بقلم د. جاسم العجمي:
واصل سوق العمل نموه القوي خلال الفصل الثاني من العام الحالي محققا معدل نمو وصل إلى ٥,٥ في المائة، متجاوزا ما تم تحقيقه خلال الربع الثاني من العام الماضي البالغ ٩,٢ في المائة، ويعكس هذا النمو الأداء الذي يحققه الاقتصاد البحريني ومستوى الاستثمار المباشر الذي بدأ الاقتصاد البحريني حصاده منذ سنوات خلت، وقد أوصل هذا النمو حجم توظيف العمل في الاقتصاد البحريني إلى حوالي ٣٣٤ ألفاً، بعد أن استطاع الاقتصاد البحريني توفير صافي وظائف بلغ عددها خلال النصف الأول من العام الحالي ٧٦١,٣٥ ألف وظيفة، جاء ذلك في نشرة المؤشرات الاقتصادية التي أصدرها مصرف البحرين المركزي مؤخرا.
وقد حافظ سوق العمل على هيكله السابق من خلال استحواذ القطاع الخاص على حوالي ١٩ في المائة من حجم الوظائف تاركا البقية للقطاع الخاص، بعد أن كانت حصة القطاع الخاص من حجم التوظيف في نهاية عام ٥٠٠٢ في حدود ٩,٨٨ في المائة، ويؤشر ذلك على الدور المحوري الذي يقوم به القطاع الخاص في الاقتصاد البحرين المتوافق مع الإستراتيجية الاقتصادية للمملكة التي تعطي هذا القطاع المزيد من الفرص للعب دور أكبر في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية.
بلغت حصة البحرينيين من حجم التوظيف في نهاية شهر يونيو المنصرم ٢٢٥,٠١١ ألف وهو ما يمثل ٥٥,٥٢ في المائة، منخفضة مما كانت عليه في نهاية عام ٧٠٠٢ البالغة ١١,١٣ في المائة، بالرغم من ارتفاع عدد البحرين العاملين بحوالي ٦ آلاف خلال العامين والنصف المنتهيين، وذلك إلى نمو عدد غير البحرينيين العاملين بمستوى أسرع من نمو عدد العاملين البحرينيين، وبالرغم من عدم توافر إحصائيات تفصيلية عن التغير في حجم التوظيف في القطاعات الاقتصادية المكونة للاقتصاد البحريني، إلا أن استمرار استحواذ العمالة غير البحرينية على الحصة الأكبر يرجع بالأساس إلى أغلب الوظائف التي يتم خلقها من قبل القطاع الخاص لا تستهوي المواطنين البحرينيين نتيجة للعديد من الأسباب مثل انخفاض رواتب هذه الوظائف وبيئة العمل التي تتميز بالشدة مثل قطاع المقاولات، وتساهم طبيعة الاستثمارات التي يشهدها الاقتصاد البحريني التي في أغلبها تذهب إلى قطاعي العقار والبنية التحتية مثل الطرق وغيرها. وبلغت نسبة الوظائف التي شغلها البحرينيون التي خلقها القطاع الخاص من عدد الوظائف التي استحوذ عليه البحرينيين منذ نهاية عام ٥٠٠٢ حتى نهاية شهر يونيو ٨٠٠٢ أكثر من ٠٨ في المائة، ان استمرار هذا الاتجاه خلال الأعوام القليلة الماضية سوف يرفع من نسبة حصة البحرينيين من تلك التي يخلقها القطاع التي تجتذب البحرينيين، إلا أن ذلك مرتبط إلى حد كبير إلى المزيد من التأهيل وتطوير المهارات التي تحتاجها هذه الوظائف ويمكن أن يتم ذلك من خلال انخراط الشباب البحريني في برامج التدريب وتطوير التعليم العالي بما يساعد على رفد سوق العمل بخريجين يمتلكون المهارات التي يحتاجها سوق العمل في المستقبل.
ومن الشواهد الايجابية التي يمكن ملاحظاتها عن تحليل إحصائيات العمل هو عدد النساء العاملات في كل من القطاعين العام والخاص، فقد ارتفع عدد العاملات البحرينيات من ٤٦٥,٣٣ ألف في نهاية عام ٥٠٠٢ إلى ٣٣٠,٧٣ ألف في نهاية شهر يونيو الماضي، موزعين بين القطاعين الخاص والعام بحوالي ٧٥ في المائة و٣٤ في المائة على التوالي في نهاية النصف الأول من العام الحالي، في الوقت الذي كانت نسبة العاملات البحرينيات إلى إجمالي العاملات البحرينيات في نهاية عام ٥٠٠٢ في القطاع الخاص حوالي ٩٨,٥٥ في المائة، وبالرغم من ارتفاع مساهمة المرأة في سوق العمل إلا نسبتهم من إجمالي الوظائف انخفض من ٧٩,٩ في المائة في نهاية عام ٥٠٠٢ إلى ٦٥,٨ في المائة في نهاية شهر يونيو الماضي، ويرجع ذلك إلى متوسط معدل نمو العاملين يتجاوز معدل نمو مساهمة العاملات البحرينيات. إلا أنه يلاحظ في الوقت الذي انخفض فيه عدد العاملين البحرينيين من الرجال والعاملين غير البحرينيين (نساء ورجال) في القطاع العام، ارتفع عدد العاملات البحرينيات، ويتوقع أن يرتفع عدد العاملات البحرينيات خلال الربع الثالث من خلال ارتفاع عدد البحرينيات في القطاع التعليمي العام. وم
ع ازدياد عدد الخريجات من مؤسسات التعليم العالي وتميزهم واستعداد المزيد منهم للالتحاق بالقطاع الخاص يتوقع أن نشهد نمواً في عدد العاملات البحرينيات يتجاوز ما شهدناه في السابق، إلا أن رفع مستوى مساهمة المرأة بما يعكس الطاقات الكامنة لديها فإننا نحتاج إلى تهيئة بيئة مواتية لذلك من خلال توفير العديد من الخدمات التي تحتاجها العائلة البحرينية والتي تتحمل المرأة مسئوليتها، وأن تكون أسعار هذه الخدمات في متناول المرأة العاملة.