فقط.

خطوة حكومية جيدة

* هل تعتقد أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحتاج إلى دعم حكومي في ظل الأزمة المالية العالمية الراهنة؟
بالطبع يجب على الحكومة دعم القطاع الخاص في ظل هذه الأزمة لان خسارة هذه المؤسسات وإفلاسها سيؤثر في اقتصاد البلاد، واعتقد أن وقف تحصيل رسوم هيئة سوق العمل خطوة جيدة من الحكومة لدعم القطاع الخاص في الفترة الحالية.

* هل تواجهون مشاكل في تحصيل مبالغ المصنع من الشركات التي تتعاملون معها بعد الأزمة؟
لقد بدأت بعض الشركات دفع مبالغ قليلة من ديونها لعدم توافر سيولة كبيرة فبدلا من أن تدفع 10 الاف دينار، نحصل منها على 3 آلاف دينار فقط،ونضطر إلى الانتظار عليها لعلمنا بظروف السوق الحالية وامتناع البنوك عن منح القروض للتجار كالسابق، رغم أن ذلك يؤثر في تعاملاتنا وتجارتنا في السوق لأننا نعمل من دون سيولة حاليا.

* ما مدى خسائر مصنع الألمنيوم بعد كل هذه المشاكل التي تواجهونها؟

بدأت الإرباح تتراجع حتى وصلت إلى 50%، وهذا يشكل عبئا كبيرا علينا لأننا ملتزمون بمصروفات يجب أن ندفعها ورواتب للعمال ورسوم وإيجارات ورسوم تجديد تأشيرات ارتفعت إلى 200 دينار بعد أن كانت 150 دينارا فقط، لذلك يجب ان تنظر الحكومة في مشكلة تجار القطاع الخاص سريعا قبل أن يغلقوا محلاتهم ويعلنوا إفلاسهم.
ارتفاع الإيجار.

ولم يكن حال تجار الأثاث والانتيكات (التحف) بافضل حيث التقينا خالد يوسف محمد (صاحب محل أثاث جديد وقديم وتحف) وهو يعمل في هذه المهنة منذ 10 سنوات في محل على شارع البديع الذي يبدو أن تجارته لم تتأثر كثيرا في ظل الأزمة العالمية لأنه يعتمد في تجارته على بيع الأثاث القديم وبأسعار مخفضة وذلك يتناسب مع ظروف ذوي الدخل المحدود و تخوف الناس من دفع مبالغ كبير في الظروف الحالية، ولكن ذلك لم يمنعه من ترحيبه باقتراح وقف رسوم العمل والشكوى من ارتفاع رسوم هيئة سوق العمل على المؤسسات التي لا تتناسب مع الدخل على حد قوله لأنه يكفل 5 عمال بالإضافة إلى مصروفات المحل والإيجار البالغ 120 دينارا شهريا الذي سيرتفع مع بداية الشهر القادم إلى 400 دينار نتيجة لعدم وجود رقابة على هذه المحلات مما يجعل مصروفات المحل تصل إلى 1550 دينارا شهريا، وردد في حديثه (وفي ظل عدم وجود زبائن قد نتعرض للخسارة ومع ارتفاع الإيجارات قد نفلس مستقبلا).

* هل تأثرت تجارة بيع الأثاث القديم بالأزمة العالمية؟

بل على العكس اعتقد أن هذه التجارة أصبحت منتعشة أكثر من السابق التي أكثر زبائنها أجانب وبحرينيون من ذوي الدخل المحدود الذين يبحثون عن أثاث قديم بسعر منخفض ليواكبوا ارتفاع الأسعار والغلاء المعيشي. ولكن ذلك لا يمنع اننا بحاجة إلى دعم حكومي حتى لو كان بوقف تحصيل رسوم هيئة سوق العمل عن التجار.

تراجع سوق العقار

وكان للمقاولين رأي في الاقتراح النيابي بوقف تحصيل رسوم هيئة سوق العمل عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لأنهم يعانون الأمرين من هذه المشكلة لتشغيلهم أعدادا كبيرة من العمال قد تصل الى المئات فالمقاول جعفر إدريس اعتبر أن الاقتراح ممتاز ويجب أن يطبق بسرعة من اجل تخفيف العبء عن التجار والمقاولين نتيجة للركود في السوق العقاري وقلة الإقبال على مواد البناء في الظروف الحالية مؤكدا أن المقاول يضطر الى رفع أسعاره في ظل ارتفاع رسوم العمل والتأشيرات والمصاريف، وبدأ يتحدث عن مشكلته: التاجر يتعرض إلى كثير من الضغوط نتيجة المصروفات الكثيرة فبالنسبة إليّ يعمل في مؤسستي 11 عاملا بالإضافة إلى مصاريف الكهرباء والماء التي تبلغ 300 دينار، والـتأمينات الاجتماعية بالإضافة إلى عدم دفع الشركات المبالغ كاملة لعدم توافر السيولة، مما يجعل المقاول يرفع الأسعار مضطرا على الزبون ولكن مع وقف رسوم العمل وانخفاض المصاريف سيعمل المقاول على كسب الزبون من خلال خفض الأسعار مما يؤدي إلى انتعاش السوق مرة أخرى.

تسريح الموظفين

* ما مدى تراجع الارباح في تجارة البناء؟

هناك تراجع قد يصل الى 30 أو 40% تقريبا وهذا ناتج عن تراجع سوق العقار وتخوف الشركات من تدهور السوق في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة غير المعروفة وتوقف كثير من المشاريع للشركات الخاصة والحكومية. بالإضافة الى وقف البنوك منح القروض للشركات. وهذا يهدد بتسريح الموظفين في المستقبل وقد بدأ بعض المصانع والشركات العمل به لتدارك خسارتهم المالية.

ونتمنى على الحكومة أن تقوم بدعم القطاع الخاص بوقف تحصيل رسوم هيئة سوق العمل عن المؤسسات رفقا بها لمساعدتها على الاستمرار في السوق.

بطالة مستقبلية

وقد لاقى الاقتراح النيابي ترحيبا كبيرا في أوساط الكراجات الصغيرة التي يعمل أصحابها برأس مال صغير ويعتمدون على دخل الكراج في تسيير حياتهم المعيشية، فاحمد فردان صاحب كراج ويدير محلات الخياطة واللحم لأخواته البنات بدا فرحا بهذا الاقتراح وتمنى تحقيقه في القريب العاجل لأنه سيوفر عليه ما يعادل 150 دينارا شهريا لـ 9 عمال يعملون لديه وهو مبلغ يسد جزءا من احتياجاته من رواتب العمال، والإيجارات التي في ارتفاع مستمر ورسوم التأمينات، خاصة في ظل مزاحمة العمال الأجانب للبحرينيين وضعف الدخل اليومي وزيادة المصروفات على الأرباح وتراجعها بنسبة 40%، مما يهدد بعدم دفع رواتب للعمال البحرينيين والأجانب ثم تسريحهم في المستقبل.

وتمنى الفردان أن تقوم الحكومة بدعم هذه المؤسسات بإلغاء رسوم العمل حتى لا ينتهي بهم المطاف الى إغلاق المحل وإيجاد بطالة جديدة في المستقبل.