باريس – (أ ف ب): حذر مكتب العمل الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من أن البطالة قد تطاول ما بين 20 و 25 مليون شخص إضافي في العالم بحلول2010 ما سيرفع عدد العاطلين عن العمر في نهاية 2009 إلى مستوى قياسي قدره 210 ملايين شخص. وتتفشى البطالة في كل أنحاء العالم تحت تأثير الأزمة الاقتصادية والمالية، وتسجل انتشاراً أسرع في البلدان، حيث تعاني اليد العاملة من ظروف عمل غير مستقرة، ما يزيد من حدة التفاوت الاقتصادي مضراً بالموظفين الشبان والعمال المتقدمين في السن أو الموقتين.
وسجلت سوق العمل انتكاسة مفاجئة بعدما تراجعت نسبة البطالة في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية للعام 2007 إلى 5.6 %، وهي أدنى نسبة تسجل في هذه المنطقة منذ 1980.
وخسر العديد من الموظفين عملهم منذ نهاية 2007 في الولايات المتحدة وايرلندا وإسبانيا، وهي دول شهدت ازدهار السوق العقارية مفيدة من حركة اقتراض.
واتسعت موجة انتشار البطالة بعدها لتطاول لعام 2008 ، معظم الاقتصادات الكبرى في العالم ووصلت حتى إلى ألمانيا منذ ديسمبر الماضي.
وتعاقبت إعلانات تسريح أعداد من الموظفين في قطاعات اقتصادية عدة منها المصارف وقطاع البناء والأشغال العامة وصناعة السيارات وصناعة الصلب والاتصالات، إلى حد حمل بعض النقابيين على اتهام الشركات بالتذرع أحياناً بالأزمة لتسريح موظفين.
وقال مدير معهد الدراسات الاجتماعية في مكتب العمل الدولي ريمون توريس ، إنه مع العولمة ‘’انتشرت (البطالة) بما في ذلك إلى الدول التي لم تكن ارتكبت تجاوزات على الصعيد المالي’’.
وأوضح ‘’اضافة الى الدول المعنية مباشرة بالازمة المالية والدول التي كانت اساساً تسجل تباطؤاً اقتصادياً، فقد طاولت الظاهرة دولا تعتمد على البلدان الأخرى لجهة حركة التصدير مثل الصين، او لجهة انتقال النازحين مثل المكسيك’’.
وتابع ان ‘’تزايد البطالة سيطاول من حيث مداه العالم بأسره، لكن الاكثر عرضة (للبطالة) مثل الشبان او العمال الاقل كفاءة، سيجدون صعوبة اكبر في العثور على وظيفة لائقة بعد الازمة’’، مشيراً الى ان ‘’البطالة تنتشر بسرعة اكبر في البلدان التي تسجل حيزاً اكبر من العقود المؤقتة’’.
واعتبر رئيس قسم التحليل وسياسة التوظيف في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ستيفانو سكاربيتا ، ان تزايد البطالة الذي كان اسرع مما توقع، ويعود ذلك الى مدى الانكماش الاقتصادي الذي وصفه بانه ‘’لافت من حيث حجمه وما يرافقه من غموض’’، مضيفاً انه ‘’قد يكون اسوأ من العام 1993‘’.
وقال ان ‘’اول من سيعاني منه هم العمال الموقتون’’، مشيراً ايضاً الى ‘’الشبان والعمال المتقدمين في السن او المهاجرين او ذوي الكفاءات الضعيفة’’، وهم ‘’كانوا يواجهون صعوبات هائلة في بعض البلدان حتى قبل الازمة’’. وفي بريطانيا، يعتبر الشبان من الاكثر تضرراً جراء بطالة عادت الى المستوى الذي كانت عليه عام ،1999 والامر نفسه ينطبق على السويد التي تتوقع اسوأ انكماش اقتصادي منذ ثلاثين سنة.
وفي إسبانيا التي نجحت خلال 13 سنة في خفض نسبة البطالة الى الثلث، فقد سجل تزايد حاد في البطالة عام 2008 ساهمت فيه اعداد عمال البناء غير المؤهلين والمهاجرين بمعظمهم.
وفي الصين اخيراً، عاد حوالى ستة ملايين نازح الى قراهم واريافهم بعدما فقدوا اعمالهم في المدن، اما في اليابان، حيث يعمل ثلث الموظفين بصورة مؤقتة او بموجب عقود محددة المدة (ثاني اعلى نسبة بعد هولندا)، فإن ما لا يقل عن 85 الف موظف موقت معظمهم من المهاجرين ولا سيما من البرازيل فقدوا او سيفقدون وظائفهم بحلول مارس المقبل.
ويساهم حجم الخدمات المتزايد في اقتصادات الدول الغنية في اتساع ظاهرة البطالة لتطاول موظفين من خارج قطاعي البناء والتصنيع.
وفي الولايات المتحدة، حيث خسر 2,6 مليون موظف اعمالهم العام 2008 وذلك للمرة الاولى منذ 1945 فتركز حوالى ثلثي الوظائف المفقودة في قطاع الخدمات. ووصلت نسبة البطالة في ديسمبر الماضي الى 7.2 % وهو اعلى مستوى يسجل منذ يناير الماضي، 1993 في حين تتوقع بريطانيا ان تطاول الازمة التي انطلقت من القطاع المالي الموظفين الاداريين ايضاً. وفي أوروبا واصلت الشركات إعلان إلغاء وظائف حيث شطبت شركة ‘’كوروس’’ العملاقة للصلب والمملوكة لمستثمرين هنود أمس 3500 وظيفة في مصانعها حول العالم منها 2500 وظيفة في بريطانيا. وتوظف المجموعة الإنجليزية الهولندية العملاقة التي اشترتها مجموعة ‘’تاتا جروب’’ الهندية قبل عامين 42 ألف عامل حول العالم منهم 24 ألفا يعملون في بريطانيا. وقالت ‘’كوروس’’ إن إجراءات خفض التكلفة ستشمل إغلاق مصنع في ‘’ساوث واليس’’، وإعادة هيكلة أجزاء من نشاطها.