غموض يتيح تعدد وجهات النظر في اتفاقية دولية
استقرار العمالة فترات طويلة يهيئ الظروف للمطالبة بالجنسية
اعتبرت دراسة صدرت حديثاً أن ميل العمالة الوافدة في منطقة الخليج إلى الاستقرار لفترات طويلة «سيخلق وضعاً مقلقاً في المنطقة، من حيث تهيئة الظروف لها للمطالبة باكتساب الجنسية».
ولفتت الدراسة التي أصدرها المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية الخليجي، إلى أن «الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وإن كانت تخلو من نصوص تقر للمهاجر بالحق في اكتساب جنسية دولة الاستقبال، إلا أن التصديق عليها سيعزز الظروف التي تشجع على تجنيس المهاجرين».
واعتبرت الدراسة أن ذلك «سيكون نتيجة الإقامة فترات طويلة من الزمن بهدف اكتساب الحقوق المترتبة على الخدمة الطويلة وفقاً لأحكام قانون العمل والتأمينات الاجتماعية وقوانين الجنسية، وكذلك نتيجة لمّ شمل أسر المهاجرين ومن ثم ولادة (الأجيال الثانية) من المهاجرين على أرض دولة الاستقبال».صياغة الاتفاقية بشكل سياسي
وخلصت الدراسة التي أعدها القطاع العمالي في المكتب لأحكام الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، إلى أن «صياغة الاتفاقية جاءت بشكل سياسي، وهو ما أدى إلى اكتناف عباراتها كثيراً من الغموض المقصود، وبالتالي تحتمل كثيراً من التفسيرات والتأويلات، وتتيح إمكان تعدد وجهات النظر بشأن كل نص منها».
وأشارت الدراسة إلى أن «الاتفاقية راعت في نصوصها بشكل واضح مصلحة العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وغلبتها على مصالح دول الاستقبال»، التي تعد دول الخليج أبرزها.
وتابعت «إذا كان هذا المنهج يمكن أن يجد له ما يبرره – نظرياً على الأقل – فإن عدم الموازنة بين مصالح كل الأطراف، كان وسيظل السبب الرئيس في عدم تقبل الاتفاقية دولياً، وهذا ما يفسر ضآلة عدد التصديقات عليها حتى الآن».
وتعتبر الاتفاقية الدولية لحماية جميع حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التي اعتمدت بقرار الجمعية العامة (45/158 المؤرخ في 18 ديسمبر/ كانون الأول 1990) أهم اتفاقية تعترف بحقوق المهاجرين وأسرهم وتضع آليات لحماية دولية مناسبة لحقوقهم، وهي تنطبق على جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم من دون تمييز من أي نوع.
وتنص المادة الخامسة من هذه الاتفاقية على أن العمال المهاجرين وأفراد أسرهم «يعتبرون حائزين للوثائق اللازمة أو في وضع نظامي إذا أذن لهم بالدخول أو الإقامة ومزاولة نشاط مقابل أجر في دولة بموجب قانون تلك الدولة وبموجب اتفاقات دولية تكون تلك الدولة طرفاً فيها، ويعتبرون غير حائزين للوثائق اللازمة أو في وضع غير نظامي إذا لم يمتثلوا للشروط المنصوص عليها في الفقرة الفرعية (أ) من هذه المادة».
وهذا يعني أن نطاق هذه الاتفاقية يشمل العمال المهاجرين الموجودين في وضع غير نظامي وليست لديهم الوثائق اللازمة.
تحفظ بعض الدول على بنود الاتفاقية
وأكدت الدراسة أن «منهج الاتفاقية في حماية العمالة المهاجرة هجرة غير شرعية، يمكن أن يترتب عليه تشجيع العمال على الهجرة غير الشرعية، وهذا ما يتنافى مع أحد مقاصدها الرئيسة المتمثلة في الحد من هذا النوع من الهجرة».
وبحسب الدراسة، فإن التصديق المحدود على الاتفاقية لم يحل دون تحفظ بعض الدول على جملة بنودها، فعلى سبيل المثال تحفظت مصر على المادة (4) من الاتفاقية حول أفراد العائلة، وحددتهم الاتفاقية بالأشخاص المرتبطين بالزواج مع المهاجر أو بعلاقة تكافئ الزواج طبقاً للقانون النافذ، وكذلك الأطفال القصر والآخرين الذين يعيلهم ومعترف بهم كأفراد العائلة حسب القانون المرعي أو الاتفاقات الثنائية أو متعددة الأطراف ما بين البلدان المعنية، كما عبرت عن تحفظها على المادة (18) فقرة (6) التي تقر تعويض المهاجر عندما يصدر في حقه حكم قضائي يظهر بطلانه بعد ذلك.
أما المغرب فقد تحفظت على المادة (92) فقرة (1) التي تقرر اللجوء إلى التحكيم عند اختلاف بلدين أو أكثر في تفسير أحكام الاتفاقية أو تطبيقاتها، ويكفي لذلك طلب أحد الأطراف للتحكيم، وتصر المغرب على أن الطلب بالتحكيم لا يكون إلا برغبة جميع الأطراف المشاركة في النزاع.
ومن جملة الدول التي تحفظت على بنود الاتفاقية أيضاً الجزائر، نيكاراغوا، تركيا وسيريلانكا.