اتجاهات -فيصل الشيخ
أوردنا قبل أسبوعين من الآن عدة ملاحظات على أداء هيئة تنظيم سوق العمل، وبعد المقال الذي كان عنوانه ”ماذا يحصل في هيئة تنظيم سوق العمل” بأيام، جاءنا رد الهيئة الذي غلب عليه الطابع الإنشائي، والذي ابتعدت فيه عن الرد على النقاط المحددة التي أوردناها هنا بتغليف الرد بشعارات الشفافية والمواءمة مع المشروع الإصلاحي والرد دون أرقام أو توضيحات مقنعة. بشأن رد الهيئة، قمنا بالتعقيب المسهب مؤكدين على ملاحظاتنا في 19 نقطة، وطلبنا من القائمين على الهيئة تزويدنا بمعلومات تدعم موقفهم وما ردوا به علينا، لكن إلى الآن لم يصلنا أي شيء، وهنا نذكر بالمثل الشهير ”السكوت علامة الرضا”. فقط نريد أن نعرف رأي الهيئة في القول الذي يشير لكون المشروع ”انحرف عن مساره”، وهي المسألة التي أغفلها ردهم، وبصورة أراها متعمدة، وبقناعة أن الهيئة لا يمكن لها أن تدحض صحة هذا القول، والذي صدر عن صاحب المشروع نفسه سمو ولي العهد حفظه الله. قلت بأننا نشرنا 3٪ من تقرير مفصل طويل نمتلكه يتضمن العديد من التجاوزات في الهيئة، والبقية أرسلناها لجهة ”أمينة” في حرصها على مشاريع الدولة، وبدورها ستوصلها لصاحب المشروع سمو ولي العهد، والذي نجدد رفضنا التام أن يؤول مصير أي مشروع يقف وراءه سموه إلى الفشل. والكارثة هنا بأن الفشل سببه سوء إدارة و”مكابرة” لدى بعض القائمين على المشروع، والذين من خلال ردود فعلهم التي وصلتنا على ما تناولناه، لم نجد بينهم رجلاً حصيفاً يقر ويعترف بوجود أخطاء، ويشكر من يدله عليها، ويعد بالعمل على حلها. مناسبة تكرار طرق الشأن المعني بالهيئة، هو مقال الأخ العزيز محمد العثمان بالأمس، والذي تحدث فيه عن الهيئة أيضاً، ذاكراً ملاحظة بيناها سابقاً، معنية بإحلال الكفاءات وأصحاب المؤهلات في مواقعهم الصحيحة، لا بناء على العلاقات أو غيرها من المعايير التي لا نقبلها في زمن يفترض أن يسعى الجميع فيه إلى تفعيل مبادئ ”رؤية مملكة البحرين الاقتصادية ”2030 والتي تركز أحد أهم بنودها على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن أصحاب المؤهلات والكفاءات منهم هي الشريحة المطلوبة، التي تخدم من أجل صالح البلد لا من أجل مصلحتها الشخصية. الأخ العثمان أشار لمصيبة السلالم الكهربائية، وذكر رقماً صحيحاً متعلقاً بها، إذ هل يعقل أن يصرف مبلغ يصل إلى 350 ألف دينار على سلالم متحركة، وأزيد عليه أن يصرف ما قرابته مليون دينار (من ضمنه قيمة السلالم) على تهيئة موقف تابع أصلاً لوزارة من وزارات الدولة، أو تهيئة مبنى وتجميله هو أصلاً مبنى مؤجر من أحد الشخصيات؟! سأتجاوز حاجز الـ3٪ وأورد بعض الملاحظات أيضاً هنا: – ترقيات الموظفين والزيادات لا تخضع لمعايير واضحة، بل وفقاً لما ترتأيه الإدارة التنفيذية، وحين أقرت الحكومة زيادة الـ 15٪ تم تطبيقها على صغار الموظفين فقط وذلك لعدم امتلاك الهيئة لميزانية لتشمل جميع الموظفين. طبعاً بعد التجهيزات الرهيبة المتعوب عليها ”مالياً”، كيف يمكن زيادة الجميع. – مضى على الهيئة أكثر من 3 سنوات، وصدر قانونها في 29 مايو ,2006 ولغاية اليوم لا توجد لائحة لشؤون الموظفين، لأنها هيئة مستقلة لا تتبع ديوان المدنية. واللائحة الموجودة مقتبسة من بعض لوائح الوزارات، وتم صياغتها باللغة الإنجليزية، وتم اعتمادها من مجلس الإدارة، وهو أمر مخالف، لأنه يجب اعتمادها باللغة العربية، والآن يجري العمل على صياغتها باللغة العربية. ما يعني أن موظفين أصحاب أسر وبيوت يعيشون على كف عفريت لا يعرفون حقوقهم وواجباتهم. – حسب معلوماتنا فإن هناك استقالات لعدد من الكفاءات بعضهم من المؤسسين للعمل في الهيئة، وذلك بسبب سوء الإدارة وعمليات التهميش التي طالتهم. وبودنا أن يتم تزويدنا بأسماء هذه الكفاءات، أين ذهبت، والأهم لماذا ذهبت؟! أمور عديدة يمكن الحديث عنها بشأن الهيئة آخرها عملية عودة إصدار البطاقة السكانية للأجانب إلى الجهاز المركزي للمعلومات، وهي المسألة التي نشرناها هنا في ”الوطن”، والتي بين الخبر المنسوب لمتحدثة في الجهاز المركزي بأنه جاء بناء على طلب الهيئة. والسؤال البديهي هنا :”لماذا طلبت الهيئة التخلي عن مسؤولية إصدار البطاقات؟!”. والإجابة سهلة جداً، لأن سياسة ”التكويش” على كل المعاملات وبالأسلوب الذي انتهجته الهيئة، بين أن العملية تمت دون دراسة حصيفة للمسألة، ومدى إمكانية تطبيقها، بالتالي كان الفشل في إدارة العملية بصورة صحيحة، الأمر الذي أدى لأن تأخذ هذه المعاملة فترة زمنية أطول مما كانت تقتضيه سابقاً. هنا، يجوز لنا أن نقول بأن ما حصل يعتبر فشلاً حققته الهيئة في هذا الجانب، بمعنى أن إعادة الوضع لما كان عليه سابقاً، بعد أن يفترض أنه تغير للأفضل، لا يفسر إلا بأن الخطوة التي اتخذت شابتها أمور قادتها للسير عكس ما تشتهيه الرياح. يضاف إلى ذلك حالة التظاهر التي جرت خارج مبنى الهيئة لمتعاملين ومستفيدين من خدماتها، ورغم أنني أستبعد نزول أحد من المسؤولين من الهيئة لمجموعة المتظاهرين ليعرف مطالبهم ويأخذ ورقة أو ملاحظات تتضمن رؤاهم، إلا أنه بودنا سؤال الإخوة في الهيئة عن السبب الذي يؤدي بمجموعة من المتعاملين لإعلان حالة الغضب هذه، ولماذا هم مستاؤون أصلاً، والهيئة تعلن بين الفترة والأخرى عما تحققه من ”إنجازات”!! مازلنا ننتظر الرد والتوضيحات والأدلة من الهيئة، والتي نذكرها فقط بأن الردود يجب أن تكون مبنية على الوقائع، لا على التطريز الإنشائي، أو بلهجة مدفوعة بما يعتمل في نفوس بعض المعنيين بالملاحظات، والذين مارسوا أسلوب الشتم والتحقير في أروقة المكاتب ما يدلل على أنهم بالفعل ”كفاءات” تؤمن ”بالمشروع الإصلاحي”!! وسط هذا كله أتساءل مستغرباً: ”أين رئيس مجلس إدارة الهيئة الدكتور مجيد العلوي من كل ما يحصل؟! وهل هو موافق على ما يحصل؟!”