أكدوا أن ظروفهم جيدة.. وشركاتهم طمأنتهم على المستقبل
المغتربون في البحرين: لا نخشى «التفنيشات»
الوقت – مازن النسور:
يعيش المغتربون العاملون في الخليج حالة من الرعب والخوف من فقدان مصدر رزقهم، بعد ان طالت التسريحات معظم القطاعات من جراء تأثرها بالأزمة الاقتصادية، التي أوقفت المشروعات، وطاحت بأرباح المؤسسات وقلبت الأسواق رأسا على عقب.
لكن المتتبع لأحوال دول الخليج قد يجد ان هناك تفاوتا كبيرا في حجم هذه المشكلات، فعندما نجد ان الإمارات أو دبي تحديدا، ترزح تحت وطأة الأزمة التي خلفت دمارا وعطلت العمل وأوقفت عجلة الاقتصاد، ما أدى الى الاستغناء عن عشرات الآلاف من الموظفين، نرى ان البحرين تقف في الجهة المقابلة تماما… تأثير طفيف، و”تفنيشات” بالكاد تذكر، وتباطؤ بالنمو من دون توقف تام.يؤكد عاملون أجانب وعربا في قطاعات مختلفة في البحرين انهم قلقوا بداية الأمر، أي عندما اشتدت الأزمة المالية في نهاية العام الماضي، لكنهم باتوا الآن متيقنين بأن السوق ستتجاوز الظروف وان كانت ”كالحة”، والأمور ستعود الى سابق عهدها بعد اتضاح الرؤية، مع بعض الاستثناءات التي قد تكون المصارف على رأسها.
ولم نسمع عن توقف مشروعات كبرى في البحرين، سوى منتجع السلام الذي يقام على الساحل الجنوبي للمملكة، وهو -للمصادفة- يعود الى شركة سما دبي الإماراتية، إلا ان كثيرا من الشركات أرجأت خططا وبرامج كان من المزمع تنفيذها العام الجاري، بسبب الظروف الاقتصادية السائدة، وهو ما يعتبر طبيعيا جدا.
وكانت سما دبي قررت إلغاء مشروع ”منتجع السلام” البالغة كلفته 002 مليون دينار، ما أدى الى الاستغناء عن 4 آلاف عامل.
لكن من المعلوم ان جميع هذه الوظائف تعود الى عمالة مقاولات آسيوية.
مغتربون غير قلقين
ويوضح ليث سعدي، وهو مهندس سوري، يعمل في إحدى شركات المقاولات ان ”الشركة طمأنته هو ومن معه من الموظفين، بأنها لن تستغني عن اي أحد، (…) الظروف صعبة ولكنها ستنتهي”.
وبيّن انه في بداية الأمر شعر بالقلق وبدأ بإجراءات تسفير زوجته وأولاده، واستعد لإنهاء خدماته، لكن ما حدث كان العكس تماما”.
ويؤكد سعدي، الذي يعيش في البحرين منذ 7 سنوات ان ”الظروف جيدة، قياسا بما يحدث في دول خليجية أخرى، (…) الراتب أصبح يتأخر بعض الشيء لكنه يأتي في النهاية”.
وهو ما أيده به حامد الزعبي، الذي يعمل في إحدى الشركات الغذائية، مؤكدا ان ”الشركة لم تشعره بأي شيء غير طبيعي، (…) العمل يسير كالمعتاد، فلا خوف ولا قلق”.
ويشير الزعبي وهو اردني، متخصص في مجال المبيعات، ان ”الظروف الاقتصادية صعبة، ومسؤولو الشركة أكدوا مرارا ان السيولة تراجعت، لكن ذلك لن يؤثر على وضع الموظفين، إلا أنهم ألمحوا لعدم وجود علاوة (بونس) أو زيادة هذا العام”.
لكن لأحمد سهيل الذي يعمل فني صيانة آلات ثقيلة، قصة أخرى.. يقول ”كنت محظوظا، فالشركة استغنت عن أربع وظائف، لم أكن واحدا من أصحابها.. يتنهد ويحمد الله”.
وأوضح ان ”العمل تقلص، والشركة أغلقت احدى ورشاتها الخمس، ما اضطرها الى انهاء عقود العاملين فيها، وجميعهم من الهنود، (…) لاحظنا ان رب العمل فضل الإبقاء على العرب”.
ومن المعلوم ان السوق البحرينية لم تتأثر الى الآن بشكل كبير، باستثناء قطاع البنوك، حيث أعلنت كثير من المصارف عن خسائر في الربع الرابع، وعن تراجع في الأرباح.
وكان بنك إنفستكورب ألغى 90 وظيفة في نهاية العام الماضي، لدى مكاتبه في لندن ونيويورك والمنامة، أي نحو 20% من القوة العاملة لديه. ووصل عدد المسرّحين في البحرين 28 موظفا، بينهم 13 مواطنا. كما أعلن بنك أدكس هو الآخر استغنائه عن بعض الوظائف.
إلى ذلك، قال رئيس جمعية التأمين البحرينية اشرف بسيسو ان ”شركات التأمين البحرينية لم تتأثر بشكل مباشر بتداعيات الأزمة المالية، وانه الى الآن لم يحدث اي حالات استغناء عن موظفين”.
لكن بسيسو أكد صعوبة التكهن بشأن موضوع التسريحات في القطاع خلال العام الجاري الذي وصفه بـ”الصعب”، إلا انه استبعد حدوث شيء كبير بحيث يشير الى ظاهرة ”الوضع صعب لكن التأمين لن يحدث به ما حدث في البنوك”.
وأوضح ان ”بعض المحافظ تأثرت بسبب الانكماش الاقتصادي، لكن الشركات البحرينية لديها نسبة عالية من السيولة”.
وتابع بسيسو ”قد تعيد بعض الشركات هيكلتها وقد لا تستحدث وظائف جديدة، لكنني لا أتوقع حدوث تسريحات”.
من جهته، قال مدير شركة الحمد للمقاولات في البحرين، خالد مقطش ان ”المشروعات التي تنفذها شركته في المملكة لم تتأثر على الإطلاق، فالعمل يسير بحسب المخطط”.
أوضح ان ”الأعمال التي تنفذها الشركة مستمرة لمدة عامين أو ثلاثة أعوام على أقل تقدير، (…) لذلك لن نستغني عن أي عامل او موظف فنحن بحاجة لهم جميعا”.
وتضمّ شركة الحمد المتخصصة في إنشاء العمارات والأبراج السكنية والتجارية المرتفعة نحو 6 آلاف عامل، في حين تبلغ حجم مشروعاتها نحو 350 مليون دينار.
وعن العقود الجديدة، أكد مقطش ان ”شركته لم تبرم إلى الآن عقودا جديدة”، لكنه عاد ليؤكد انها ليست بحاجة للعقود، فأعمالها كثيرة وقد لا تستطيع الدخول في مشروعات جديدة”.
ونعتقد بأن تأثير تداعيات الأزمة المالية على سوق العمل البحرينية سيكون طفيفا، إلا انها قد لا تكون قادرة على خلق فرص ووظائف جديدة.
في الإمارات وضع مختلف
لكن في الإمارات -كنموذج- فإن الوضع مختلف، حيث قدرت مصادر اقتصادية ان تكون الشركات استغنت منذ سبتمبر/أيلول الماضي عن اكثر من 45 ألف موظف، متوقعة ارتفاع العدد إلى 120 ألفا في العام الجاري، بسبب إلغاء وتأجيل مشروعات في المنطقة، التي تحولت في السنوات القليلة الماضية، بفضل مشروعات ضخمة في العقارات والسياحة والتجزئة، إلى مركز جذب عالمي لأعداد كبيرة من العاملين الأجانب.
وقالت المصادر ذاتها ان اكثر من 1500 تصريح عمل وتأشيرات مرتبطة به تُلغى في دبي يومياً، في وقت تقوم فيه الشركات بتسريح عامليها في ظل التأثيرات السلبية الناجمة عن الأزمة المالية التي امتدت آثارها إلى منطقة الخليج.
ويقول تقرير لجريدة ”الحياة” اللندنية ان اعداد السيارات المركونة في ساحات مطار دبي الدولي تزايدت، حيث تركها أصحابها بعد الاستغناء عن خدماتهم من قبل الشركات التي كانوا يعملون فيها في الإمارة، ولم يتمكنوا من سداد قيمة قروضها أو بيعها قبل مغادرتهم إلى بلادهم الأم.
وقدرت الصحيفة قيمة المشروعات الملغاة في المنطقة بأكثر من 150 مليار دولار، معظمها لشركات كبيرة.
وتوقع تقرير أصدرته مؤسسة ”ادفانتج” للاستشارات الإدارية ان يشهد العام 2009 تراجعاً بمعدلات توظيف العاملين الوافدين في دول الخليج بين 26% و30%.
ويتوقع اقتصاديون تباطؤاً حاداً في النمو الاقتصادي في دول الخليج العام ،2010 مع خفض انتاج ”أوبك” من النفط لتحسين الأسعار المتهاوية، التي تراجعت أكثر من مئة دولار للبرميل منذ منتصف العام 2007.
ويرى محللون أن الاستغناء عن العاملين الوافدين، في منطقة يشكل الأجانب فيها نحو 80% من القوى العاملة، سينعكس سلباً على الاقتصاد الحقيقي في المنطقة، حيث إن النمو السريع في الوظائف، كان عاملاً رئيساً في نمو استهلاك الأفراد في السنوات الأخيرة واستغنت كبرى الشركات العقارية في دبي، مثل ”إعمار” و”نخيل” و”تعمير” و”داماك”، عن اكثر من ألفي موظف، معظمهم في قطاع التسويق، بعد تراجع الطلب على العقارات بأكثر من 40%.
وتوقع مسؤولو تشغيل تراجع عدد العاملين الوافدين إلى دول الخليج هذه السنة بنحو 30%، مع اشتداد الأزمة المالية، خصوصاً في الإمارات وقطر والكويت، علماً ان عدد الوافدين في المنطقة تجاوز 14 مليوناً من إجمالي عدد السكان البالغ 35 مليون نسمة.
وانطلقت حركة فصل العاملين في الخليج من الإمارات، خصوصاً دبي، التي يبدو أنها الأكثر تضرراً من الأزمة المالية بين دول المنطقة. وتواجه الشركات في الكويت الأزمة المالية، بإنهاء خدمات 40% من موظفيها، فيما فرضت أخرى على بعض موظفيها إجازات إجبارية تمتد شهوراً.
سوق العمل البحريني
وتصل نسبة البطالة في البحرين، بحسب وزير العمل مجيد العلوي إلى 3%، بواقع 4 آلاف شخص، 90% منهم نساء.
وكانت هيئة تنظيم سوق العمل أعلنت في 14 الشهر الجاري عن تراجع إصدار تأشيرات العمل بنسبة 69% مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2007 فيما تعرضت عملية تجديد تأشيرات العمل لتراجع نسبته 40,6% عن الفترة نفسها.
ولفتت الهيئة في تحليلها لمؤشرات سوق العمل للربع الثالث من العام الماضي إلى انخفاض نسبة البحرنة للفترة نفسها بنسبة 2%، رغم ارتفاعها نسبياً بما معدله 80% في القطاع العام، و21% في الخاص، مشيرة إلى نمو عدد العمال الأجانب إلى 417,4 ألف عامل بواقع 13%، فيما بلغ عدد البحرينيين 134,7 ألف عامل، بنسبة نمو قدرها 3,5%.
وأشارت الهيئة إلى أن مجموع المواطنين الذين يتقاضون أجوراً أساسية تقل عن 200 دينار في القطاعين العام والخاص يصل إلى 14 ألف موظف، منهم 7226 موظفاً (51%) و6818 موظفة (49%).
وفيما يتعلق بالوظائف الشاغرة، أكدت الهيئة أن وزارة العمل، سجلت 7944 وظيفة في بنك الشواغر لديها (60% منها مخصصة للذكور، 7% للإناث، و33% للجنسين معاً)، مقابل معادلة غير متجانسة تتمثل في ارتفاع نسبة الإناث في مجموع العاطلين عن العمل التي تصل إلى 75%.
أسواق خليجية
أعلنت جهات حكومية اتحادية ومحلية اماراتية عن مساعيهـــا الراميـــة إلى توظيف أكثر من 5 آلاف باحث عن العمــل من المواطنين والمواطنات في العام الجاري، وذلك من مجموع نحو 38 ألف باحـث عن العمـــل مقيدين لدى الجهات المعنية.
وبحسب آخر تحديث أجرته هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية نهاية الأسبوع الماضي، فإن قاعدة بيانات الباحثين عن العمل المقيدين لديها تضم 12314 باحثا عن العمل من بينهم 9,5 ألف مواطنة و2,81 ألف مواطن في دبي والإمارات الشمالية.